كيب تاون / بقلم ديفسون ماكنغاأكدت ديبورا بروتيغام، الأستاذة الجامعية ومؤلفة كتاب (هدية التنين) القصة الحقيقية للصين فى أفريقيا»، أن الصين تنظر إلى القارة الأفريقية بإعتبارها شريكا وسوقا هائلة لمنتجاتها، وذلك على النقيض من رؤية أوروبا والولايات المتحدة لهذه القارة على أنها منطقة حروب وأمراض ومآسٍ.
وشرحت في مقابلتها مع وكالة انتر بريس سيرفس أن الشركات الصينية، إضافة إلى الهيمنة على قطاع صادرات السلع الاستهلاكية لأفريقيا، إنما تعمل أيضا على إستكشاف إمكانات التصنيع والبنية التحتية في جميع أنحاء القارة، مع إبتداع السبل والوسائل المبتكرة للاستفادة منها وتولي تمويلها. وأضافت بروتيغام، أستاذة التنمية الدولية بالجامعة الأمريكية في واشنطن، أن الحكومات الأفريقية وقطاعات الأعمال الكبيرة والصغيرة وهيئات المجتمع المدني ينبغي أن تنتبه لهذا الواقع للإستفادة من مزاياه. وبسؤالها عن الدور المفترض أن تلعبه هذه الأطراف للإستفادة إلى أقصي حد من الفرص الصينية، أجابت أنه من الضروري أن تتعرف على ما فعلته الصين ذاتها للخروج من حالة الفقر ولكن من دون محاكاته حرفيا وإنما بتكييفه على خططها وبرامجها. وأكدت «هناك الكثير جدا مما يمكن تعلمه من الخطط والربامج الصينية في السنوات الأخيرة، «وأعتقد أن الحكومات الأفريقية يجب أن تنظر أيضا للصين كشريك». وذكّرت بروتيغام بأن الصينيين يقولون دائما أن هناك سبلا مختلفة للنمو ولا يجب أن تمر كلها عبر موافقة واشنطن. أما قطاع الأعمال الأفريقي، فأصبح لديه الآن شركاء جدد، فالعديد من أصحاب الأعمال الأفارقة يذهبون الآن إلى الصين للتعاقد على سلع وخدمات صينية لإستيرادها إلى أفريقيا، وفقا للخبيرة التي أضافت أن العديد من الأفارقة يزورن المصانع الصينية ويقولون «ليس من الصعب فعل ذلك»، فيطلبون المساعدة الفنية الصينية لبناء مصانع مماثلة في أفريقيا. وعن المجتمع المدني، شرحت بروتيغام في حديثها مع وكالة انتر بريس سيرفس أنه بدوره يمكنه التعلم قدر الإمكان مما يفعله الصينييون سواء سلبيا أو إيجابيا. فالمجتمع المدني الأفريقي يصبو إلى قدر أكبر من الشفافية من جانب الحكومات، وحجم المساعدات التي تتلقاها، وكذلك الأمر بالنسبة للإستثمارات والتجارة والصادرات، والديون وكيفية سدادها. وبسؤالها عن الصفقة الأخيرة لبناء معامل لتكرير النفط في نيجيريا ومفهومها لما يسمى بـ ( قروض البنية التحتية المدعومة )، أجابت بروتيغام أن «المسألة الرئيسة هي أن ننظر إلى مجالات التمويل، إلى أين يجري التمويل؟ فمثلا في حالة الصفقة الصينية مع نيجيريا لا يوجد أي تمويل”. وأضافت «أعتقد أن البنك الصيني كان جريئاَ للغاية بتقديمه 20 مليار دولار لهذا المشروع في نيجيريا (على شكل قروض). صحيح أن نيجيريا أكثر إستقرارا من جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن المشاريع الجارية في هذه الأخيرة هي أصغر من ذلك بكثير”. وإستطردت خبيرة التنمية الدولية قائلة «قد يبدو للبعض أنه من الأذكى البدء ببناء معمل تكرير واحد لجس النبض، فالمعروف أن 85 في المئة من المنتجات النفطية المستهلكة في نيجيريا مستوردة، وأنها تصدر النفط الخام أساسا». «وعلى الرغم من ذلك، فالدافع الأساسي وراء الصفقة الصينية (ببناء مصافي النفط في نيجيريا) هو ذو طابع سياسي، فالمعروف أن النخبة (النيجيرية) تستفيد من التحكم في واردات المنتجات النفطية ولا ترغب بالتالي في تغيير هذا الوضع». ثم أجابت بروتيغام على سؤال لوكالة انتر بريس سيرفس بشأن حقيقة التطلعات الصينية في أفريقيا التي تدفعها إلى الدخول في صفقات معقدة وغير مأمونة أحيانا، قائلة أنه من المفيد النظر إلى علاقات الصين مع هذه القارة «كجزء من ستراتيجية العولمة الصينية”. «يمكن تسمية ذلك إستعماراً جديداً أو إمبرالية جديدة، لكن الواقع هو أن الأمر يتعلق بمسار العولمة وبمساعي الصين للتحول إلى قوة إقتصادية عالمية، ما يجعلها تنظر إلى أفريقيا كشريك لها»، وفقا للخبيرة. وعلى سؤال عن ما يمكن أن تقدمه أفريقيا في سياق مثل هذه الشراكة مع الصين، قالت أن القارة توفر لها كميات ضخمة من المواد الخام، لكنها تمثل سوقا هائلة أيضا. “صحيح أن الغرب يتنافس أيضا على هذه السوق، لكنها سوق جبارة حقا». وأفادت بروتيغام أن الصين أصبحت أكبر مصدّر لأفريقيا، «لكن بكين تنظر إلى هذه القارة من زاوية أخرى. فالغرب يعتبرها منطقة حروب وأمراض وفوضى وكوارث بل ومثار للشفقة. أما الصين فتنظر إلى أفريقيا كساحة إستهلاكية وكشريك في الصفقات التجارية، وهذا هو منظور مختلف تماما» عن المنظور الغربي.
منظور متخلف عن الغرب ..ماذا تفعل الصين حقاً في أفريقيا؟
نشر في: 20 يوليو, 2010: 06:18 م