ثائر صالح
3 - 4
يعتبر الملك آلفونس العاشر ملك قشتالة ( 1221 - 1284) الملقب بالحكيم من أهم وربما أقدم الملوك الذين نعرف عن صلتهم الوثقى بالموسيقى.
عرف الفونس العاشر بعظمة بلاطه وقد شجع الترجمة من العربية إلى اللاتينية، بذلك كان واسطة لنقل العلوم والفنون الأندلسية إلى أوروبا. كان ملك قشتالة يبرع في الكثير من العلوم والفنون، فبرع في علم الفلك والتاريخ والحقوق إلى جانب جمعه أناشيد القديسة ماريا، وهي مجموعة شعرية وموسيقية هامة من العصور الوسطى كتبت باللغة القشتالية.
توجد اليوم أربع مخطوطات من الأناشيد، واحدة في مكتبات توليدو وواحدة في المكتبة الوطنية في فلورنسا واثنتان في مكتبة الأسكوريال، قسم من النسخ مزدانة برسوم باذخة وأخرى أقل تزيينا. تحوي النسخ ما مجموعه 420 نشيداً، فهي ليست متطابقة تماماً، وهناك الكثير من الرسوم الدقيقة باذخة التفاصيل في بعض النسخ. جرى تنويط الأناشيد لكن لا تزال أمام الباحثين طريق طويلة لفك رموزها بشكل مقبول، إذ توجد صعوبات في تحديد الأشكال الموسيقية والإيقاع وقيمة الأنغام ( الدرجة) بشكل أفضل رغم التقدم الكبير الحاصل في العقود الأخيرة. تكمن أهمية هذه المخطوطة في كونها حلقة الوصل بين الموسيقى الأندلسية والموسيقى في أوربا القرون الوسطى، بسبب النشاط الكبير الذي بذله الفونس العاشر في نقل الفنون والآداب والعلوم الأندلسية إلى اللاتينية.
عرف ملك البرتغال جواو ( يوحنا) الرابع ( 1604 - 1656) بتحقيقه استقلال البرتغال عن الحكم الإسباني، ليحكم البلاد في مملكة قائمة بذاتها استعمرت أصقاع شاسعة من العالم، من أمريكا اللاتينية مروراً بأفريقيا حتى آسيا. فقد خضعت البرتغال قبله لسلطة العرش الإسباني الذي تربع عليه فرع من عائلة هابسبورغ حكام النمسا. عُرف كذلك باهتماماته الموسيقية الجادة، وحتى في النقد الموسيقي. يشهد على ذلك الاهتمام سعيه للدفاع عن موسيقى بالسترينا ( 1525 - 1594) ضد هجوم أحد الأساقفة عليه، لخص هذا الدفاع في رسالة نشرها سنة 1649 تتضمن الكثير مما يعتبر اليوم ضمن النقد الموسيقي.
للأسف لم تصلنا أية أعمال كاملة للملك جواو الرابع، سوى جزأين من ستة أجزاء من عملين له في شكل الموتيت في ستة أصوات. يعني هذا الكلام أن الموتيت كتب لستة خطوط لحنية ( ستة أصوات غنائية)، لذلك يجري طبع كل خط لحني ( صوت) لوحده على انفراد حتى يستعمله المغني الذي يؤدي هذا الخط اللحني. فلم يبق لنا من المدونات الستة سوى اثنتين. أما الموتيت فهو شكل غنائي ديني لبضعة أصوات، على الأغلب دون مصاحبة الأدوات الموسيقية ( وفي عصر الباروك قليلاً ما صاحبته أدوات الباص المستمر مثل التشيلو أو الهاربسيكورد).
أمتلك الملك جواو الرابع مكتبة موسيقية ضخمة لم تبزها سوى مكتبة الفاتيكان. لكن هذا الكنز تدمر في حريق شب عقب زلزال أصاب لشبونة في سنة 1755. لم يتبقى لنا سوى الجزء الأول من فهرس المكتبة وقد ضم مئات العناوين.