بغداد/ تميم الحسن
اكدت اوساط قريبة من مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ان الاخير «يراقب» حكومة محمد السوداني، وصلاة الجمعة في الكوفة ستحمل رسائل سياسية قريباً.
في المقابل يتعامل السوداني حتى الان بحذر مع التيار، فيما يدفع أطراف داخل الإطار التنسيقي الى المواجهة المبكرة مع الصدريين.
ويحاول رئيس الحكومة التوازن ليس فقط مع الصدريين وانما ايضا مع «المطالب الدولية» وأطماع حلفائه في استبدال مواقع توصف بـ «الخطوط الحمراء».
وتقول مصادر في الحنانة حيث مقر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في النجف، ان الاخير «يراقب في كل دقيقة ما يجري من تطورات في البلاد».
وتؤكد هذه المصادر التي تحدثت لـ(المدى) بشرط عدم نشر اسمها، ان «زعيم التيار لم يغادر السياسة ومشغول بها طوال الوقت».
وكان الصدر قد أعلن عدم التدخل بالشأن السياسي عقب الاحداث المسلحة في المنطقة الخضراء التي جرت نهاية آب الماضي، وسقط فيها نحو 50 قتيلاً.
لكنه عاد وكسر الصمت في انتقاد الحكومة قبل اقل من شهر، حين وصف حكومة السوداني دون ان يسمي الاخير، بانها «مليشياوية».
وترجح المصادر في النجف ان الصدر «سوف يعود ليتناول الشأن العام والسياسي من خلال خطب الجمعة التي استؤنفت مجدداً»، موضحة ان «الصلاة حاليا خالية من السياسة لكن عودتها في هذا التوقيت تحمل رسائل تحذيرية».
ودعا الصدر يوم الجمعة الماضي، من مسجد الكوفة التاريخي بمدينة النجف في اول ظهور علني له بعد تشكيل الحكومة، الى الاستمرار بصلاة الجمعة.
وصلاة الجمعة في العادة تضم خطبتين: دينية والثانية سياسية، والاخيرة تتناول كل شؤون السلطة والخدمات وأحوال الجمهور.
ويتجنب الصدر حتى الآن ذكر اسم رئيس الحكومة منذ لحظة ترشيحه في تموز الماضي من قبل الإطار التنسيقي.
وتقول اوساط زعيم التيار ان الاخير «ليس عدو السوداني ولن يكون حجر عثرة امام اية محاولات للإصلاح يقوم بها رئيس الحكومة الجديد».
وتنفي المصادر في النجف «وجود تعليمات او اشارات حتى الان، الى اخراج أنصار التيار الى الشارع».
وكان مكتب الصدر قد منع قبل اسبوع، محاولات من انصاره للتجمع امام مقره في النجف، وقال المكتب حينها ان ذلك يتطلب «إذنا مباشرا وصريحا من مقتدى الصدر».
ويوم الجمعة الاخيرة كان قد احتشد المئات من اتباع الصدر في مسجد الكوفة ومعهم عدد من نواب التيار المستقيلين، حيث ظهر زعيم التيار محاطاً بمرافقين انتشروا حول المنبر.
واستذكر الصدر خلال خطبته التي استمرت أكثر من 15 دقيقة والده محمد صادق الصدر، بـ «وقوفه ضد الظلم والدكتاتورية».
وشدد الصدر على «ضرورة الالتزام بصلاة الجمعة»، كذلك دعا للأشخاص الذين هتفوا له بـ «النصر»، من دون أن يتطرق لأي جانب سياسي.
وفي موازاة ذلك، يتحرك محمد السوداني بحذر متجنباً استفزاز الصدريين، حيث يتمسك بقضية التهيئة لانتخابات مبكرة خلال عام سعيا لكسب ود الصدر، فيما يرفض حلفاؤه اجراءها قبل 3 سنوات.
وحتى الان وبحسب مسؤول سابق قريب من مكتب السوداني، ان الاخير «لم يجر اية محاولات انتقام ضد الموظفين الصدريين رغم وجود ضغوطات بهذا الشأن».
وكان رئيس الحكومة قد عاد عن قراره السابق بإنهاء تكليف محافظي النجف وذي قار المحسوبين على التيار الصدري.
ويشير سياسي شيعي في حديث لـ(المدى) الى ان «أطرافا في الإطار التنسيقي تريد تنظيم حملة طرد لموظفي التيار معتقدة ان وجود الصدريين خطر على الحكومة».
وتزعم أوساط شيعية ان التيار الصدري في السنوات الثلاث الماضية، قد سيطر على 60% من المواقع التي تسمى بـ «الدرجات الخاصة» والتي تقدر بأكثر من 10 آلاف درجة.
ويؤكد السياسي الشيعي المقرب من مكتب السوداني ان «احزابا في الإطار تريد الان اعادة السيطرة على كل تلك المواقع».
ويدفع «اطاريون» الى الاستعجال بتغيير المناصب الخاصة ومنها التي اصبحت متاحة الان بعد الغاء أوامر حكومة تصريف الاعمال والتي قدرت بـ 800 وظيفة.
ويشير المسؤول المقرب من مكتب رئيس الحكومة الى ان «السوداني يطلب التريث واعادة التقييم، لكن الضغوط شديدة عليه».
وبحسب ما تسرب انه تم تعيين إحسان العوادي مديراً لمكتب رئيس الوزراء، وربيع نادر مديراً للمكتب الإعلامي، وعلي شمران مديراً لقسم المراسيم في رئاسة الوزراء، وعبد الكريم السوداني سكرتيراً عسكرياً، وعلي الأميري، سكرتيراً لرئيس الوزراء.
وكان السوداني، قد أكد في أول مؤتمر صحفي له، أن حكومته لن تعتمد سياسة «إقصاء» لموظفين ومديرين عموميين، وقادة أمن، إلا أنه أشار إلى أهمية تطبيق الدستور والالتزام بقرارات القضاء.
بالمقابل فان الإطار التنسيقي قد أعرب يوم الخميس الماضي، عن تأييده الكامل لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مكافحة الفساد وتقديم الخدمات.
وقال الإطار في بيان عقب اجتماع حضره السوداني بانه: «أشاد بتوجه الحكومة في الجانب الخدمي الذي يحتاجه المواطن والبداية الصحيحة في تطبيق المنهاج الوزاري لحكومة الخدمة الوطنية».
وشدد الإطار التنسيقي على «ضرورة تلاحم جهود جميع القوى العراقية من أجل رفع الحيف عن الشعب العراقي وتغيير الوضع المعاشي».
لكن على الجانب الآخر يكشف السياسي الشيعي القريب من مكتب رئيس الحكومة عن ان «خلافات بين احد اطراف الاطار –لم يذكر اسمه بالتحديد - وبين السوداني بسبب الصدريين والمطالب الدولية».
وبحسب السياسي ان الزيارات المتكررة للسفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي (بلغت 3 زيارات) واتصالات مسؤولين بالسوداني قبل وبعد تشكيل الحكومة شددت على «ابعاد الفصائل عن ملفات الامن والمالية وايقاف عمليات تهريب النفط».
وفي اخر اتصال بين رئيس الحكومة ومسؤول امريكي رفيع، أكد فيه الطرفان التزام العراق والولايات المتحدة باتفاقية الإطار الستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2009.
وبحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء الجمعة، أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وأن الوزير الأميركي «قدم تهانيه إلى رئيس مجلس الوزراء بمناسبة تشكيل الحكومة ومباشرة مهامه».
وأوضح البيان أن «الاتصال شهد التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وتطويرها في مختلف المجالات»، مبيناً أن الجانبين ناقشا «الالتزام المتبادل باتفاقية الإطار الستراتيجي بين البلدين، والمصالح المشتركة في الحفاظ على أمن العراق واستقراره وسيادته».
وبحسب البيان، فإن بلينكن أكد حرص بلاده «على العمل مع حكومة وشعب العراق في زيادة الفرص الاقتصادية، وفي تعزيز استقلال العراق بمجال الطاقة ومعالجة أزمة المناخ»، وجدد «التزام الحكومة الأميركية بدعم العراق في حربه ضد (داعش) وإلحاق الهزيمة به»، كذلك رحب «بدعوة السوداني لتحقيق الإصلاحات وتعهده بمحاربة الفساد».
واتفاقية «الإطار الستراتيجي» كان نوري المالكي رئيس الوزراء الاسبق قد وقعها في 2011 مع الرئيس الامريكي حينها باراك اوباما، وقضت بخروج القوات الامريكية من البلاد قبل ان تعود مرة اخرى بعد 3 سنوات بسبب هجوم عصابات داعش الإرهابية، ثم خروجهم للمرة الثانية نهاية العام الماضي، بحسب بيانات الحكومة السابقة.
وبدا جمهور «الإطار» مؤيداً للتقارب مع واشنطن، حيث التزمت قنوات التكتل الشيعي الاخبارية الصمت عن تلك الاتصالات والزيارات المتكررة للسفيرة الامريكية، رغم ان تلك الاوساط كانت تنتقد حكومة الكاظمي في مثل تلك المواقف.
ويحاول السوداني خلال لقاءاته مع المسؤولين الغربيين، بحسب ما نقلته مصادر سابقة لـ(المدى)، ان يحسن صورة «الفصائل» امام الولايات المتحدة، و»التعهد بإيقاف قصف السفارات بالكاتيوشا».