ميعاد الطائيتعد العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية الموروثة، من أهم الأطر الثقافية التي قدمت سندا وتبريرا للعنف ضد المرأة او ضد أفراد الأسرة فضلا عن القيم العشائرية والثقافة الذكورية التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة بدونية واحتقار وتضعها في الدرجة الثانية
من السلم الإنساني . وما يميز العنف الأسري عما سواه من انتهاكات حقوق المرأة انه يمارس في فضاءات خفية وما يصلنا منه نسبة قليلة جدا، اذ تتكتم معظم المعنفات تحت مبررات منها العيب الاجتماعي والمحرمات والعرف الذي يعتبر التصريح به خيانة زوجية وكشفاً لأسرار العائلة التي يجب ان لا يطلع عليها احد لكي تبقى المرأة رازحة تحت وطأة الظلم والتسلط ولا يحق لها حتى التصريح ولا التلميح لما تتعرض له . مفهوم العنفوبالرغم من تعدد تعاريف كلمة العنف إلا أنها تعبر عن معنى واحد هو استخدام القوة المادية او المعنوية ضد الآخر، وتشير الموسوعة العلمية (Universals) أن مفهوم العنف يعني كل فعل يمارس من طرف جماعة أو فرد ضد أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولاً أو فعلاً وهو فعل عنيف يجسد القوة المادية أو المعنوية. ذكر قاموس (Webster) أن من معاني العنف ممارسة القوة الجسدية بغرض الإضرار بالغير وتعني بمفهوم العنف هنا تعمد الإضرار بالمرأة أو الطفل، وقد يكون شكل هذا الضرر ماديا من خلال ممارسة القوة الجسدية بالضرب أو معنويا من خلال تعمد الإهانة المعنوية للمرأة والطفل بالسباب أو التجريح أو الإهانة. وهو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصاديا وسياسياً ما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى.أسباب العنفأما أسباب العنف الأسري فتعددت آراء الباحثين فيها ،اذ يرى البعض ان السبب الاقتصادي يتقدم على الأسباب الأخرى حيث ان تدهور الحالة الاقتصادية تزيد المشاكل التي تتولد من عدم إمكانية تغطية النفقات وصعوبة تلبية الاحتياجات التي تحتاجها الأسرة الأمر الذي يجعل رب الأسرة يشعر بالإحباط وهو يعيش تحت وطأة ضغوطات نفسية تدفعه لارتكاب فعل العنف الأسري ضد أفراد أسرته التي لا يستطيع مواجهة احتياجاتها.وبالعودة قليلا لسنوات الحصار الاقتصادي ضد العراق نجد آنذاك ازدياد حالات الطلاق وتفشي ممارسات العنف داخل الأسرة والمجتمع بصورة عامة. وهذا لا ينفي ممارسة العنف الأسري في العوائل الغنية لأنها ربما تعاني من سبب آخر من أسباب العنف كغياب عنصر التفاهم وتشويش قنوات الحوار وهذا يؤدي بالتالي إلى محاولة فرض وجهات النظر على الآخرين بأية طريقة حتى لو أدى ذلك إلى استخدام الضرب والتعنيف ،ويأتي هذا من عدم التفهم لاحتياجات العلاقة الخاصة بين الطرفين، وضعف الفهم المتبادل لاحتياجات كل طرف . ولقد حققت دراسة أردنية ما يشبه المركز الأول، عندما كشفت عن نسبة النساء اللواتي يتعرّضن للعنف الأسري، والتي بلغت97 %. فقد أظهرت دراسة أجراها الاختصاصي الاجتماعي الدكتور ذياب البداينة، حول العنف، نشرت نتائجها وكالة الأنباء الأردنية، أن ما نسبته (97) بالمائة من أصل العينة التي مثلت «1854» من النساء، وُزّعت في محافظات المملكة الأردنية، تعرضن لشكل من أشكال العنف. ومن هذه العينة، (54.6) بالمائة تعرضن للعنف الشديد، و(52) بالمائة يعتقدن بأنهن مهما فعلن لا يمكنهن الخلاص من وضعهن الراهن على اعتبار أن علاقتهن الزوجية يسودها العنف، فيما وافقت (41.7) من النساء على أنه من حق الزوج معاقبة الزوجة إذا أذنبت. وتبين الدراسة أن (97.5) من النساء اللواتي يتعرضن للعنف لا يتصلن بالجهات الأمنية مع أن نسبة الزوجات اللواتي لا يشعرن بالأمن في بيوتهن بلغت (54) بالمائة، فيما تشعر (55.3) بالمائة من العينة بالخجل مما يفعله بهن الزوج، وتقل النسبة قليلا للواتي يشعرن بالخوف من الزوج لتصل إلى (53.5) بالمائة، أما النساء اللواتي يشعرن بالخوف من كشف حقيقة إساءة أزواجهن لهن فتصل إلى (52.5) بالمائة حسب الدراسة .وماذا بعدما نريد ان نقوله هنا أن وضع الإصبع على الخلل هو نصف الحل أما النصف الآخر للحل ولتجاوز دوامة العنف نحتاج إلى توعية أفراد المجتمع كافة على أساليب الحوار والتواصل، وتفهم احتياجات بعضهم البعض، على أن يتم البدء مع فئة المراهقين والمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا . ويمكننا التعويل على ما تقدمه مؤسسات المجتمع المدني من حلول لتخطي العنف وآثاره لمن يتمكن من الوصول إليهم وهذا يتأتى من قيام هذه المنظمات بنشر مفاهيم جديدة تناهض الممارسات التي تسيء للمرأة بصورة خاصة وللأسرة والمجتمع بصورة عامة .ولا ننسى دور المؤسسة التربوية في التأثير على العقول والنفوس من خلال إدخال مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية الجديدة التي ستساهم في إلغاء المفاهيم والعادات البالية التي تسببت وتتسبب في بقاء دوامة العنف الأسري الذي آن الأوان لمجتمعنا ان يتخلص منها خاصة بعد تخلصنا من بعض المسببات التي كانت تخيم علينا وعلى المفاهيم العامة والقوانين البالية ونتمنى ان تكون المرأة ضمن خطة البناء التي
حقوق المرأة والعنف الأسري
نشر في: 18 يوليو, 2010: 09:08 م