علي حسينحين بدأت الصين قبل ثلاثين عاماً عملية الإصلاح الكبرى والتي قادتها الى مصاف الدول الكبرى بعد ان كانت تعاني من مشاكل في السياسة والتنمية، فالصين بعدد سكانها الذي يقترب من المليار ونصف تركب الآن صاروخاً بسرعة الضوء .. وقد أدهشني ما كتبه شيخ كتاب العمود الصحفي سمير عطا الله أمس في الشرق الأوسط من "ان الصين البلد الأقل في نسبة الفقراء بالعالم وان الغنى هناك أوفر واعم".
لعل هذا التطور الذي حصل خلال العقود الماضية أصبح لغزا يحير العالم، كيف استطاعت الصين ان تحقق كل هذا التطور، وتلك معضلة يناقشها العديد من الكتاب والسياسيين والمفكرين، قبل أيام وقع في يدي كتاب بعنوان (أفكار من الصين) أصدره المركز القومي للترجمة في مصر والكتاب يتناول الأسس التي قامت عليها الثقافة الصينية حيث يبدأ المؤلف بشرح أفكار كبار فلاسفة الصين بدءاً من كونفشيوس ومرورا بمنثيوس وزيس وانتهاء بتشوشي وهرانج هينج، هذه الأفكار والفلسفات ألهمت مفكراً صينياً حديثاً اسمه (واي.. واي) يشرح للعالم الأسس التي قام عليها التطور الحديث في الصين والتي تتلخص في:أولاً: الواقعية قبل الأيديولوجيا .. أي الإيمان بقدرة حقائق الواقع علي أن تشكل التغيير ومبرراته .. وبحيث تكون أقوى من أي شعار . ومن ثم فإن تلك الواقعية هي التي حددت طرق التنمية اعتماداً على التحديث والمحاسبة .. قبل أي برنامج سياسي مقيد .ثانياً: المهم هو الشعب، وتلبية احتياجاته بأي طريقة .. وبكل السبل .. وهذا هو السبب الذي أدى إلى نقل أكثر من نصف مليار إنسان من الفقر إلى التشبع الاجتماعي. ثالثاً: الإدارة الجيدة أهم من الديمقراطية.. المهم أن تتحقق الأهداف .. وجوهر الحكم الصالح هو تحقيق التطور. رابعاً: تطبيق معايير الأداء على النخبة السياسية .. والتحقق من أنها تقوم بدورين أساسيين الأول هو معالجة مشكلة الفقر والثاني تحقيق النمو.خامساً: التنوع المنسجم القادر علي استيعاب كل تلك القوميات والعرقيات في مختلف أقاليم الصين وبحيث تحافظ الدولة على وحدتها باعتبارها دولة هائلة جغرافياً واقتصادياً وسكانياً .اعتقد اننا بأمس الحاجة اليوم الى (واي.. واي) صيني ربما يستطيع اخراج النخبة السياسية العراقية من أزمة قصور النظر الذي تعاني منه وحتى لا يضطر العراقي ان يقول في النهاية (وي.. وي)
العمود الثامن: (واي.. واي)
نشر في: 21 يوليو, 2010: 06:55 م