TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > متطلبات الأمن البيئي

متطلبات الأمن البيئي

نشر في: 16 يوليو, 2010: 06:41 م

إيمان محسن جاسمتلوث البيئة ليس بالموضوع الجديد، إذ أنه ارتبط بالثورة الصناعية في العالم الغربي وما أفضت إليه من تلوث للهواء والماء والتربة واستنزاف للموارد الطبيعية، إلا أن مكافحة هذا التلوث لم تكن تمثل قضية أمنية وكان التركيز في مرحلة الحرب الباردة على التهديدات العسكرية وهو ما ظهر في سباق تسلح محموم بين المعسكرين الشرقي والغربي، وبانتهاء الحرب الباردة اختفت المهددات العسكرية،
 فبرزت مهددات أخرى اقتصادية وبيئية، وأضحت مكافحة تلوث البيئة تحتل موقعا في السياسات العامة للدول، حتى أن بعض الدول خصصت وزارة لشؤون البيئة كما هو في العراق ما بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة. وعلى الصعيد العالمي، نشطت الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ومنظمات السلام الأخضر في وضع أسس لحماية البيئة والحفاظ على التنوع الحيوي ووضع حد لاستنزاف الموارد الطبيعية وقد تجلى ذلك بوضوح في المؤتمرات الدولية التي عقدت لبحث قضايا بيئية مثل مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في شهر حزيران عام 1992م، مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي عقد في برلين الألمانية في الفترة من 28 آذار إلى 7 نيسان 1995م، وقد ناقش المؤتمر الأول فكرة إبرام معاهدة لمواجهة ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وأخرى لحماية التنوع الحيوي، بينما ناقش الثاني التدابير الواجب اتخاذها لتقليل انبعاث الغازات التي تتسبب في ارتفاع حرارة الأرض بعد عام 2000 إلى مستواها الذي كانت عليه عام1990م، وبالإضافة إلى المؤتمرات الدولية، توجد الآن  هيئات عالمية تعنى بشؤون البيئة مثل الهيئة العالمية الفرنسية-السويسرية، هيئة الراين العالمية، برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة، وفي الغرب يوجد اليوم ما يزيد على 120ألف هيئة أو مؤسسة من أصدقاء البيئة، ويوجد في الدول النامية أكثر من 200 منظمة غير حكومية،وأصبحت للبيئة أحزاب سياسية خاضت الانتخابات النيابية في دول مثل المانيا وبريطانيا، وتوجد الآن شبكة عالمية لمراقبة المناخ تتألف من عشر محطات أساسية في المناطق المصابة بالتلوث تابعة لبرنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة. إن هذا الاهتمام العالمي بمشكلات البيئة أصبح يعبر عنه في الدراسات الإستراتيجية بمصطلح أمن البيئة وقد تبنت إدارة كلينتون بالولايات المتحدة هذا المصطلح كجزء من مبادئ الأمن الوطني للولايات المتحدة الأميركية ويتناول مفهوم الأمن البيئي مسألتين: الأولى هي العوامل البيئية التي تقف خلف النزاعات العنيفة سواء أكانت نزاعات عرقية أم إقليمية والثانية تتمثل في تأثير التدهور البيئي العالمي على رفاهية المجتمعات والتنمية الاقتصادية وتتلخص الفرضية التي انبثق عنها مفهوم أمن البيئة في أن الضغط المتزايد على نظم دعم الحياة في الكرة الأرضية والاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية المتجددة يحملان أخطارًا تهدد صحة الإنسان ورفاهيته لا تقل في درجتها عن الأخطار العسكرية التقليدية. ويتعامل الأمن البيئي مع أخطار تتطور ببطء شديد مقارنة بالأخطار العسكرية لذلك فان المدى الزمني المطلوب لتخطيط سياسات حماية البيئة طويل جداً وكذلك نتائج هذه السياسات لا تظهر إلا في الأجل الطويل فإذا كان من الممكن لسياسة دفاعية تقوم على قوة عسكرية مقتدرة ومسلحة بأسلحة عالية التقنية وجيدة التدريب أن تؤتي ثمارها في فترة محدودة في الحفاظ على أمن وسيادة البلاد تجاه عدوان خارجي،فان السياسات الرامية إلى إصلاح طبقة الأوزون قد تستغرق حوالي100 عام للحصول على نتائج، وكذلك السياسات الخاصة بإبطاء درجة حرارة الأرض والتي قد تستغرق وقتا أطول من ذلك وهذه الآفاق الزمنية تمثل عقبة كبرى في طريق أولئك الساعين إلى إدخال الأمن  البيئي في عملية صنع السياسات العامة.  ولقد تزايدت معدلات تلوث البيئة خلال الربع الأخير من القرن الماضي كنتيجة للزيادة الكبيرة في عدد المصانع والمعامل ووسائل النقل والمصافي، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والزراعة المكثفة للأراضي وعدم كفاءة نظم الري والصرف، وكذا الحروب الأهلية والإقليمية، ونتيجة لذلك كثرت المشكلات البيئية بشكل بات يهدد مسيرة التنمية الاقتصادية، بل ويهدد حياة سكان الكرة الأرضية الذين يتزايد عددهم باطراد والذين تعاني قطاعات كبيرة منهم من سوء التغذية والمرض والكوارث المناخية نتيجة تلوث البيئة ولقد تدهورت الموارد الطبيعية (المياه الصالحة للاستعمال التربة، الغابات، والطاقة  والتنوع الحيوي)، وزادت نسبة الملوثات في الجو بشكل يؤدي إلى تسخين المناخ والتغير في تركيب الغلاف الجوي ونوعية الغازات الموجودة فيه وكميتها وزيادة نسبة الغازات السامة المخربة لطبقة الأوزون التي تعد القناع الواقي للأرض من تأثير الأشعة فوق البنفسجية الضارة. وقد خلصت بعض الأبحاث إلى أن التعرض المستمر للأشعة فوق البنفسجية نتيجة لتدمير طبقة الأوزون قد يؤدي إلى تدمير المحاصيل الزراعية والطحالب والأعشاب البحرية وتقليل مناعة الإنسان بشأن مقاومة الأمراض المعدية،ولقد تم أيضاً إفساد دورة المياه في الطبيعة بالإضافة إلى استنزاف الموارد المائية في العالم أو تلوثها على حد سواء في الدول الصناعية والدول النامية وطالت التعديات البشرية الغابات بالإزالة أو الحرق، وقد كشفت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) خلال انعقاد مؤتمر قمة الأرض في ريودي جا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram