بغداد/ تميم الحسن
كشفت مصادر سياسية عن ان محمد السوداني المكلف بتشكيل الحكومة سيكون «مقيد اليدين» في اختيار الوزراء. والاستثناء الوحيد الذي سيحصل عليه السوداني في تشكيل حكومته المرتقبة هو «استبدال وزير مرشح» لكن ضمن شروط.
ويزداد التنافس داخل الإطار التنسيقي على «حصص الوزارات»، فيما تدور خلافات حول استحداث مناصب جديدة.
ويحاول «الإطار» الاسراع في تقديم الكابينة الجديدة في موعد أقصاه منتصف الاسبوع المقبل خوفا من اندلاع تظاهرات جديدة.
كما يسعى من جانب اخر الى «تجميد» عدد من الوزارات كورقة تفاوض مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ومازال الإطار التنسيقي مراهناً على عودة الصدر الى الحكومة في اي وقت، رغم الهجوم الذي شنه الاخير على التشكيلة الوزارية المرتقبة.
وتنتقد بالمقابل اوساط الصدر المكلف بتشكيل الحكومة الذي تعتقد بانه سيعيد «سياسات حزب الدعوة»، وتقلل من المناصب السابقة التي كان قد شغلها السوداني.
وكان محمد السوداني المكلف بتشكيل الحكومة قد بدأ اعماله منذ مطلع الاسبوع الحالي في القصر الحكومي.
ويقول مصدر قريب من الإطار التنسيقي ان الاخير «يسعى الى ان يقدم السوداني كابينته الحكومية قبل يوم 25 تشرين المقبل».
وكان أنصار «حراك تشرين» قد منحوا في بداية الشهر الجاري، الطبقة السياسية موعدا حتى يوم 25 تشرين الاول المقبل لترك السلطة وتشكيل حكومة انقاذ بإشراف الامم المتحدة.
ويؤكد المصدر وهو نائب سابق طلب عدم نشر اسمه ان: «الإطار يخشى ان يحدث اي خرق ويدخل المحتجون الى المنطقة الخضراء ويسيطروا مرة اخرى على مبنى البرلمان، لذا يريد انتقال السلطة قبل ذلك الموعد».
وبحسب الدستور ان أمام المكلف بتشكيل الحكومة 30 يوما من لحظة تكليفه لتقديم الكابينة الحكومية، والتي يتعين على البرلمان الموافقة عليها بالأغلبية المطلقة.
من يعطل السوداني؟
واللافت ان من يبطئ حركة تشكيل الحكومة هو الإطار التنسيقي نفسه، إذ يقول النائب السابق: «مازالت هناك خلافات حول حصص الاحزاب داخل الإطار وكيفية اختيار الوزراء».
ويكشف النائب السابق ان «الإطار التنسيقي سيقدم بين 3 الى 5 مرشحين الى السوداني لكل منصب وعليه الاختيار حصرا من بين تلك الاسماء».
ويضيف: «في حال لم يستوف اي من المرشحين الشروط يمكن للسوداني في استثناء وحيد استبدال المرشح باخر لكن على ان يكون من ضمن نفس الحزب الذي قدم القائمة الاولى من الاسماء».
ويضم الإطار 15 تشكيلاً بالإضافة الى مستقلين، أبرزهم تحالف الفتح (العامري)، دولة القانون (المالكي)، تحالف قوى الدولة (الحكمة والنصر)، تحالف العقد الوطني (فالح الفياض).
وتقع المشكلة داخل الإطار في نظام النقاط المتبع لتوزيع الحصص، حيث يحدد سعر الوزارة بحسب اهميتها سواء كانت سيادية او خدمية او وزارة دولة (وزير بدون وزارة).
وتتراوح اسعار الوزارة بين 10 و8 مقاعد بحسب ترتيب الوزارة، فيما المناصب الرئاسية تتطلب 30 مقعداً.
