TOP

جريدة المدى > عام > د. خالد سهر.. الدرس الثقافي، شعرية المصطلحات

د. خالد سهر.. الدرس الثقافي، شعرية المصطلحات

نشر في: 5 نوفمبر, 2022: 11:13 م

ناجح المعموري

الحضور الفلسفي مجال معرفي جوهري، في لحظات التأسس الأول للمناهج والنظريات الأدبية والفنية. ودائماً ما يكون الوجود الفلسفي أكثر ضرورة في المراكز الثقافية والعلوم الانسانية.

ومثال ذلك " مركز برمنغهام للدراسات الثقافية " والذي غذته عناصر معرفية من جماعة فرانكفورت وبرز نشاط عدد من الأسماء الفلسفية المهمة بنشاطها الثقافي والاجتماعي والمعرفي مثل ليوتار، ريموند وليامز، غرامشي، التوسير، فوكو.

تضافرت هذه الأسماء متجاورة بعمق مع أبرز اثنين من فلاسفة مركز برمنغهام هما " هاجارت " و " ستيورات هول " وكان الثاني أكثر وضوحاً بالانتماء للفكر الماركسي مع ريموند وليمز وقد تمكن من دراسة أفكار غرامشي، الذي كرس الاهتمام حول الهيمنة، ولعب دوراً في الشارع حيث التأثير الواضح حول العلاقات الاجتماعية، وهو الذي كرس كل ما هو اجتماعي " وأفضى هذا الى توسيع العناية بالخطاب، بمعنى الحضور الماركسي الذي تكرس قوياً عبر الاهتمام بالظواهر الاجتماعية.

برز الدور الثقافي للمفكر ستيورات هو حول الماركسية بدون ضمانات. وأيضاً ساهم بقوة حول ما بعد الحداثة. هذا التعدد المعرفي والاجتماعي، هو الذي منح الدراسات الثقافية والبعد الثقافي، طاقة وتوسعاً في التأثير، والعمل على استقطاب الأفراد والجماعات، التي وجدت بالدراسات الثقافية وسيلة لها للاقتراب من الأنشطة، والفعاليات اليومية الكثيرة والمتنوعة، ومثال ذلك المطبخ / الأزياء / البقاليات / الاستهلاك اليومي / المقاهي / السينما / الفوتوغراف...... الخ. من هنا نجحت الدراسات الثقافية في تحويل التمركز الثقافي الى توسع ظاهر، جعل من علاقة الجماعة العابرة الى مفاهيم ثقافية. لعبت دوراً مهماً في اعادة انتاج اليومي المألوف والاعتياد عليه باعتباره آليات للخطاب، حيث الاهتمام أكثر بالدراسات الثقافية وانشغال الجماعات بها، وافضى ذلك الى اتساع الدرس والوظائف / النصوص والخطاب الذي يشبه النقد الثقافي في البحث عن المضمر والعيوب النسقية. لكن هذه الدراسات الثقافية اختارت بالأخير التواجد بين النقد المتعالي ونصوص التراث الفني.

كان د. خالد سهر هو الاكاديمي البارز والاول الذي دخل حقل الدراسات الثقافية، وترجم الثقافة تنوعات من مدونات / وشفويات / تصورات / وكل ما ينقل تمثلات الفرد / الجماعة. واستطيع التقاط ما يهمني من آراء خالد سهر الكثيرة وأنقل عنه الدراسات الثقافية هي كل ما يمارسه الإنسان هو الثقافة المعبرة عنه والممثلة له. والكتاب الذي ترجمه خالد سهر هو " الدراسات الثقافية / مدخل تطبيقي / ترجمة وتحقيق وتطبيق / 2010 / وأستطيع التأكيد بأن ما أنجزه د. خالد سهر عتبة جوهرية في حقل الدراسات الثقافية وفتح نوافذ كثيرة جداً، لفتت الانتباه للإمكانات الكامنة فيها، والتي قدمت تعريفات جوهرية وجديدة مثيرة لمن دخل هذا الحقل الثقافي والمعرفي، الذي يتشاكل بتعبيراته عن الافكار والمفاهيم والقيم والمقدس، حتى الجنس الاستهلاكي، لا يغادر خانة المقدس.

تضمن كتاب د. خالد سهر عدداً من الأبواب الثقافية الجديدة وبها انفتحت مجالات غير مألوفة مثل: السياسية والصناعة / المكان والفضاء والجغرافيا / الجندر والجنسانية / الايولوجيات / البلاغة / الاثنية / الهوية وأسلوب الحياة والثقافة الفرعية / ثقافة المستهلك ودراسات الأزياء / الموسيقى / دراسات وسائل الاعلام / الثقافة البصرية / الجمهور والأداء والنجومية / عبر القومية والعولمة وما بعد الكولونيالية.

ذهب د. خالد سهر لتمجيد منجز د. سمير خليل من خلال انجازه دليل مصطلحات الدراسات الثقافية والنقد الثقافي مستشعراً الضرورة التي يلجأ اليها المتلقي أو الدارس الباحث في مجال الدراسات حتى يتمكن وبنجاح من استعمال المصطلحات الكثيرة جداً والتفت د. سهر الى أن الايجابي في دليل سمير خليل عندما دمج المجالين معاً.

أما الدراسات العربية التي انتهجت التفكيك والمساءلة والحفريات المعرفية وقاربت حضورات فكرية وقيمية ومجتمعية ككتابات نصر حامد أبو زيد وسيد محمود القمي ومحمد عابد الجابري وحسن حنفي تركي الحمد وعبد الله العروي والصادق النيهوم وجمال جمعة وحسن العلوي وعبد الرزاق جبران وآخرين غيرهم. فقد جوبهت بالعنف المؤسساتي وبالمنع والمصادرة، مما سبب الضرر لاحتمال تشكل حاضنة فكرية للدراسات الثقافية العربية نصّاً ونشاطاً معرفياً / د. خالد سهر / الدراسات الثقافية مدخل تطبيقي / بغداد / 2010 / ص17.

للثقافة تنوعات وللدراسات البارزة عنها تعددات لها دلالات، وهي مرايا عاكسة للحياة الآدمية، وما يعبر عنها بالتفاصيل الكثيرة. وبالإمكان الاشارة الى أن كل ما يتمظهر من مزاولات وممارسات هي ذات خاصية ثقافية معبرة عن الأنا / الذات. الفرد والجماعة. لكن الدراسات الثقافية أكثر استقطاباً في الوسط الحياتي.

قال د. خالد سهر: للثقافة ذاكرات تستدعي الموروث وتوظفه باعتباره الدال على الماضي المتحرك والذي يتحول حاضراً وهكذا يحوز على المستقبل وهنا هي حيوية الفعاليات الثقافية التي تجد تغذيتها بالعلوم الانسانية والمعرفة والاستحداثات مثل الجندر، النسوية، قلق الجندر، الكولونيالية / الهيمنة، الاخضاع.

أخيراً يمثل كتاب د. خالد سهر حضوراً ثقافياً وأكاديمياً بارزاً ومهماً، اضفى على التداولات الثقافية ما هو جديد، وسيكون له التماعات مثل قبوله المحاورات مع الآخر.

قلت قبل قليل بأن ستيورات هول مفكر ماركسي اعتنى بالايديولوجيا والفكر الماركسي الذي لم يتوفر على ضمانات. ومثل هذا البحث وعنونته وما تفصح عنه، كاشف ودليله واضح لضمان قبول الجماعات والاصطفاف فيما بينها. لكن ستيورات هول ارتضى الاندفاع نحو تغيير موفقه أكثر مما كان مألوفاً ومعروفاً في الثمانينالت عبر انغماره بالحوار الجدي حول مفهوم " الازمنة الجديدة "، وعبر هذا حصل تطور في موقف ستيورات هول حيث ابتدأ مدنياً ليشمل فوكو أكثر من ماركس. المجتمع المدني ليس عالماً مثالياً للحرية الخالصة، وبالتالي الاستغلال والقمع والتهميش / كولن سباركس / ستيورات هول / الدراسات الثقافية والماركسية / اختبار وترجمة محمد مفصل / دار شهريار / 2019 / ص142.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

في مديح الكُتب المملة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram