TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: مستشارون.. أم بطانة؟

جملة مفيدة: مستشارون.. أم بطانة؟

نشر في: 5 نوفمبر, 2022: 11:51 م

 عبدالمنعم الأعسم

الضجيج (والتشفي) الاعلامي الذي رافق إبعاد بضعة موظفين في مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي يثير الخجل حقا مما آلت اليه (وانحطت) اخلاقيات التداول السلمي للسلطة ومعايير الاصلاح في «دولة» العراق، وبلغ الامر ببعض المحسوبين على «العهد الجديد»

ان حمّلوا اولئك الموظفين مسؤولية ضياع ثروة العراق، والتلاعب بموارده، والاساءة الى سمعته في العالم، ولم تبقَ صفة مذمومة إلّا والقوها على اولئك الموظفين، على الرغم من ان المهاجمين يتحدثون عن «دولة» القانون والعدالة بين جملة واخرى.

الى ذلك، صار تقليدا مكرراً ان يُبعِد رئيس الحكومة الجديد موظفي مكتب رئيس الحكومة السابق ويُحلّ محلهم فريقاً من «ابناء القرية» والمحازبين، والمهرة بالتصفيق والتلميع، وقد يسبقه الوزراء الجُدد بهذه الاجراءات وفاءً لتعهداتٍ نحو الحزب الذي اختارهم للحقيبة (اللقطة) فيما تتولى اللسانيات الاعلامية التابعة، واللسانيون الاجراء، امتداح هذه الاجراءات الادارية كاصلاحات «انقلابية» تنتظرها الملايين المهانة، مع فيض من عبارات شفاء الغليل بالراحلين مقابل مكياج فاقع للقادمين، والحال (كما يُزعَم في كل مرة) ان النزهاء حلوا محل الفاسدين، وان عهدا جديدا من الضبط والربط في مركز القرار قد بدأ.

حدث هذا في جميع الحكومات، من دون استثناء، ولم يكن ليثير العجب، او الاستنكار، اذ يجري ذلك في مزرعة مستباحة، وليس في دولة تحترم انتسابها الى القرن الواحد والعشرين ولزوم ان تُعنى بكوادرها الادارية، وتحترم الاختصاصات والكفاءات الوطنية، وتعتمد معايير المهنة والنزاهة والخبرة كقاعدة ادارية في تقييم نجاح وفشل موظفيها، وفي تغييرهم حين يتطلب الامر ذلك. اما جيوش المستشارين الملحقين بمكتب سلطة القرار فان النماذج التي تتداولها المحافل والمعلومات وزلات اللسان تكشف عن الهدر المنهجي للمال العام في هذا الباب، والهدر المتعمد لسمعة الوظيفة، والهدر الكوميدي بوعود استعادة الدولة.

من زاوية اخرى، ابتـُذلت، مسميات «المستشار» او «الخبير» في غالبية الحكومات، الى حد ان احد المسؤولين الكبار لم يجتمع الى مستشاريه الذين عينهم طوال فترة ولايته، ومسؤول آخر كان يُلزم مستشاريه ان يتناوبوا على الظهور في الفضائيات ويملي عليهم نصوصاً يلتزمونها في اللقاءات، مثل مهرجين، ومسؤول ثالث حوّل بعض مستشاريه الى سماسرة، ورابع اصر على ان يكون مدراء مكتبه ومستشاروه في خدمته حصراً ومستقلون عن الادارة وموظفيها وشؤونها، وذكر لي موظف مرموق بمؤسسة دولية ان مسؤولا كبيرا شارك في مؤتمر لليونسكو بباريس كان يناقش ملفا عراقيا، لم يحضر سوى جلسة الافتتاح البروتوكولية وقضى ايام المؤتمر جميعها في منتجعات مع مرافقه «المستشار» والاخير موكول له اعداد والقاء «المداخلة العراقية» في المؤتمر.

في اجتماع طهران التاريخي لزعماء التحالف الدولي ضد المانيا الهتلرية نهاية العام 1943 حيث تتجه معارك الجبهات الى هزيمة هتلر كان ستالين وروزفلت وتشرشل يوقفون التفاوض بعض الوقت ليعودوا الى مستشاريهم الذين لعبوا دورا كبيرا في تغيير عقول المتفاوضين وتزويدهم بالافكار والمعطيات الحية والموثقة، ويقول كبير مؤرخي الحرب، البريطاني انتوني بيفور، ان لمستشاري الرؤساء الثلاثة دور خطير في تقريب وجهات النظر والتعجيل بتحقيق الانتصار.. ولم يتصرف المستشارون كبطانة.

استدراك:

«عندما يدخل الثأر من الباب، تخرج العدالة مع السخام من المدخنة».

مثل تركي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram