اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: أنا لا أصل..أنا أمشي حسب

قناطر: أنا لا أصل..أنا أمشي حسب

نشر في: 27 سبتمبر, 2022: 11:43 م

طالب عبد العزيز

هناك ما نحلم به دائما، ويتكرر في الليل والنهار، نحبّه ونفتقده إذا غاب، مع انه حلم، ليس إلا. وهناك ما كنا نعتقده صائباً، فذهبنا اليه بكل قوتنا، وربما غامرنا في سبيل تحقيقه، لكنْ، تبيّن لنا انه الخطأ والخطيئة، وأيضا، هناك ما نريده دائماً، لكنه ظل بعيد المنال، الآن يقطعنا الامل باقتنائه، مع أننا لم نلمسه حتى. وكثيرة هي الأيام التي انفقناها بانتظار من لم يأت، وهناك من مددنا الايدي اليهم، لكنهم ضلوا في الطرقات...تركنا أيدينا ممدودة لهم، ثم ماتوا عنها.

وهناك من أحببناهُ، ومن تعلقنا بحبال ودِّه، لكنه أغفل محبتنا، مع أننا لا نملك غيره، ولا نعرف كيف تستبدل القلوبَ بالكعوب. حدائق وبساتين وثياب ومقاعد كثيرة أردناها يوما لمسراتنا، كنا قد احتفظنا بها طويلاً في خزانات الليل والنهار، وبين طيات الثياب، وقناني العطر الفارغة.. لكنها تفسخت بالنسيان، يا لها من حياة لم تحقق حلماً لنا، أحلامنا البسيطة تلك ينادي بائع الخردوات عليها صباح ومساء كل يوم.

تعالي، قولي لي شيئاً لم تقل النساء به من قبل. اسمعيني ما لم اسمعه من امرأة قبلك. أريني ما لم أره في كل النساء، اللواتي عبرن الجسد الى اللغة. تحدثي بلسان العرب والعجم، أيِّ لسان، سأفهمك. اريني الجسد الذي لم يتكرر بامرأة سواك، والنهد الذي لم يفزعني طائر سواه، وخذيني الى الترعة التي لا يعود أحدٌ منها، الى الشفة المغموسة بالنارج، التي لم يتلمظ بها أحدٌ من قبل، الى الساق التي لا تذبل بالعدو، ولا تهدأ بالسرير، الى الذراع التي تتعطل تحت عنقي، ولا يشغلني عنها الموت، الى الغربة التي تنام في الحلم الى الصباح، الى الستائر التي لا يخدش حياءها الضوء، حيث ينام عاشقَين.

ذات يوم قالت لي إحداهن: كنتُ ساوقدُ المصباح لولا أنك أضات فمي بقبلة. وكنت سارتدي قميصي للنوم، لولا أنك جرّدتني من ثياب الضجر كلها. وقبل ذلك كنت سأرش العطر خلف أذني، لكنك همست بها: أحبكِ. كنت ساجعل السرير قرب النافذة، لكنك طرقت الباب، فسقطت الستارة فجأة. كنت ساخلع حذائي، لكنني نسيته، ولم أجده في الصباح تحت السرير! اعددتُ كأس النبيذ، وكيس المحارم، قبل أن تطرق الباب، من أفرغ الكأس؟ من قذف بكيس المحارم؟.

كنت سأريك الوشمَ الذي على كتفي، نقّارَ الخشب الصغير، لكنك تعجلت الذهاب الى عشبة الخلود، وكنت سأقرأ عليك الفصل الاول من الرواية، التي كتبتها البارحة، لكنك ذهبت الى فصلها الاخير، وكنت سأريك الدمع، لولا انك استعجلت، وشربته مع القبل والكركرات، كل الأشجار التي ظننتها بنفسجاً كانت دفلى، والله، لهذا ما كنت واثقة من الليل. ولا طالعة من النهار.كنت سامسح عنه الغبار، قلمَ الكحل الذي فقد لونه بغيابك. وجودك في الشرفة ذلك ما كنت افتقده دائماً.

لكل الزجاجات في البحر رسالة واحدة. لا يتهدم المنزل بموت أحد نزلائه، كنت ساتلفها بالانتظار الساعة في محطة القطار. القاربُ الذي سأبُحر فيه لذراعيك، لم اختر مساميره بعد، لكنني، سأشيده من الخشب، أو من الدموع. تاخرتْ كثيراً قبلة الحياة، التي وعدتني بها. في حفلة التنكر، قليلاتٌ هنَّ اللواتي لم يخلعن حمّالات صدرهن. انا لا أصلُ، أنا أمشي حسب. الانتظار لا يعني بأنَّ أحداً ما سيأتي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram