صالح الصحن
مرة أخرى يحاول مصمم ومخرج افلام التحريك زيد شكر، في فيلم "شيرين" نصا وإخراجا عن موضوع مهم جدا، لدلالاته العربية والوطنية، فيختار الإعلامية الشهيدة شيرين ابو عقلة، فكرة، بنى عليها ثيمة، حاول الحفاظ عليها بمحور التعاطف والتلقي،
فتبدأ حكاية الفيلم، صبيان يحاولان رسم العلم الفلسطيني على جدار حارتهم، فانهكوا في تحضير الصبغ، أحدهم يصبغ الابيض واخر يصبغ الأخضر فيما كلفوا شيرين ان تصبغ اللون الاسود وقبل ان ينتهوا جميعا تتوجه عليهم رشاشات جنود العدو لإيقاف عملية رسم العلم وما يحمل من دلالة بحجم الوطن، ولكن شيرين تتصدى لهم باستخدام كاميرتها بالتقاط وتوثيق اعمالهم الهمجية كما لو كانت مقاتلة برشاشة ولكن بهيئة كاميرا، ذلك مما دفع بالمخرج التفنن باستخدام صيغة المونتاج المتوازي، فكلما تدوس شيرين زر تثبيت لقطة لجنود العدو يسقط جنديا صريعا، وتكررت مرات عديدة لإنتاج صورة بلاغة التعبير الذي دل على أن الاعلام والكاميرا هي الأسلحة الفتاكة لهمجية العدو، ولم يبقى الا قناصا متوحشا يصوب حقده ويسقط شيرين شهيدة بدماءها التي ملئت شارع الحارة بعد أن تناثر دمها على الجدار ليكمل الوان العلم المقدس، ففي هذا الفيلم، صورة وحركة وموضوع، حيث أجاد المخرج رسم لقطته الأولى لاشجار المدينة ومنازلها وراية العلم تشمخ من الأسفل للأعلى بكبرياء يليق باهله، كذلك كان واعيا في تحريك شخصياته بانسيابية مقترنة بنوع الدور والحركة، ومنهم لقطات متنوعة مختلفة الحجوم والزوايا مع تقطيع مناسب، ولكن لم نرى في ازقة وشوارع المدينة اية آثار للحرب والحجارة والدمار ووحشية العدو التي اقترنت بهكذا بيئة معروفة. وكذلك، لم تقترب تصاميم ازياء أو ملابس جنود العدو إلى ما هو مألوف عنهم، فضلا عن اختفاء بعض مظاهر حالة الحرب واللاستقرارالتي يعيشها الشعب الفلسطيني طيلة حياته اليومية رغم الاستخدام المتوافق جدا للموسيقى التصويرية، فالفيلم اعتمد على رمزية رسم العلم الفلسطيني كدلالة ثابتة للتمسك والاعتقاد الراسخ بالقضية والوطن والشهادة.. فيما أبصرت فكرة الفيلم نورا باعتمادها على الشباب الصبيان، أبطالا، جيل المستقبل شباب المقاومة والدفاع عن حقوق البلاد، فيلم شيرين، ابتعد عن الخطابات المستهلكة، والكتابات المألوفة على الجدران، وتمسك بلغة الصورة في حمل المعنى المشبع بقوة التعبير، والافصاح عن القضية.
