عمـار سـاطع
ربما منحت مشاركة منتخبنا الوطني في بطولة الأردن الدولية الودية الرباعية، تجربة مهمّة لفريقٍ تم تشكيله بصعوبة وتجميعه قبل أيام قليلة ببغداد قبل أن يكتمل عقد حضور عناصره، في حدود العاصمة عَمّان، قبل انطلاق البطولة بيومين فقط، وبملاكٍ تدريبي وطني مؤقت!
المؤشّر الحقيقي الذي ظهر هو أن تجريب عناصر تمّ استدعاؤها للمرّة الأولى الى الساحة الدولية في بطولة تؤثّر نتائجها على قائمة التصنيف الدولي الشهريّة، كونها تزامنت مع أيام ( FIFA DAY ) وهو أمر يدخل ضمن حسابات مُعيّنة وفقاً للنتائج المتحققة!
ما ميَّزَ مشاركة منتخبنا الوطني في مباراتيه التي لعبها أمام منتخبي سلطنة عُمان وسوريا كانت تلك الثقة المهمّة التي منحها مدرب المنتخب راضي شنيشل وملاكه المساعد لعدد من اللاعبين الجُدد الذين زُجَ بهم من أجل دعم المنتخب بدماء جديدة وبثّ روح المنافسة بوجود هكذا خليط ممزوجاً بين لاعبي الخبرة وآخرين من الشباب الى جانب استقطاب عناصر تميّزت في حضورها وغابت عن الساحة الدولية طيلة الفترات الماضية.
لا أريد الحديث في هذه المساحة عن النتيجة النهائية في حصولنا على المركز الثالث، لأن ما كَسِبَهُ منتخبنا الوطني من مشاركته في بطولة الأردن الدولية الرباعية، كانت أهم بكثير من تعادلنا الرسمي المحسوب مع سلطنة عُمان وخسارتنا بفارق ركلات الجزاء تصنيفاً في البطولة، وفوزنا على سوريا بهدف.
فالبرنامج الذي تعامل به المدرب راضي شنيشل مع الأيام المُختصرة للتحضيرات وتوافد اللاعبين أعطى انطباعاً أوّلياً وتكرّس بتعشيق منظومة خطوط اللعب في المباراة الأولى وبناء الهيكل الفعلي وتنفيذها على الأديم الأخضر في المباراة الثانية، وربما كان ذلك كُله تحت مُسمى منح الفرصة لأكثر عدد ممكن من اللاعبين.
وحتى نكون أكثر وضوحاً، فإن أكتشاف جيل كروي جديد يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً كانت من أبرز أوّلويات استعداء الملاك الفني للاعبين منهم ميرخاس دوسكي وهيران أحمد وأحمد عبد الحسين وآلاي فاضل، الى جانب تجديد منح الثقة بلاعبين برز أغلبهم في الفترة السابقة مثل مناف يونس وأمير العماري وحسن عبد الكريم وكرار عامر وتجريب كل من حمزة عدنان وعباس محمد وزيد تحسين ومحمد علي عبود وشهاب رزاق وآسو رستم، إضافة الى الإبقاء على كل من جلال حسن وأيمن حسين وحسين علي وإبراهيم بايش وأمجد عطوان وشيركو كريم، كدعامات أساسية مهمّة والتركيز على خبرتهم المؤثّرة ودورها في المواجهات الدوليّة الرسميّة.
من المهم جداً أن يكون هناك وضوحاً عاماً في عملية اختبار اللاعبين خاصة في مثل هكذا بطولات ودية تدريبية، تُجدّد المنتخبات تشكيلاتها من خلالها بين فترة وفترة أخرى، إذ من غير المعقول يبقى الاعتماد على تشكيلة ثابتة لمدة طويلة، وهكذا جرت العادة في إضافة لاعبين جُدد واختبار البعض الآخر والنتيجة توليفة من اختيارات فنيّة تحتاج الى اختبارات ودّية تأهّباً للاستحقاقات رسميّة.
ومثل تلك الأهمية يفترض أن تُطبّق على أرض الواقع وبأجندة تقترب من الإبقاء على تدريبات اللاعبين بين فترة وأخرى، أو الاصرار على خوض مباريات اختباريّة الهدف منها تجميع اللاعبين ورفع حالة الانسجام بينهم ومنحهم فرصة بعيداً عن الضغوطات وتوفير معسكرات تدريبية تتخلّلها مواجهات تدريبيّة لرفع قدرات اللاعبين ومنحهم الاحتكاك الفني المطلوب.
من وجهة نظري، كنت أتمنّى أن يتم تشكيل منتخب رديف أو منتخب ظلّ، وأن يتم تجميعه في فترات زمنيّة معروفة وفقاً لأجندة واضحة كما كان معمول به في فترات سابقة من العقود الماضية، وان يتم التركيز على استدعاء لاعبين يجيدون عمل الفوارق الفنية ويجيدون اللعب في أكثر على أن يتم اختباره من خلال مباريات الدوري وتطعيمه بعناصر أخرى تكون في أتمّ الجاهزية الفنية.
أقول.. إن بطولة الأردن الودية، كانت أشبه بالحدث الذي أظهر لنا القابليّات البعيدة عن الأضواء، برغم عدم قناعة الكثير من المهتمّين والمولعين بالشأن الكروي، لكن الحقيقة أن الجود من الموجود، وهذه حقيقة لابد أن يدركها من يعي حجم التغيير والإصرار على بناء جيل كروي مستقبلي ويبحث عن وجوه جديدة، ويطالب بالاستقرار الفني فيما بعد!