ترجمة: حامد أحمد
وافق مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 27 تشرين الأول على البرنامج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني الجديدة المكون من 29 صفحة ومنح الثقة للكابينة الوزارية بتصويت 250 نائبا من مجموع 329، رغم ذلك فان رئيس الوزراء الجديد يواجه تحديات عديدة في المضي بورقة عمله واولوياته التي حددها.
ويشير تقرير لموقع (المونيتر) الاخباري الى ان السوداني قد عرض برنامج عمل حكومته بقدر ما يتعلق الامر بمهام الوزارات المعنية ولم يدخل أي تغيير كبير في السياسات العامة للبرنامج الوزاري الذي رسمه سلفه، مصطفى الكاظمي. هذا على الرغم من حقيقة انه خلال الشهرين الماضيين انتقد السوداني، من بين أمور أخرى، الكاظمي وفريقه السياسي على سياسات تتعلق بعلاقات خارجية وتعاون إقليمي ودولي.
السوداني لديه بطاقة قوية تمكنه من تفعيل برنامجه، بالأخص التغطية الواسعة التي تحظى به حكومته داخل البرلمان من خلال كتلة الإطار التنسيقي وهو التحالف السياسي لأحزاب شيعية مختلفة الذي انبثقت منه الحكومة كونه الكتلة الأكبر التي تمتلك 140 مقعداً برلمانياً.
مع ذلك فان تشكيل الحكومة في النهاية تبنى نهج المحاصصة بين الأحزاب المشاركة، والذي قد ينتهي بعرقلة أية مبادرات كبيرة.
اهم نقطة في برنامج السوداني الوزاري هو التأكيد على إقامة انتخابات مبكرة بغضون سنة وتعديل قانون الانتخابات البرلمانية في غضون ثلاثة أشهر، وبهذا يكون السوداني قد بعث برسالة إيجابية لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي انسحب من العملية السياسية. بمعنى آخر، ان حكومة السوداني قد تكون حكومة أخرى قصيرة الاجل كما هو حال الحكومة السابقة، التي تم تشكيلها بهدف رئيس، من بين اهداف معينة أخرى، وهو إقامة انتخابات برلمانية مبكرة.
الموافقة على تنفيذ مطلب الصدر بإقامة انتخابات مبكرة مرة أخرى هو يهدف، من جانب، الى طمأنته بان ليست هناك نية لتهميشه، ويهدف من جانب آخر الى إعادة انتاج " التوازن السياسي المفقود " الذي أشار اليه زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، أحد أبرز زعماء الإطار التنسيقي ومساندي السوداني.
ويشير التقرير الى ان التحدي الاكبر يكمن في كيفية تعديل قانون الانتخابات وبالأخص آليات الاتفاق على توزيع الدوائر الانتخابية وآلية حساب الأصوات ومفوضية الانتخابات، التي كانت مواضيع خلاف في الانتخابات السابقة، حيث اتهم الإطار التنسيقي الحكومة السابقة بإدارة الانتخابات على نحو كان في صالح التيار الصدري الذي فاز بالعدد الأكبر من المقاعد.
يفتقر الصدر حاليا لتمثيل برلماني يمكنه من لعب دور في صياغة مسودة قانون انتخابات جديد وهو يرفض أيضا أي نوع من الحوار مع الإطار التنسيقي. وإذا مضت حكومة السوداني بوضع مسودة قانون انتخابات لا يكون في صالح التيار الصدري فقد يستفز ذلك الصدر لرجوعه الى الشارع من جديد.
أما حملة السوداني ضد الفساد من خلال بناء أدوات فعالة لمحاربة الفساد ضمن فترة 90 يوما كحد اقصى من تاريخ تشكيل الحكومة فقد يبدو ذلك كسيف ذو حدين. انه مطلب كل شخص في داخل وخارج العراق، وقد يجبر ذلك على اقحام السوداني بمواجهات صعبة جدا، قد يكون بعضها ضد أنصاره.
من الجدير بالذكر ان حكومة الكاظمي قد ركزت أيضا على محاربة الفساد وذلك بتشكيلها لجنة خاصة بهذا الشأن. وبينما تمكنت اللجنة من تحقيق بعض التقدم، فإنها واجهت ضغطا كبيرا أدى في النهاية الى حلها من قبل القضاء.
في حين ان مقترحات السوداني فيما يتعلق بخلق فرص عمل للشباب فانها قد تتعارض مع الواقع الاقتصادي المعقد والحاجة، بكل تأكيد، الى إصلاحات جذرية في العراق.
الاقتصاد العراقي يعتمد اعتمادا كبيرا على الدولة ومواردها المالية مقابل دور ضئيل للقطاع الخاص. وكانت حكومة الكاظمي قد تبنت سابقا برنامج اصلاح اقتصادي أسمته "الورقة البيضاء".
ويعتمد هذا المشروع على الخصخصة والإصلاحات الادارية والاستثمارات الأجنبية وكذلك على موارد الدولة المستحصلة من الضرائب.
مع ذلك فان هذا البرنامج واجه معارضة واسعة من جانب أطراف مؤيدة للسوداني. ولهذا اذا تبنى السوداني حلولا جذرية مشابهة لمقترحات الورقة البيضاء، فانه قد يفقد دعم فريقه السياسي في البرلمان. وإذا ما اتجه نحو حلول مؤقتة شبيهة بالحلول التي اتخذتها الحكومات التي سبقت الكاظمي، فعندها سيعقد المشاكل الاقتصادية التي يواجهها العراق أكثر وقد يفقد دعم منظمات مالية دولية مثل منظمة البنك الدولي.
اما على مستوى العلاقات الخارجية في المحيط الإقليمي فان العلاقة مع إيران مستقرة ولكن السؤال المطروح هو فيما إذا سيوسع السوداني من نطاق العلاقات التي حققها الكاظمي مع مصر والأردن وبلدان مجلس التعاون الخليجي ويعمقها أكثر.