TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في قبو الظلام

في قبو الظلام

نشر في: 19 نوفمبر, 2012: 08:00 م

 عواد ناصر

يريدوننا أن لا نرى وجوه بعضنا بعضاً.. يريدوننا أن نرى وجوههم فقط.
في قبو الظلام يصبح الكلام مظلماً حتى لو كانت الكلمات مصابيح.
وفي هذا القبو المظلم الممتد إلى أبعد نقطة في الوطن العربي أستطيع أن أرى إلى سبابتي وهي تشير إلى شمسٍ ما، لكن الحارس الذي سيماه على وجهه من أثر السجود يكره أن يراني واقفاً، لكنني وقفت.
يبدأ القبو المظلم من فكرة بعد أن نسي أنه ينتهي بفكرة أيضاً.
يا للقبو المظلم الفسيح الذي يضيق بأصغر شمعة.
حين اندلعت الحرب الأخيرة كانت الصواريخ تضيء سماء المدينة المنكوبة، وكنا، نحن الأطفال، في القبو المظلم، تحت الأرض، نتفحص جذور الظلام.
تلمست المرأة طريقها في القبو المظلم باحثة عن الباب.. فتحوا لها الباب ليدخلوها القبو المظلم المجاور.
سألني هذا الذي يجاورني في القبو المظلم: منذ متى أنت هنا؟
قلت: منذ الولادة.
سألت الذي يجاورني في القبو المظلم: متى ستخرج من هنا؟
قال: عندما يغمر الضوء هذا القبو.
قال لي الذي يجاورني في القبو المظلم: أتعرف، إنني أرى لون عينيك عندما تتكلم.
أخبرني سجين قديم أنهم، في ذاك السجن القديم، كانوا يتكلمون أكثر بكثير مما هم الآن، خارج السجن.
وقال لي: البشرى! لقد حوّلوا السجن إلى متحف.
قلت له: لأنهم حولوا المتحف إلى سجن.
لا أحد يعرف معنى الحرية مثل من يعرف معنى القبو.
المنارة قبو مقلوب.
حين يطمئن النهر إلى مجراه يتوقف عن البحث عن مجرى آخر.
قال خطيب جمعة يعظ الناس: عليكم بالقبو.. إنه قبر المؤمن.
القبو قبر والقبر قبو وليس ثمة من خطأ مطبعي.
قال خطيب جمعة يعظ الناس: لا يغرنّكم الفرق بين الجامع والجامعة، فهو تاء التأنيث مصدر كلّ شرّ.
عجبت من أمتي ترى إلى نفسها في المرآة ولا تكسرها.
هل هي مصادفة أن أقدم طاق، أو قبو أسطواني وُجدَ، حتى الآن، كان في نيبور في العراق بناه السومريون تحت الزقورة في القرن السادس قبل الميلاد؟
بعض الناس يختار الإقامة في القبو كي لا يفتضح.
القبو مكان مثالي لدولة الانقلابات العسكرية.
الأقبية قد تتجاور لكنها لا تتحاور.
سألني: كم نفوس الأمة العربية؟
قلت: أكثر من ثلاثمئة مليون قبو.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: الحرب التي تعنينا ولا تعنينا

العمود الثامن: البرلمان حين ينام !!

العمود الثامن: انتخبوا ائتلاف "لولانا" !!

العلاقات التجارية العراقية–التركية: بين توسّع التبادل وغياب التوازن

نموذج TADEO... مفتاح إصلاح التعليم الجامعي في العراق

العمود الثامن: الإلياذة العراقية

 علي حسين كان الرئيس الفرنسي الرحل فرنسوا ميتران يعشق قراءة الملحمة الإغريقية "الإلياذة" وقد أخبر ذات يوم رئيس الوزراء دبيير مورواو أن العالم لا يزال يعيش مفاجأة حصان طروادة. تروي لنا إلياذة هوميروس...
علي حسين

كلاكيت: تحولات السينما العراقية

 علاء المفرجي تاريخ السينما العراقية طويلٌ قياساً إلى مثيلاتها في باقي دول المنطقة، إذ إنّها لم تبدأ بالإنتاج إلاّ في منتصف أربعينيات القرن العشرين، والإنتاج الأول مُشتركٌ مع مصر. كما لم تستطع، منذ...
علاء المفرجي

تكريم ضروري، تكريم متأخر

علي بدر يقف فخري كريم، في تلك اللحظة، وهو يلقي نظرة على نصف قرن من المجازفة بالكلمة، فهو الآن شاب في الثمانين من عمره، يقف في القاعة التي احتضنت قمة الإعلام العربي في دورتها...
علي بدر

المحكمة الاتحادية العليا وموازنة 2025 -استقراء قانوني-

د. اسامة شهاب حمد الجعفري الموازنة العامة الاتحادية مسألة اجتماعية, مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعيشة الجماهير, والتأخير في تشريعها يعني ازمة اجتماعية, ولطالما عانى المواطن العراقي من تلك الازمة دون وضع حد لتلك العادة السياسية....
د. اسامة شهاب حمد الجعفري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram