حازم مبيضيناستبق السيد حسن نصر الله القرار الظني المنتظر من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، بقنبلة إعلامية نسق لها مع حليفه الجنرال عون، متهماً ذلك القرار بأنه صناعة إسرائيلية، استندت إلى نشاط عميل لها في الاتصالات اللبنانية، يقال إنه تلاعب بقواعد البيانات، وبما يسمح لتلك المحكمة بتوجيه اتهامها لحزب الله بالضلوع في عملية الاغتيال،
لكن السؤال الذي يبرز تجاه هذه التصريحات هو، مَن الذي أطلع حزب الله على قرار المحكمة الظني؟ ومَن أخبره أن موضوع الاتصالات هو العمود الفقري للدلائل؟ ومع أنه كان منتظراً أن لايسبب ذلك القرار فتنة إن تعامل معه اللبنانيون بعقلانية أيا كانت طبيعته ومحتواه، فإن الواضح أن السيد نصر الله يعلن اليوم انقلاباً صريحاً على الدولة اللبنانية منسحباً من كل نقاط الاجماع التي جمعت اللبنانيين منذ بداية طاولة الحوار حتى هذه اللحظة.حزب الله وتيار عون ومعهم مردة فرنجيه، لا يقصرون اتهامهم بالعمالة لاسرائيل على الفرد المتورط بذلك فيعممون، متهمين غيرهم بأنهم بيئة حاضنة للجواسيس، وفي ذلك خلط واضح هدفه الترهيب، والتأكيد على طريقة بوش القائلة بأن كل من ليس معنا فهو ضدنا، وبما أننا أشرف الناس بحسب تعبير السيد فان الآخرين ليسوا أشرافاً ويجب زجهم في دائرة الاتهام، بهدف ضرب البيئة السياسية اللبنانية التي نعرفها بتعدديتها السياسية والطائفية وهي التي أفرزت النظام السياسي التوافقي ومؤسسات الدولة. أي أن الهدف هو تصفية هذه البيئة على كل مستوياتها، وإعادة صياغتها بمفهوم أن أتباع السيد نصر الله هم أشرف الناس، وأن كل ما يتم في لبنان يجب أن يكون على مقاسهم وهواهم.السيد نصر الله يبشرنا بأن هناك مؤامرة تحاك ضد لبنان – المقصود ضد حزب الله – وهو يستند في ذلك إلى قراءة أتحفنا بها الجنرال عون الذي يتخوف من " سيناريو دراماتيكي، تتداخل فيه عناوين المحكمة واسرائيل والداخل اللبناني، ويتمثل ذلك في تحضير بيئة سياسية داخلية للقرار الظني تتزامن مع توتر داخلي بين اللبنانيين أنفسهم ومع الفلسطينيين من جهة أخرى، وعند صدور القرار الظني، يبدأ العد العكسي لعمل عسكري اسرائيلي واسع النطاق، تصبح معه المقاومة أسيرة النار الاسرائيلية من جهة ونار الفتنة الداخلية من جهة ثانية، ويصبح جمهورها من جهة ثالثة، رهينة النارين " . ويتخوف الجنرال من تقاطع القرار الظني والعدوان مع تحرك مجموعات عسكرية في الداخل اللبناني، خصوصا في البيئة المسيحية، من أجل فرض أمر واقع جديد، وفي الوقت نفسه، تنبري بعض المجموعات الأصولية، ولاسيما في المخيمات الفلسطينية، لرسم وقائع جديدة في ساحات محددة، ويصبح مشروع الفتنة في لبنان مفتوحاً على أكثر من احتمال.واقع الحال أن مخاوف الجنرال وتصريحات السيد ليسا أكثر من دعوة لإعادة النظر بتركيبة حكومة الشيخ سعد الحريري، التي يريان أنها غير قادرة على مواجهة " الفتنة " بل ويتهمان بعض أعضائها بالمراهنة عليها والعمل من أجلها وحتى تغطيتها. والجنرال يؤكد أن هذه قراءة تحليلية مستندة الى وقائع سياسية ومؤشرات ووقائع ميدانية ظهرت منذ مدة، ويتجاهل الرجلان أنهما يسوقان مجدداً للحرب الأهلية عبر هذه المواقف التي لا تخدم غير أعداء لبنان وطموحاتهما، ولا يجيبان على سؤال أن فرع المعلومات الذي يتهمانه بالتواطؤ قدم معلومات الى المسؤول في حزب الله الحاج وفيق صفا تتعلق بأسماء ثلاثة قياديين في الحزب تورطوا في التعامل مع إسرائيل، رغم أنهم من " أشرف الناس " كما يصفهم نصر الله.
من خارج الحدود: هل يلتهب صيف لبنان؟
نشر في: 19 يوليو, 2010: 06:44 م