TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الطريق إلى (لولا دا سيلفا)

العمود الثامن: الطريق إلى (لولا دا سيلفا)

نشر في: 1 نوفمبر, 2022: 12:10 ص

 علي حسين

عندما بدأ الطفل لولا دا سيلفا العمل ماسحا للاحذية لمساعدة عائلته ، لم يكن يحلم بأن يصبح تلميذاً في المدرسة ليتعلم القراءة، من أجل أن يقرأ الروايات المليئة بصور المغامرات، كان الحلم مستحيلاً على ابن عائلة تعيش تحت خط الفقر، تسكن في كوخ من الصفيح، أب مزارعا بالاجرة ، والأم خياطة،

فقرر أن يساعدهما لتحمل نفقات عائلة تتكون من عشرة أفراد، عمل في شوارع ساو باولو مرة صبياً ينظف زجاج السيارات ، ومرة بائع خضروات واخرى ميكانيكي، ثم عامل تعدين، وفي التاسعة عشر من عمره يخسر أحد أصابعه أثناء العمل في مصنع للسيارات، ولم يجد المال اللازم لإجراء عملية جراحية، فقرر أن يتحول إلى نقابي يدافع عن العمال الفقراء، وبسبب الفقر والعمل المتواصل، لم يستطع إكمال دراسته الابتدائية، لكنه يقول إنه محظوظ لأنه تعلم القراءة، فقرأ ماركس وبرتراند رسل وتولستوي، والأهم أنه استطاع أن يصبح أحد دراويش الكاتب البرازيلي الشهير جورجي أمادو الذي وصفه بأنه "رمز لقوة ومثابرة الإنسان البرازيلي". سيلتحق بصفوف النقابات العمالية، يناضل ضد سياسة تجويع العمال وسحق الفقراء. وعندما قرر أن يترك العمل النقابي، حلم بأن يجلس على مقاعد السياسيين، وكان ذلك مستحيلاً في بلد تتوالى فيها الصراعات على السلطة . عام 2002 وجد الطريق أن إلى رئاسة الجمهورية أصبح سالكاً وأنه سيصبح رئيساً لبلاد السامبا .

عندما قرر دي سيلفا أن يقاتل الفقر، لم يجعلها معركة ثأرية بل جعلها حرباً من أجل فقراء البرازيل، لم يطل "لولا" الخطب والشعارات ، بل أطال العمل والجهد وترسيخ محبة الناس. وجعل شعاره إغناء الفقراء لا إذلال الاغنياء .

في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر"، أي "القضاء على الجوع" ، فنقل اكثر من مليون مواطن برازيلي من الفقر . ظلّ لولا في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة،لأنّ الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيساً للبرازيل، قدّم صورة أخرى للزعامات في العالم، أعطى لشعبه، ازدهاراً لم يعرفه من قبل، لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم :" أنا أغادر الرئاسة لكن لا تعتقدوا أنكم ستتخلصون مني لأنني سأكون في الشوارع للمساعدة في حل مشكلات الناس " .

يقول إن من نشأ في تلك "السنوات العصيبة كان سيتعلم أن يواجه المخاطر بروح صلبة". ظل على الدوام يؤمن بما قراه في احد كتب ماركس إن "التحرر الإنساني يعلم الانسانالتعرف على قواه الذاتية " .

يعود دي سيلفا الى الحكم ، لكنه لن ينشغل بمحاربة أعدائه الذين ادخلوه السجن والقاء خطب التخوين ، بقدر سينشغل بتحقيق حلمه بـ "برازيل بدون فقراء "، مثلما كان يحلم مواطنه جورجي أمادو .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram