ثائر صالح
فازت فرقة بودابست الاحتفالية بلقب فرقة العام 2022 كأفضل أوركسترا بناء على التصويت الذي تجريه مجلة غرامافون الموسيقية المتخصصة كل عام لاختيار أفضل التسجيلات الموسيقية
وأفضل علامة تسجيل ذهبت إلى شركة تشاندوس للتسجيلات وتكريم منجز حياة المايسترو دانيل بارنبويم الذي أعلن مؤخراً اعتزاله عن النشاط الموسيقي لأسباب صحية. تنافست الفرقة على هذا اللقب مع عشرة فرق بينها فرقة فيينا الفيلهارمونية وأوركسترا بتسبورغ السيمفونية واوركسترا حجرة مالر واوركسترا الدولة البافارية. اختارت المجلة أفضل تسجيلات هذه الفرق وطرحتها للتصويت اسبوعياً، حتى حصلت فرقة بودابست الاحتفالية على أكثر من 38 بالمئة من الأصوات، وهو انجاز كبير إذا ما أخذنا في عين الاعتبار عراقة بعض الفرق المتنافسة. لكن المنافسة ذاتها هي ليست محور وجوهر عمل الفرقة، فمؤسسها إيفان فيشر (1951) يؤكد أن هدف الفرقة الأساسي ليس منافسة الفرق الأخرى والتفوق عليها، بل تقديم الموسيقى بكل حب وحماس وإشراك الجمهور في هذا الحب للموسيقى. هذا واحد من أسباب النسبة العالية من الأصوات التي حصلوا عليها.
أسس فيشر الفرقة سنة 1983 لتكون مختلفة عن باقي الفرق وليس أفضل منها، لتفاجئ الجمهور بالجديد على الدوام. أحد جوانب الاختلاف هو الصلة المباشرة بالجمهور والمبادرات المختلفة التي تقوم بها الفرقة خاصة في السنوات الأخيرة، مثل تقديم حفلات مجانية دورية في دور العجزة، وإرساء تقاليد "حفلة الكاكاو" للأطفال بالخصوص المصابين بمرض التوحد في مقر الفرقة. تنشط الفرقة في القيام بجولات فنية واسعة خاصة في أوروبا والولايات المتحدة وتعد اليوم في طليعة الفرق الموسيقية العالمية.
حضرت قبل اسبوعين حفلاً للفرقة قدمته في الصالة الكبرى لأكاديمية الموسيقى في بودابست، وهي واحدة من أجمل الصالات. كان فيشر في تلك الأيام يقود فرقة برلين الفيلهارمونية ليقدم سيمفونية مالر الأولى، فقاد اوركسترا بودابست زميله غابور تاكاتش - ناج (1956) في برنامج لهايدن (السيمفونية 39) وموتسارت (سيمفونيا كونشرتانته وسيمفونية براغ). ويمكن القول إن هذا الحفل كان متميزاً بالقدرات العالية لهذه الفرقة، فقدم الجزء المنفرد الكمان والفيولا من السيمفونيا كونشرتانته الشهيرة عازفان من أعضاء الفرقة بمستوى تقني رائع وإبداع بارز، وهو أمر نادر إذ جرت العادة على دعوة "نجوم" العازفين للقيام بهذا الدور. وربما كانت الحركة الثانية من سيمفونية موتسارت "براغ" هي أفضل تقديم سمعته طوال حياتي سواء في التسجيلات أو العروض التي حضرتها. والامسية كانت تفيض بحب الموسيقى وهو أمر يشعر به السامع على الفور، بالفعل مثلما أشار إليه فيشر.
بهذه المناسبة سعدت بتقديم التهنئة للصديق قصي حسين قدوري [قصي مهدي] عازف التشيلو في اوركسترا بودابست الاحتفالية شخصياً، وهو عضو في الفرقة منذ العام 2008 وينشط في مختلف فعالياتها ضمن تشكيلات موسيقى الحجرة المختلفة والتشكيلات التي تقدم موسيقى الباروك. وإشراك أعضاء الفرقة في هذه التشكيلات هو أحد الجوانب المميزة لإدارة الفرقة.