عمـار سـاطع
مؤلِم ما أحدثتهُ بعض الأندية من ضجّة بعيدة كل البُعد عن الواقع الذي نعيشه بسبب اختلافات بوجهات النظر مع اتحاد كرة القدم، حول آلية الصعود والهبوط والزجّ بقضيّة التراخيص لتكون شمّاعة تعكّزت عليها ودخلت في صراع محموم ومثير، بعد أن نُفِّذَتْ بنود التصنيف في مسألة عدد الفرق التي ستلعب منافسات الموسم الجديد للدوري الممتاز والذي ستقام قرعته اليوم!
أعتقد أن تسرّع الأندية في اتخاذها للمواقف ضدّ الجهة الراعية للمسابقات الكروية من جهة، وتباطؤها بخصوص اتمام ضوابط التراخيص المحلّية من جهة ثانية الى جانب تنفيذها لأحكام آلية الدوري، ستكون من بين جملة النقاط التي قد تُدين الأندية بدلاً من أن تقف الى جانبها، وكل ذلك يأتي الى ما حصل طيلة الأيام الماضية كمحصّلة تُرضي الجميع وتُقنِع من ذهبَ الى أبعد من ذلك!
من وجهة نظري أن الضجّة هذه كُلّها تنحصر بين أندية الميناء وأمانة بغداد والديوانية، فَالميناء الذي عاش في الموسم المنصرم فترة هي الأكثر صعوبة منذ تأسيسه قبل 91 عاماً، تقهقر فنيّاً بسبب افتقاره الى الاستقرار الإداري تارة وتخبّطه في التصويب الفنّي تارة أخرى، وكانت نتائجه تعكس الوجه الفعلي لنادٍ عانى الأمرين، وفقد ما فقده من نقاط على أرضه وبين عُشّاقه، حتى أنه كان يواجه مُعضلة في كسر حاجز النحس الذي رافقه حتى في تحقيق الفوز لمباريات عدّة وبرقم قياسي لم يواجهه طيلة مواسم حضوره مع الكبار.
وحتى نُعطي لكلِّ ذي حقٍّ حقّه، فإن اتحاد الكرة لم يكن متسبّباً في انهيار كرة الميناء أو مُساعداً في المأزق الذي أعاد السَفّانة الى دوري الدرجة الأولى، مثلما لم يكن كذلك مع فريق أمانة بغداد الذي جاهد في البقاء وخاض فيما بعد مباراة فاصلة مع ثالث دوري الدرجة الأولى فريق دهوك في مواجهة play of وخسر أمامه في العاصمة، وهذا ما يعني أن إدارة نادي أمانة بغداد تقرُّ وتعترف بأنها كانت مُلتزمة ببنود آلية الصعود والهبوط، وشاركت بفريقها حتى تبقى في دوري الأضواء، وغير ذلك يعني أن هناك اجحافاً واضحاً بحقّ الواقع.
أما قضية نادي الديوانية، فأنها ترتبط تماماً بشروط التراخيص المحلّية الفعليّة، ومن دونها لا يمكن أن يتم الترخيص برغم أن الفريق هو من المصنّفين ضمن الدوري الممتاز، لكن النادي لم يستوف النقاط التي يفترض أن ينفّذها في المدّة المحدّدة وحتى في فترة المدّة القانونية، وهذا ما يعني أن الديوانية النادي تعرّض للتقاعس الداخلي، وإلا لماذا تمكّنت إدارات أندية القوة الجوية والطلبة ودهوك من تنفيذ المتطلّبات المنقوصة من شروط الترخيص ودفعوا الغرامات المشروطة طبعاً بمقابل تواجدهم في الدوري الممتاز للموسم الجديد.
إذا كان لغياب أندية صاحبة تأريخ وعمق كبير وتملك عراقة مهمّة في الرياضة العراقية مثل الميناء وأمانة بغداد والديوانية، تسبّبت بخلق مشكلة وأزمة وربّما مُعضلة سواء في مخاطباتها الرسميّة أم في وسائل الإعلام، هذا من غير الهجوم اللاذع على اتحاد الكرة، وصل حدّ التلويح باللجوء الى محكمة كأس الدولية أو الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم لرفع دعاوى قضائية، أو أن تظهر تصريحات نارية من البعض على أن مدينة البصرة غير آمنة ولا يمكن أن تضيّف بطولة خليجي 25 مطلع العام المقبل. إذاً كيف سيكون حالها حال غيرها من الأندية إذا تم تطبيق التراخيص الآسيوية وصولاً لدوري المحترفين في المواسم القادمة!؟
أيها الإخوة.. من الصعب جداً إقناع الجميع، مثلما لا يمكن إرضاء الكل.. هذه الحقيقة التي يجب أن نعترف بها، ونستند اليها لأننا نعيش في دوّامة الضغوطات التي تُشكّلها جبهة من الباحثين عن المشاكل والارهاصات وجبهة ثانية تُحرّض باتجاه إضعاف القدرات وإيذاء من أمامهم بشخوص ومسمّيات بحثاً عن فرصة جذب الأنظار أو التعامل بطريقة استثنائيّة مُختلفة الهدف منها (التنمّر) أو كسب الأصوات.. وهو ما حدث حتى في موضوع نموذج كأس المثابرة، والتي كانت قصّته قصّة ثانية وحكاية تكرَّر مشهدهُا وتوالت أكثر من أي شيء آخر، ففي غضون دقائق أصبح كأس المثابرة حديث الأغلبية وأشهر أنموذج للبحث عن القضيّة، الهدف منه لم يكن الكأس نفسه، بل كان إيصال رسائل عدم القناعة وعدم الرضا والتحريض ضد اتحاد الكرة.