وللتخلص من التزاحم على الوزارات يقترح الإطار التنسيقي اضافة مناصب تشريفية تكون اسعار مقاعدها تضاهي المناصب الرئاسية.
ويدور في داخل «الإطار» جدال حول اضافة 3 نواب لرئيس الجمهورية او الوزراء او الاثنين معاً.
وكان حيدر العبادي رئيس الوزراء الاسبق، وضمن ما عرف حينها بـ «حزم الاصلاح» التي أطلقها في 2015 قد ألغى تلك المناصب قبل ان تعود (نواب رئيس الجمهورية) بعد ذلك بأوامر قضائية.
وبحسب النائب الشيعي السابق ان «اقتراحات نواب رئيسي الجمهورية او الحكومة، تتضمن توزيع المنصب على تحالف عزم (السني)، ودولة القانون، وربما تحالف الفتح».
ويضيف النائب السابق ان «الخلاف حول اعادة هذا المناصب هو بسبب الحديث عن قيمة الاصلاح ورغبة محمد السوداني بتقليص نفقات الرئاسات الثلاثة وهي تتعارض مع فكرة استحداث مواقع جديدة».
وكانت تسريبات قد افادت في وقت سابق (قبل انسحاب الصدر من الحكومة) عن ان نوري المالكي زعيم دولة القانون، يطمح بالحصول على منصب نائب رئيس الجمهورية كمنصب تشريفي وحصانة ضد اي محاولات كانت متوقعة من الصدر ضده في تحريك ملفات اهدار الاموال اثناء فترة حكم الاول بين عامي 2006 و2014، وسقوط الموصل واحداث سبايكر.
خطوات باتجاه الصدر
ويزيد التعقيد في قضية الوزارات مع اراء تطرح داخل الإطار التنسيقي في ضمان عدد من الحقائب لصالح الصدر في حال قرر العودة الى الحكومة.
وكان الصدر قد هاجم الحكومة المرتقبة ووصفها بـ «المليشياوية» كما هدد بـ»طرد» كل من يشارك من اتباعه بالتشكيلة الجديدة.
وكان «الإطار» قد فاوض في وقت سابق فريقين ادعيا انهما يمثلان زعيم التيار حول عدد من الوزارات، قبل ان ينسف الصدر تلك التفاهمات.
ورغم ذلك ظل الإطار التنسيقي متصلا مع أحد الفريقين ويحاول اعطاءه حصة من الوزارات لكن ستكون «مجمدة».
ويوضح سياسي مقرب من الإطار التنسيقي في حديث لـ(المدى) عن معنى ذلك بالقول: «سيقدم مرشحين لهذه الوزارات التي هي في الاساس موضوعه للتفاوض مع الصدر او ترغيبه بالمشاركة بالحكومة، لكن لن يصوت عليها».
وبحسب اتفاق اولي سيتم اكماله لاحقا داخل «الإطار» فان «هذه الوزارات سوف لن تحصل على الاصوات اللازمة داخل البرلمان وستبقى شاغرة كما حدث في دورات حكومية سابقة، املا في ان يعود الصدر فيحصل على تلك المناصب المجمدة».
وحتى الان يرفض زعيم التيار الصدري العودة الى العملية السياسية، وتتوقع أوساط الصدر ان «ينفجر الوضع» قريبا داخل الإطار التنسيقي.
وبحسب تلك الاوساط ان «السوداني هو ظل نوري المالكي وسيعيد سياسات حزب الدعوة التي اهدرت ميزانية 8 سنوات (بين 2006 و2014)، خصوصا وان الاول كان وكيل وزير المالية في أكثر فترة تم التكتم فيها على النفقات وهي عام 2014».
وتشير تلك الاوساط الى ان المناصب السابقة التي شغلها السوداني اهمها وزارة حقوق الانسان والعمل والشؤون الاجتماعية «لم تحدث فيها إنجازات واضحة وهو دليل غير كاف على كفاءة المرشح».