ثائر صالح
2 - 4
كان فريدريك (الكبير) ملك بروسيا (1712 - 1786) من أشهر الملوك الذين برعوا في التأليف الموسيقي. فهو عازف جيد على الفلوت ولديه الكثير من الأعمال الموسيقية،
تحديداً 121 سوناتا للفلوت وأربع كونشرتات للفلوت، ثلاثة سمفونيات وثلاثة مارشات. كانت فرقته الموسيقية من بين أفضل فرق أوروبا، بلغ عدد أفرادها 50 موسيقياً بارعاً في خمسينات القرن الثامن عشر. عمل عنده أفضل الموسيقيين وقتها مثل كارل فيليب إيمانويل باخ والأخوين غراون، واستقدم من بلاط دريسدن أعظم عازف فلوت في وقته، يوهان يواخيم كفانتس ليعلّمه الفلوت، ودفع له 2000 تالر سنوياً بعد أن كفانتس كان يحصل على 250 تالر في دريسدن.
وكانت الأميرة أنّا آماليا لا تقل اهتماماً بالموسيقى عن أخيها الملك فريدريك الكبير. تعلمت العزف على الفلوت والكمان والهاربسيكورد، ألفت عدداً من الأعمال لكنها أتلفت الكثير منها. وعثر على عدد من أعمالها ضمن مجلدات مكتبة “أكاديمية الغناء” البرلينية التي اكتشفت في مكتبة في كييف العاصمة الأوكرانية سنة 1999 بعد سرقتها من برلين في 1945. إذ يعود للأميرة الفضل في حفظ الكثير من أعمال باخ الكبير وغيره من الضياع بتجميع أعمالهم في مكتبتها الضخمة التي تبلغ 2000 مجلداً، منها 600 مجلد لأعمال باخ وهندل وتلمان وباخ الابن كارل فيليب، وهي جزء مهم من مكتبة الدولة الألمانية في برلين اليوم.
يبرز كذلك الأمير لويس فرديناند البروسي من نفس العائلة، فهو أبن أخ فريدريك الكبير، رعته عمته أنّا آماليا. وكان عازف بيانو قال عنه بيتهوفن “إن عزفه ليس كعزف الملوك والأمراء، بل مثل أمهر عازفي البيانو”. كان فرديناند ضابطاً في الجيش البروسي، وقد قُتل في معركة زالفيلد مع جيش نابليون سنة 1806، عاش 34 سنة، لكنه ترك لنا 13 قطعة موسيقية للحجرة وكذلك للأوركسترا.
الأمير الآخر الذي يستحق أن نذكره في هذا المقام هو يوهان أرنست أمير فايمار الذي توفي قبل أن يبلغ التاسعة عشرة (1696 - 1715). كان هذا العمر كافياً لتأليف 19 كونشرتو وسوناتا واحدة لأداة الترومبيت، أعاد الموسيقار يوهان سيباستيان باخ توزيع بعض هذه الأعمال للهاربسيكورد. وللتذكير، عمل باخ في فايمار من 1708 كعازف أورغن في كنيسة البلاط وعازف كمان في جوقته، ثم قائداً للجوقة بين 1714 -1717. أمضى الأمير يوهان أرنست سنتين في هولندا لدراسة الموسيقى، وهناك تعلم الكثير من التقنيات التي لم تكن معروفة في ألمانيا وقتها، ومنه تلقفها باخ. كما كانت للأمير علاقة بعبقري آخر غير باخ، هو جورج فيليب تلمان (وكان في هامبورغ)، وقد أهدى تلمان مجموعته من سوناتات الكمان المطبوعة سنة 1712 إلى الأمير، وهو من قام بنشر كونشرتات الأمير بعد موته. تكمن أهمية يوهان أرنست في توطين شكل الكونشرتو الإيطالي في ألمانيا عبر تأثيره على أعظم موسيقارين في الولايات الألمانية وقتها، باخ وتلمان.
جميع التعليقات 1
Anonymous
تقرير جميل جدا ، بل رائع ، خاصة ان الملوك والامراء كانوا عازفين ومهتمين بالفن. شكرا لك .