TOP

جريدة المدى > سياسية > التحرش يضيّق الخناق على العراقيات بألفاظ نابية وحركات غير لائقة

التحرش يضيّق الخناق على العراقيات بألفاظ نابية وحركات غير لائقة

نشر في: 18 أكتوبر, 2022: 11:14 م

 بغداد/ أنس الشمري

تنامي ممارسة التحرش مع انطلاق دوام المدارس والجامعات العراقية في كل عام، يضيّق الخناق على الطالبات، فتجمع الشباب أمام مدارس البنات والكليات، بات مشهداً مألوفاً في أغلب محافظات العراق، في وقت تشنّ فيه القوات الأمنية حملات مختلفة ومستمرة لمحاولة الحد من هذه الممارسة التي تناولها قانون العقوبات العراقي في أحد بنوده تحت عنوان عقوبة (الجرائم المخلّة بالآداب) التي تصل إلى السجن لمدة 6 أشهر.

حركات "غير لائقة" وستينيون على الخط!

(س. ع)، إحدى طالبات جامعة بغداد، التي ارتأت اختصار اسمها خلال الحديث لـ(المدى) تلافياً للإحراج، تقول: "دائماً ما اتعرض للتحرش في الشارع، علماً أن أعمار المتحرشين مختلفة، ففي ذات مرة تعرضت لتحرش لفظي من قبل رجل قد يفوق عمر والدي حيث كان يتجاوز الـ60 عاماً، وهذا الأمر يُحرجني في الشارع، ودائماً أخشى من مرور أحد أفراد عائلتي بالقرب مني صدفة وأنا اتعرض للتحرش من قبل أحدهم، فهنا ستحصل كارثة وقد يتطور الموقف إلى مشكلة".

وأضافت، "اتعرض لمضايقات أيضاً من قبل بعض سائقي التاكسي، حيث يحاول بعضهم استقطاب الفتاة التي تقوم باستئجارهم لإيصالها لمكان معين، وذلك عبر طرح أسئلة شخصية عليها تصل إلى حد السؤال عن العمر والسكن والحالة الزوجية وغيرها..، وهنا أكون في موقف محرج جداً، وصعب تداركه بسهولة، وغالباً ما الجأ إلى تجاهل المتحرش أو الشخص الذي يحاول مضايقتي، علماً أنني أُجرح عندما لا اتمكن من الرد؛ إلا أني مجبرة على التماشي مع الأُطر المتعارف عليها في مجتمعي الذي ينظر أحياناً إلى المرأة التي تدافع عن نفسها ضد متحرش على أنها تحاول جذب نظر الآخرين أو أنها غير مؤدبة.. وغيرها من التحليلات والأوصاف".

وتحدثت الطالبة الجامعية عما وصفته بـ "أغرب مواقف التحرش" التي مرت بها، قائلة: "ذات مرة وعند وقوفي عند بوابة أحد المولات في بغداد لاستئجار تاكسي بغية إيصالي إلى منزلي بحدود الساعة التاسعة مساءً، تفاجأت بوقوف العديد من السيارات واحدة تلو الأخرى بالقرب مني، وتلفظ مستقليها (السائق أو من يجلس بجنبه) بكلمات مخلّة وبذيئة، فضلا عن القيام بحركات غير لائقة، أجبرتني على ترك الشارع والدخول إلى المول مرة أخرى وعدم الخروج منه لحين وصول أحد أفراد عائلتي لكي يصطحبني إلى المنزل".

وفي الحديث مع الجهات المسؤولة والسلطات الأمنية في إطار الحد من (التحرش)، بيّنت الشرطة المجتمعية، إحدى تشكيلات وزارة الداخلية، أنها "تقوم بمساندة مفارز النجدة في المحافظات كافة، بشنّ حملات توعوية مكثفة خاصة في موسم دوام المدارس والمناسبات الدينية".

مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية تحدث لـ(المدى) قائلاً: "التحرش موجود في كل المجتمعات، وقد تتزايد وتتناقص نسبته استناداً إلى درجة ثقافة المجتمع، وإذا اعتبر كظاهرة في العالم فهو ظاهرة في العراق".

وبين، "ممارسات التحرش تزداد في موسم المدارس والمناسبات العامة وهناك أماكن تكثر فيها تلك الممارسات، وهي المولات والأسواق العامة"، مبيناً أن "دور الشرطة المجتمعية في الحد من التحرش، كبير، وذلك من خلال شنّ حملات توعية عبر التنسيق والعمل المشترك مع دوريات النجدة قرب المولات والمدارس والمتنزهات والأماكن التي تشهد تجمعات بشرية".

سجن وغرامات بانتظار "المتحرشين"

ولفت العطية، إلى أن "قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والنافذ، ورغم أنه لم يرد فيه لفظ التحرش، لكنه تحدث عن الجرائم المخلة بالآداب العامة والعقوبات عليها نصت في المادة 402 من القانون على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 3 أشهر أو غرامة مالية كل من طلب أموراً مخالفة للآداب من شخص آخر سواء كان ذكراً أو أنثى".

وتابع، "كما نص القانون على أنه: يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 3 أشهر أو غرامة مالية كل من تعرض لأنثى في مكان عام بأقوال أو أفعال أو إشارات بشكل يخدش حياءها، وحبس لمدة 6 أشهر وغرامة مالية إذا ارتكب الجاني نفس الجريمة بعد مرور سنة من تاريخ ارتكابه الجريمة في المرة السابقة".

