اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > تذكار أخير لتافياني في وداعا ليونورا

تذكار أخير لتافياني في وداعا ليونورا

نشر في: 28 سبتمبر, 2022: 11:27 م

احمد ثامر جهاد

تاريخ الاخوين تافياني هو جزء اصيل ومهم من تاريخ السينما الايطالية المعاصرة. منذ الستينيات عمل الاخوان معا عشرات الافلام السينمائية. في عام 2018 توفي الاخ الاكبر فيتوريو فانقطع شقيقه باولو عن صناعة الافلام لنحو اربع سنوات.

عاد بعدها خلال هذا العام لاخراج مرثية او خاتمة وداع مهداة لاخيه، هي في وجه آخر من وجوهها تأمل فلسفي في معنى الحياة والموت وما بينهما عبر حكاية طريفة وحزينة في الوقت عينه تستلهم شيئا من كتابات ووقائع موت ايقونة الادب الايطالي «لويجي برانديللو» الحاصل على جائزة نوبل عام 1934 وهو الحدث الذي سنراه وثائقيا في هذا الفيلم الذي اقتبس باحتراف شديد لقطات اخرى من افلام روسليني وانطونيوني تعرض لمحطات من التاريخ الايطالي. كل الحكاية ستتمحور حول تنفيذ وصية برانديللو التي تنص على حرق جثمانه ودفن رماده في قرية صغيرة في صقلية حيث موطنه الاصلي فيما تريد الحكومة الايطالية ايام حكم موسوليني اقامة تشيع فاشي لجنازته. يترك رماد جثة برانديللو لاكثر من 10 سنوات في روما ثم يكلف احد موظفي البلدية بنقل الرماد الى صقلية تنفيذا لوصية الكاتب.

انها ليست قصة عن بقايا انسان معذب بقدر ما هي رحلة ذهنية في معنى ان نعيش ونموت ونتألم. وكأن المخرج يـتأمل مشوار حياته هو عبر عبثية قصة موت برانديللو ورحلة رماده.

المشهد الاول في الفيلم يعيدنا الى الاطار المشهدي الذي استخدمه كوبريك في رائعته اوديسا الفضاء 2001 حيث الكاميرا عند تافياني بكل ما لها من ايحاءات بصرية مصوبة من الخلف على مؤخرة رأس برانديللو وهو مضطجع على فراش الموت ومندهش من سرعة انقضاء العمر بشكل لا مفر منه. يحضر اطفاله الثلاثة امامه فيقول متعجبا»كأنني ولدتهم بالامس» ثم يتغير عمر الابناء كلما اقتربوا خطوات من سرير الاب، وحينما يحوطون اخيرا سرير العجوز المحتضر يكون الشيب قد غطى رؤوسهم . ديكور هذا المشهد باذخ الجمال والوحشة: مكتبة في ركن الغرفة وكرسي فارغ ومنضدة تعلوها شمعة مضيئة تبث ضوء شاحبا يتفاعل مع براعة تنفيذ المشهد بالاسود والابيض والذي يستمر الى الربع الاخير من هذا الفيلم.

الامر الاكثر اثارة ورمزية هو ان الفيلم قبيل نهايته يقفز الى قصة قصيرة اسمها «المسمار» كتبها برانديللو قبيل وفاته تتحدث عن مقتل فتاة صغيرة على يد صبي ايطالي مهاجر في نيويورك. وضع هذه القصة في سياق الفيلم الذي سيتحول الى الالوان يشبه اعداد كتاب بملاحق ذات صلة عميقة بمتن الكتاب ذاته. لكن المخرج لا يقدم مثلما لا تقدم الحكاية تفسيرا واضحا لحادثة القتل التي تذكرنا بعبثية قتل ميرسو لمواطن جزائري في رواية «الغريب» لالبير كامو.. ثمة شعور بـ»السيرية التافيانية»يتسرب من تأمل هذه الحكاية الادبية السينمائية التي تضمر معاني خفية عن المصير الذي يواجهه المرء حينما ينتزع من موطنه الاصلي ويقذف به مرغما في متاهة مجتمع آخر وثقافة مغايرة، فيما يطلب منه الجميع التزام التعايش وحسن السلوك دون الالتفات الى وطأة الحرمان وقسوة الاغتراب.

هذ الفيلم هو بلا شك عمل لا مفر منه بالنسبة لباولو تافياني وقد يكون آخر اعماله. فليس ثمة ما يقال بعد الان وقد بلغ الرجل التسعين عاما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

أفضل عشرة أفلام هروب من السجن

النجم غالب جواد لـ (المدى) : الست وهيبة جعلتني حذراً باختياراتي

أفضل عشرة أفلام هروب من السجن

معاهد متخصصة فـي بغداد تستقبل عشرات الطامحين لتعلم اللغة

متى تخاف المرأة من الرجل؟

مقالات ذات صلة

حين تتستر الإيدلوجيا الثورية بقبعة راعي البقر!
سينما

حين تتستر الإيدلوجيا الثورية بقبعة راعي البقر!

يوسف أبو الفوزصدر للكاتب الروائي السوري، المبدع حنا مينا (1924- 2018)، الذي يعتبر كاتب الكفاح والتفاؤل الانسانيين، في بيروت، عن دار الآداب للنشر والتوزيع، عام 1978، كتاب بعنوان (ناظم حكمت: السجن… المرأة.. الحياة)، يورد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram