بغداد/ تميم الحسن
تسعى أطراف داخل الإطار التنسيقي الى تنفيذ «حملة ابعاد» لبعض المحسوبين على التيار الصدري والذين حصلوا على مناصب في الحكومة السابقة.
يأتي ذلك في وقت دعا فيه رئيس الوزراء الجديد محمد السوداني الى «استلام هادئ» للوزارات بدون «عمليات انتقام».
وظهر السوداني مع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي في أجواء ودية أثناء عمليات تسليم السلطة، فيما تعرضت كابينة الأول الى انتقادات بسبب بعض الوزراء.
وصوت البرلمان باغلبية الاصوات الخميس الماضي، لصالح حكومة السوداني التي ضمت 23 وزارة (حقيبتين مؤجلتين).
وشارك في الجلسة 253 نائبا، فيما تعرض في نهاية الجلسة النائب ورئيس حركة امتداد علاء الركابي للضرب بسبب اعتراضه على «الكابينة» بحسب مقربين من الاخير.
وضمت الكابينة 12 وزارة للشيعة اغلبها ذهب الى الإطار التنسيقي، و6 وزراء للسنة، مقابل وزارتين للكرد فيما يتوقع ان تسند الوزارتين المتبقيتين الى الكرد.
والسوداني هو اصغر رئيس وزراء (52 عاما)، كما شكلت النساء في كابينته لأول مرة منذ نحو 17 عاما نسبة نحو 14% وهي نسبة قابلة للزيادة.
وانتهت بتشكيل الحكومة ازمة امتدت لأكثر من عام، شهدت في نهايتها صداما مسلحا بين أنصار التيار الصدري ومسلحين داخل المنطقة الخضراء.
ومثل اتباع زعيم التيار مقتدى الصدر طوال الاشهر الماضية، حجر عثرة أمام طموح القوى الشيعية التي ارادت تقاسم السلطة على الطريقة المعتادة.
ووفق ذلك تتحدث مصادر سياسية لـ(المدى) عن «وجود رغبة للانتقام من التيار الصدري في الوزارات والمؤسسات الحكومية».
وتشير تلك المصادر التي طلبت عدم الاشارة الى هويتها إلى ان «هناك عملية منظمة تقوم بها اطراف تسيطر على الحكومة الجديدة لتهميش ابناء التيار في الحكومة والوظائف».
ولن يتوقف الامر عند هذا الحد، بل ترجح المصادر ان «الحملة ستطال ايضا كل الذين حصلوا على مناصب او كلفوا بمهام اثناء حكومة الكاظمي».
وفي اول يوم عمل له قام وزير الداخلية الجديد عبد الامير الشمري بإيقاف كل الأوامر السابقة في الوزارة.
وانتشر كتاب موقع من الوزير الذي استلم أمس فقط مهام عمله الجديد، وهو يطلب إيقاف كل المهام التي اوكلت الى شخصيات في الوزارة.
وبحسب تسريبات ان الوزير الجديد يقصد من تلك الحركة ابعاد حسين العوادي وهو الوكيل الأقدم للوزارة وكان نائب سابق عن التيار الصدري.
ولم يصدر عن الصدر حتى الان اي موقف من تشكيل الحكومة الجديدة. وكان وزير الصدر (صالح العراقي) قد نشر عشية إعلان الحكومة كلمة مقتطعة من بيان سابق لزعيم التيار.
وقالت التدوينة نقلا عن الصدر في تذكير بمشروع الاغلبية السياسية والاصلاحات: «وما اردت الا ان اقوم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية».
بالمقابل دعا حيدر البرزنجي وهو مقرب من «الإطار» ومعروف بآرائه التي تثير الجدل، الى ملاحقة الكاظمي وفريقه.
وقال البرزنجي في تغريدة على «توتير» بان «المبخوت (في اشارة الى الكاظمي) وفريقه خارج السلطة هم أخطر منهم في السلطة».
وزعم البرزنجي بان الكاظمي سوف يستخدم «الجيوش الالكترونية والامكانيات المالية لتسميم الأجواء والتشويش على الحكومة الجديدة».
وعقب استلام هادئ للسطة، طلب السوداني في اول اجتماع للحكومة الجديدة من وزرائه أن «يتسلموا مهامهم من الوزراء السابقين بإجراءات هادئة وغير صاخبة».
ووجه السوداني الوزراء بعدم إصدار أوامر وإجراء تعديلات سريعة حتى لا تنعكس صورة بأن الحكومة الجديدة تريد أن تلغي دور الموجودين في المناصب، لافتاً إلى أن «الجميع موظفون في الدولة العراقية».
وكان رئيس الوزراء الجديد قد تعهد في البرنامج الحكومي الذي ارسله الى مجلس النواب، بإجراء انتخابات مبكرة خلال عام واحد.
واعتبر مراقبون ان السوداني يغازل الصدر، حيث كان قد ابدى الأول رغبة بلقاء زعيم التيار الصدري قبل التصويت على الكابينة.
وكشف برنامج السوداني عن تعهد بكتابة قانون جديد للانتخابات خلال 3 أشهر، والتنظيم لانتخابات محلية (مجالس محافظات).
وتضمن البرنامج محاربة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوما من تاريخ تشكيل الحكومة، ومعالجة الفقر والبطالة، والإسراع في إعمار المناطق المحررة (من تنظيم داعش)، والانتهاء من ملف النازحين.
كما تحدث السوداني في برنامجه عن إنهاء «ظاهرة السلاح المنفلت»، ومعالجة ملف «ملء الفراغ الأمني»، في المناطق الإدارية بين إقليم كردستان وباقي مناطق العراق.
كذلك تضمن برنامج السوداني «إعادة النظر بجميع قرارات حكومة تصريف الأعمال اليومية (حكومة مصطفى الكاظمي)، خصوصا الاقتصادية والأمنية والتعيينات غير المدروسة».
وجاءت في البرنامج الحكومي أيضا بنود تتعلق بمعالجات لقطاعات الزراعة والصناعة وإعادة الثقة بالمنتوج العراقي، وتطوير الصناعة النفطية، وتحسين جودة خدمات الاتصالات.
ومما تضمنه البرنامج كذلك تخصيص موازنة كافية لتعويض المتضررين جراء العمليات الإرهابية والعسكرية، ومعالجة العمل بالوكالة في إدارة مؤسسات الدولة خلال فترة 6 أشهر.
كما كان لافتا حديث البرنامج الحكومي عن نازحي مناطق يقال بانها واقعة تحت سيطرة فصائل مثل جرف الصخر، والتعهد بعودتهم خلال مدة زمنية محدودة وطي صفحة النزوح.
وتطرق البرنامج الى التنسيق بين حكومتي المركز والإقليم حول الملفات والقرارات التي تخص إقليم كردستان، والالتزام بتقديم ورقة إصلاحية اقتصادية شاملة، وإنشاء الصندوق السيادي.
وحصل الإطار التنسيقي في حكومة السوداني على 8 وزارات، مقابل 4 وزارات تم ترشيحها مباشرة من رئيس الوزراء.
ووزارات «الاطار» هي: الصحة (بدر)، الزراعة (القانون)، النقل (فتح)، العمل (الفتح- احمد الاسدي)، الاتصالات (فتح-الفياض)، الرياضة (القانون)، النفط (القانون) (وزيرها نائب رئيس وزراء)، والتعليم (عصائب).
بالمقابل وبحسب معلومات ان السوداني هو من اختار وزراء: الداخلية، المالية، الكهرباء، والموارد المائية.
لكن بالمقابل هناك تسريبات أشارت الى ان هذه الوزارات هي «بيد أحزاب الإطار» وجرى اتفاق على ان تمنح لشخصيات تكنوقراط.
اما القوى السنية فحصلت على وزارات: الدفاع (عزم- مثنى السامرائي)، التربية (عزم- ابو مازن)، الثقافة (السيادة- الخنجر)، التجارة (السيادة- الخنجر)، الصناعة (السيادة- الخنجر)، والتخطيط (السيادة- الحلبوسي) (وزيرها نائب رئيس الوزراء).
بالمقابل منحت وزارتي العدل (الاتحاد الوطني) والخارجية (الحزب الديمقراطي) الى الكرد، فيما يرجح ان الوزارتين المؤجلتين وهما: الاعمار والبيئة ستمنحان للكرد ايضا (الديمقراطي).
وانتقد مراقبون تسمية نعيم العبودي القيادي في العصائب (قيس الخزعلي) لوزارة مهمة مثل التعليم العالي.
وجاء الانتقاد خصوصا وان العبودي حصل على شهادة دكتوراه من جامعة في لبنان كانت الوزارة نفسها قد اوقفت في وقت سابق الشهادات من تلك الدولة وشكلت لجنة لتقييمها.
وفي غضون ذلك هاجم عبد الامير التعيبان وهو قيادي منشق عن «الإطار» طريقة تسمية بعض الوزراء.
وتساءل التعيبان في تغريدة على «توتير» عقب التصويت على الحكومة: «ماهو اختلاف نظامنا الجديد عن النظام المقبور (في اشارة الى نظام صدام حسين)؟!، الذي كان يكلف اشخاص من غير الاختصاص للوزارات المتخصصة معتمدا على الولاء للحزب والقرب من القائد الضرورة».
وجاءت تغريدة الأخير عقب هجوم النائب السابق على تسمية عضو ائتلاف دولة القانون عباس العلياوي لوزارة الزراعة.
وقال التعيبان :»ادعو السيد المالكي الموقر الى اعادة النظر بتكليف وزير الزراعة. فمن غير المعقول في ظرف ازمة غذاء عالمية ان يكون وزير الزراعة مهندس ميكانيك. وليس لديه أية خبرة تذكر في هذا القطاع الحيوي».
وكان السوداني قد أعاد 3 وزراء من حكومة الكاظمي وهم فؤاد حسين وزيرا للخارجية (ونائب رئيس الوزراء)، وخالد بتال وزير التخطيط السابق واسند له الصناعة، اضافة الى ايفان يعقوب وزيرة الهجرة.
ويعقوب هي واحدة من ثلاث نساء حصلن على مقاعد في كابينة السوداني، حيث اسندت لاول مرة منذ 2003 وزارة سيادية ومهمة مثل المالية الى امرأة وهي طيف سامي، الى جانب وزارة الاتصالات التي منحت الى هيام الياسري.
كما يرجح ان عدد النساء في الحكومة الجديدة يتصاعد حيث يتداول اسم فيان صبري لوزارة البيئة التي لم يتم التصويت عليها حتى الان.