وأكد العطية، أن "مفارز المجتمعية تنتشر عبر حملات ميدانية بدوريات قرب المدارس وأماكن المناسبات وتقدم النصح للشباب والنساء بضرورة الإبلاغ عن حالات التحرش؛ لأنها جريمة، فأكيد هناك مجرم وضحية، ومن الضروري الإبلاغ عنها ليكون هناك رادع للمتحرشين، وأيضاً يجب ان تراعي الفتاة أو المرأة الذوق العام سواء من ناحية الملبس والتصرفات والآداب العامة في الشارع لتجنب التحرش الذي يؤثر على بنية المجتمع، وكثرته تدل على خلل في المنظومة الأخلاقية للمجتمع وسيؤثر ذلك سلباً على أمنه واستقراره".

وأشار العطية، إلى أن "بعض حالات التحرش أدت إلى إجبار بعض الأهالي على قطع بناتهم عن المدارس وبالتالي خسرت العديد من الفتيات مسيرتهن العلمية بسبب تحرش في الشارع"، مبيناً، "لدينا أجندة نعمل عليها منذ اليوم الأول من الدوام الرسمي للمدارس، وهي التواجد المستمر أمام مدارس البنات وتوزيع المنشورات التوعوية التي ثبت عليها نص المادة القانونية التي تجرّم التحرش".

وختم، "في إحصائية عامة، وردتنا مناشدات وشكاوى في إطار التحرش بشكل مباشر إلى مقار الشرطة المجتمعية عبر مديرات ومديري مدارس بنات في بغداد والمحافظات، وكان عددها 28 مناشدة تحرش وذلك من (1 كانون الثاني 2022 ولغاية 30 أيلول 2022)".

الملابس القصيرة لا تشرعن التحرش

الناشطة النسوية منار عز الدين، تحدثت عن الأسباب التي أدت إلى تنامي ممارسات التحرش في العراق، قائلة: "تنامي ظاهرة التحرش في العراق له أسبابه؛ وأبرزها هو غياب التربية داخل الأسرة، وهذا يسحبنا إلى أسباب فرعية تتمثل في كثرة الحروب والأزمات الاقتصادية التي أخذت قادة الأسر (الأم والأب) إلى عالم آخر بعيد عن عالم وأجواء تربية الأولاد والبنات بشكل صحيح، وهذا العالم يتمثل بكيفية تأمين معيشة هذه العائلة، إذاً هنا نتحدث عن أزمات ألقت بظلالها على قضية كيفية تربية الأبناء داخل المنزل بصورة صحيحة".

ودعت عز الدين، النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش، إلى "المواجهة بشتى الوسائل، وهي الرد على المتحرش عبر إبلاغ الأجهزة الأمنية"، مبينة، "هناك طرق ووسائل مبتكرة أخرى وبدأت تنتشر عبر مواقع التواصل وهي تصوير المتحرش قدر الإمكان أو رقم عجلته أو أي مستمسك يثبت تحرشه بها، ولكن يجب تزويد الشرطة أو النجدة أو الشرطة المجتمعية بمقطع الفيديو وإثباتات واقعة التحرش؛ دون الذهاب نحو التشهير مباشرة الذي لربما يحاسب عليه القانون، ويعتبر ممارسة غير صحية أيضاً".

وانتقدت الناشطة النسوية (وجهات النظر التي تربط بين ملابس المرأة وممارسة التحرش)، قائلة: "لا يجوز جعل مسألة ملابس الفتاة أو المرأة التي لربما تكون قصيرة أو عصرية، كشماعة لشرعنة التحرش، كون التحرش ظاهرة غير حضارية ونحن في مجتمع متعدد الديانات والقوميات وعليه يجب احترام الحريات الشخصية، فلو كان الأمر منعكسا والفتاة هي من تتحرش بالشاب كيف سيكون الموقف؟.. الجواب: معيب أيضاً كما هو على الرجل إذا تحرش بالنساء".

وختمت عز الدين، "هناك أمر آخر ساهم في تنامي ظاهرة التحرش في العراق، وهو التمدن الذي شهدته المدن العراقية مؤخراً جرّاء الحروب التي أدت إلى دمار العديد من القرى والأقضية والنواحي، الامر الذي دفع أهلها وساكنيها إلى النزوح نحو المدينة التي لربما عاداتها وتقاليدها تختلف كثيراً عن عادات وتقاليد الريف".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: درجة الحرارة الصغرى في بغداد غدا الإثنين صفر مئوية

نتنياهو: جاهزون لاستئناف القتال في غزة "بأي لحظة"

تشكيلة منتخب قدامى العراق للقاء البحرين

محافظة عراقية تعطل المدارس غداً وتقلص الدوام ساعة واحدة

وزارة الصحة تحيل (6) مكاتب علمية لدعاية الأدوية إلى القضاء

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

بغداد ملتزمة بـ
سياسية

بغداد ملتزمة بـ"التوازن".. والتطبيع مع سوريا يتعثر بسبب "مخاوف الإطار"

بغداد/ تميم الحسن تستمر بغداد بالسير على خيط التوازن الرفيع، إذ تضغط واشنطن على العراق لإيقاف التمدد الايراني، فيما يعمل أطراف بالداخل على عكس ذلك. ويتعين على بغداد استئناف ضخ النفط من كردستان، والا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram