TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا لا يقرأون؟

العمود الثامن: لماذا لا يقرأون؟

نشر في: 5 نوفمبر, 2022: 11:34 م

 علي حسين

بالأمس وعلى حدائق "أبو نواس" كنت أنظر إلى شباب مرفوعي الجباه، يستبدلون الركام وخطب الساسة الفارغة، بعالم من الكتب تحت شعار: أنا عراقي.. أنا اقرأ، أتطلع في الوجوه فأرى مستقبل العراق باسماً، متوثباً، محباً للحياة، وأبحث عن جهابذة السياسة الذين يتقافزون على الكراسي، فلا أحد يحضر مثل هذه الفعاليات لأنها لا تصب في خانة المكاسب، في الوقت الذي تتواصل فيه معركة عسكرة البلاد، فيما تغيب معارك التنمية والبناء والتعليم.

دائماً أطرح على نفسي هذا السؤال وأنا أتطلع إلى "سحنة" أحد السياسيين: ترى ما هي قائمة الكتب المفضلة لديه؟، هل قرأ يوماً علي الوردي أو فؤاد التكرلي أو الرصافي أو وضع هوامشه على إحدى قصائد السياب؟ وألوم نفسي وأسخر منها: يارجل إنهم يعشقون ميكافيللي من خلال السماع ولم يقرأوا صفحة منه، لكنهم طبقوا مبادئه المخادعة في السياسة.

يخبرنا مؤلف سيرة الرئيس الفرنسي الراحل ميتران، بأن الرجل كان دائماً ما يستشهد بمقولات لكبار كتّاب فرنسا وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سأله أحد الصحفيين يوماً: لماذا تردد مقولات قديمة، في زمن وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر؟ قال وهو ينظر إليه متعجباً: "يفقد الإنسان اتصاله بالمستقبل إذا لم يكن محاطاً برجال مثل روسو ولم ينصت إلى فولتير"، بينما فقد معظم ساستنا اتصالهم بالواقع لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية.

لا يعترف السياسي العراقي بالثقافة، والدليل أن منهاج معظم الحكومات التي حكمتنا منذ أياد علاوي وحتى هذه اللحظة يخلو من مفردة الثقافة. حتى أن البعض من سياسيينا يؤمن بأن الثقافة هي "الجوبي" وأن أصلح شخص لإدارتها هو الراقص على الحبال حميد الهايس.

حين يصر البعض على تحويل العراق من أغنى دولة عربية إلى بلد يضم ملايين الفقراء ، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب" وحين نتقدم سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام، فإن الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة"، فلا مشكلة في أن يتدرب "الفاشلون" على إدارة مؤسسات الدولة وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب القانون ؟.

كان السنغافوري لي كوان عندما يتحدث مع أصدقائه يشير إلى تأثير مذكرات الجنرال ديغول على مسيرته السياسية، وعندما رفع شعار من أجل حكومة نظيفة، كتب في مذكراته التي أسماها "من العالم الثالث إلى العالم الأول": "لقد عانينا من انتشار الفساد بين عدد كبير من المسؤولين، ولهذا حرصت من أول يوم تولّيت فيه السلطة على إخضاع كلّ دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقّين من دون أن يُنهب في الطريق".

ولأننا نحتفل بيوم بأنا أقرأ، لا أدري أين حلّ الدهر بمكتبة فيلسوف العراق الاوحد ابراهيم الجعفري ؟ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغدادي

    من غسيل السيارات في استراليا الى وزير في بغداد ؟ فلماذا يقرا؟

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram