علي حسين
لم يعرف تاريخ الكتابة، أديباً شغل القراء والنقاد، مثل الروسي فيودور دوستويفسكي، حيث لا يزال حاضراً بقوة في ذاكرة الناس، بعد أن ابتدع لنا علماً من الأسى والمعاناة. ولكن المرحوم دوستويفسكي لو كان حياً، لشاهد وسمع عن واقع نعيش فيه اليوم أغرب من الخيال، وما هو أغرب ياسادة ؟،
أن تصل نسبة الفقر إلى 40 بالمئة في بلد يحصل كل شهرعلى عشرة مليارات من الدولارات، وهي الأموال التي لو تم استثمارها منذ 19 عاماً لتم بناء عراق جديد يتساوى فيه المواطن مع المسؤول وتغيب فيه نماذج نواب الصدفة، ويصبح الحديث عن نور زهير الذي لفلف تريليونات من الدنانير ضرباً من الخيال، يفوق خيال سيد الرواية العالمية.
أستشهد بدوستويفسكي الذي مرت قبل يومين ذكرى ميلاده وأدرك جيداً أن بعض قراء هذه الزاوية سيتهمونني بالبطر، وربما سيقول البعض يارجل مالنا ومال تنظيرات تجارب الأمم، وعبارات واستشهادات بفولتير وسارتر، فلا شيء يعلو على صوت المزايدات السياسية التي كشفت لنا ولو "متأخراً" أن هذا الشعب عليه أن يدفع الثمن صامتاً، ومن لا يصدق أحيله إلى بيان معظم السياسيين الذين يعتقدون أن الديمقراطية نوع من أنواع المنافع أوعنوان لوظيفة يجب أن يحصل عليها كل من حصل على لقب سياسي. ولهذا كان لا بد للدولة العراقية من أن تعيد عزت الشابندر وسلمان الجميلي إلى خانة المستشارين وبالدرجة الممتازة.
كلما يطل علينا سياسي يسخر منا، أتذكر فقراء دوستويفسكي، واتذكر المواطن العراقي الذي يتعرض إلى موجة من الاكاذيب والخطابات التي يريد اصحابها ان يخبروننا بان سرقة المال العام حديثة العهد وعمرها لايتجاوز الثلاث سنوات. اما ما سرق خلال الاعوام السابقة ، فالاملر مجرد مؤامرة ضد ساستنا الاشاوس
منذ 19 عاما ونحن نتابع اخبار النهب ترافقها اخبار الفقراء ، وأخبرنا كبار المسؤولين بأن هناك بعض المشاكل، وأن الامبريالية لاتريد الخير لهذا الشعب وتمنع اصلاح المجاري وتصر على ان تبقى النفايات تحاصر شوارع بغداد ، وان يعيش الفقراء في مساكن عشوائية بلا خدمات .
من يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا ملايين العراقيين تحت خط الفقر؟، ولماذا في بلاد التريليونات نجد ملايين الأشخاص يحتاجون إلى مساعدات غذائية؟.. أتمنى أن لا تتهموني بالتجني على الحكومة والنواب الأجلّاء فهذا جزء من تقرير دولي يحذر من انتشار الفقر في بلاد النهرين.
في دولةٍ لا يجد شعبها مستشفىً نظيفاً، ويغصّ بمكبّات النفايات، يقيم الساسة مهرجانات للنهب المنظم، في لحظةٍ بات معها العراق مطروداً من قائمة الدول المستقرة، صار مطلوباً من العراقيين ألّا يأكلوا أو يناموا، لكي يؤمّن لصوص هذه البلاد مستقبلهم في العيش الرغيد!