TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ماذا نريد من الإعلام العراقي؟

ماذا نريد من الإعلام العراقي؟

نشر في: 17 يوليو, 2010: 06:53 م

حسين علي الحمدانييعرف الجميع إن للإعلام دورا كبيرا في ترسيخ الكثير من القيم وإشاعتها في المجتمع عبر وسائله المتعددة ومنها التلفاز والصحافة، ولعل هذه الوسائل تكون أكثـر تأثيرا في ظل الأنظمة الشمولية التي تمكنت من استغلالها بشكل واضح في تعبئة شعوبها لحالة معينة
وبث ما تريده من أفكار وقيم وثوابت ما أدى إلى خلق أجيال كثيرة في داخلها ثقافة أحادية غير قادرة على قبول الآخر والحوار معه بل وصل الأمر باستحالة التعايش معه، متمسكة بما اكتسبته تحت تأثير إعلام الدولة الأحادي الجانبولعلنا في العراق عانينا كثيرا من هذا في العقود الماضية حيث مارست الدولة سياسة غلق كافة المنافذ الإعلامية التي من الممكن ان ننهل منها والإبقاء على اعلام الدولة سواء صحافة او تلفاز او محطات إذاعية بما يؤمن بقاء الحزب الحاكم في السلطة لأطول فترة ممكنة وبذلك تحولت مهمة الإعلام العراقي آنذاك من مهام اجتماعية جماهيرية وخلق مجتمع سليم وصحيح قائم على المحبة والتعاون إلى مهام جديدة هي تلميع صورة النظام وشخصنة الدولة في فرد واحد وتلخيص العراق فيه ، وهذه المهمة بالتأكيد أضرت كثيرا ليس بالإعلام العراقي فقط بل بالمجتمع العراقي عبر أجيال متعاقبة كانت تعيش تحت ضغط هذا التأثير حقباً طويلة ما جعل بعضها تفشل في تغيير مفاهيمها في المرحلة التي أعقبت سقوط النظام البائد. وبالتأكيد فإن مرحلة ما بعد نيسان 2003 كانت تحتاج إلى فلسفة إعلامية جديدة على المتلقي العراقي الذي اعتاد على هياكل جاهزة وقوالب معينة من المواد الإعلامية تضخ إليه بانتظام عبر الماكنة الاعلامية الرسمية والوحيدة آنذاك، هذه المرحلة الحرجة جدا كانت تحتاج إلى صناعة إعلام جديد خاصة وان سقوط النظام الشمولي فتح الباب على مصراعيه أمام المتلقي العراقي الذي وجد نفسه لأول مرة يتعامل مع ماكينات إعلامية متعددة تبث له ما تريده هي سواء عبر الفضائيات او الصحافة المحلية العراقية التي تكاثرت بقوة أو ما يصله من صحف عربية هي الأخرى وجدت في الإحداث العراقية مادة دسمة لها شأنها في ذلك شأن الفضائيات التي اعتاشت على الحدث العراقي منذ يومه الأول وحتى الآن، ويمكننا القول بأن أغلب المعارضين للعملية السياسية في العراقي في أعوامها الأولى كانوا يستغلون غياب الخطاب الإعلامي العراقي الوطني القادر على بلورة وصناعة رأي عام عراقي قادر على مواكبة الأحداث المتسارعة في البلد من جهة ومن جهة ثانية مواكبة وسائل الإعلام في العالم العربي والإقليمي ذات التأثير الكبير على المتلقي العراقي، حيث ظل المواطن العراقي يلجأ إلى وسائل الإعلام العربية والعالمية في متابعة أحداث بلده كما اعتاد ذلك في حقبة النظام السابق حيث اعتاد الناس آنذاك متابعة مجريات الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج 1991 عبر محطات الإذاعة الأجنبية التي تبث باللغة العربية بسبب عدم ثقتهم بإعلام الدولة، وعدم الثقة هذه ظلت مترسخة لديهم لفترة لم تطل كثيرا حيث تمكنت الصحافة الوطنية الحرة النزيهة من أن تصنع لها مكانا متميزا لدى المتلقي العراقي الذي منحها الثقة كإعلام شعبي غير موجه ولا يخضع لضغوطات الرقيب وهنا نجد بان الإعلام العراقي نجح في إقناع المتلقي بان هنالك فرقاً كبيراً بين الدولة كبناء مؤسسي ثابت ودائم وبين الحكومة التي تنتجها الانتخابات وتتغير عبر صناديق الاقتراع، وباتت المفاهيم الجديدة التي دخلت قاموس المفردات العراقية تأخذ حيزا كبيراً في التداول اليومي للمواطن العراقي الذي يريد أن يعرف ما هي الديمقراطية والفدرالية والتعددية وما هو المجتمع المدني وماذا تعني حقوق الإنسان وغيرها من الأسئلة التي كانت تحتاج إلى إجابات شافية، وهذه الإجابات لم يجدها المواطن العراقي في الفضائيات العربية والأجنبية ولم يقرأ عنها في الصحف العربية بل وجدها في الإعلام العراقي الجديد القائم على نقل الخبر وتحليله بأبعاده ووضع الحقائق كاملة أمام الشعب  وهذا أدى إلى نشر الوعي بالديمقراطية وإشاعة مفاهيمها مستندة بذلك على وعي وإدراك الشعب العراقي من جهة وعلى حاجاته لفهم هذه المصطلحات من جهة أخرى لكونه هو من سيصنع الحياة الجديدة في العراق الديمقراطي، ومن هنا وجدنا بان مقومات نجاح الإعلام العراقي أكتسبها من خلال القراءة الصحيحة لما يحتاجه العراق في مرحلة ما بعد أبريل 2003 وكيف استطاع هذا الإعلام من طرد كل المفاهيم المغلوطة التي روج لها البعض عن مساوئ الديمقراطية ومخاطر الفدرالية وغيرها، حيث لعب اعلام الدولة في السنوات الأخيرة دورا بارزا ومهما في إعادة صياغة الأهداف الحقيقية للإعلام بعيدا عن التأليه والشخصنة، بل كان وما زال التركيز على العراق كبلد يضم مكونات متآلفة متحابة، يمكننا القول بان الاعلام العراقي استطاع أن يتجاوز مرحلة البداية وينتقل إلى مرحلة جديدة هي مرحلة البناء للشخصية العراقية خاصة بعد أن أصبحت الكثير من المفاهيم التي كان يسأل عنها أبناء العراق كالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحكومة الشراكة وغيرها من المصطلحات باتت معروفة لدى الجميع وهذا لم يأت من فراغ بل من خلال جهد كبير بذله صناع الرأي في البلد وفي مقدمتهم العاملين في المؤسسات الإعلامية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram