TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض ..شارع غازي

كلام ابيض ..شارع غازي

نشر في: 18 يوليو, 2010: 09:53 م

 جلال حسن حين تمر بأي شارع في الدنيا هناك " شيء ما " يسترعي انتباهك، شيء لا يمكن أن تنساه إطلاقا إن كان حزناً أو فرحاً أو دهشةً، لأنه يرسم  المكان بذكرى تلتصق صورتها في تلافيف الذاكرة.الشوارع تشبه النساء الجميلات تحتضن كل السعادات والذكريات والحماقات والليالي الملاح،
 والشوارع مثل المسارح مثلنا على أسفلتها البارد وحجرها المرصوف أجمل الأدوار، وتقمصنا اخطر الشخصيات في العشق والوله والكبرياء والغرور احيانا. والشوارع لا تموت مهما أهملت، أو طواها الإهمال والنسيان،  ربما تندثر معالمها وأناقتها وبريقها، لكن هناك" شيئا ما" ينبض فيها ويدلنا عليها.هكذا هي الشوارع واقع مرئي، واكثر واقعية بالتسامي مع الانفاس  والتنهدات، أقول ذلك على شارع أليف وهادئ ومتسامح جمع قلوب كل اطياف المجتمع في شريانه الابهر الذي يمتد لساناً ناطقا بالتآخي والمودة والسلام والتسامح بين بابي المعظم والشرقي وشارعي الجمهوري والشيخ.شارع له تسميتان كما يحلو لاهله وكبار السن من الذين شهدوا افتتاحه ان يسموه قبل اكثر من سبعين عاما ، انه بغداد القديمة  بصورتها الباذخة بعشق الحياة ومحلاتها الاثيرية ، فضوة عرب وباب الشيخ  وساحة سينما الفردوس وابو سيفين ومحلاته ست هدية وسيد عبدالله والفضل والجوبة والطوالات وفضوة قره شعبان والكولات و خان اللاوند وحمام المالح وابو دودو وقنبر علي وسراج الدين والالفي وابو سيفين والشيخ عبد القادر الكيلاني . وامام مدرسة المهدية  الابتدائية  ترسم  اسماء كل المبدعين العراقيين  من جواد علي وحسين امين والالوسي والمهداوي صاحب المحكمة الشهيرة  الى الزعيم عبد الكريم قاسم .محلات تنسج من طيبتها روح بغدادية جميلة حيث تطغى الروح الشعبية بتصرف حضاري متقدم ، ومن يجلس في محلة الفضل جوار جامعها الكبير، في مقهى مكشوفة للريح  والازهار ،يرى  "الفضليات " باحلى الثياب والعطور وباناقة فاخرة ، يجد ان حركة الناس تمتد في مساحة الشارع برحابة سياحية  في المقاهي والمحلات  المنتشرة على شفة الشارع  بطراز بغدادي من التخوت و الناركيلة ، ومحلات التسجيلات الصوتية ، تصدح منها اصوات رشيد القندرجي وحسن خيوكة ومحمد القبنجي ويوسف عمر الى فرق المربع البغدادي التي  تشع الفرح في الاعراس والمناسبات ، وهناك الكثير من المكاتب الموسيقية  بدفوف وايقاعات غاية في الروعة ، اما المطاعم فليس هناك فيها أي تكلف لانها ارخص ما يباع في بغداد من أكلات  الكباب والكبة  والدجاج .شارع ما زال يغني ، ويرقص ،  يبيع، ويشتري  ويجمع كل الناس في شورجته العتيقة  ، وعند مدخله يسترعي انتباهك الى زمن يتوج  القلوب في ميزان الطيبة العراقية الخالصة ، انه شارع الملك غازي.jalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram