جمال جصانيفـي (أم الدنيا) وبعد ان اخفق (المايكروويف) الناصري فـي طبخ الاشتراكية العربية، واسترجاع ما اخذ بالقوة عبر صولات (زوار الفجر) والسلالات الجديدة من العسس والمباحث.. وبعد ان تلقف (الأمانة) الرئيس (المؤمن) والذي ما لبث ان لاقى وجه ربه الكريم بالرصاص (الاشد إيماناً)
تلك النهاية التراجيدية التي لم يلتفت اليها أولي الامر الجدد، والى مخاطر العبث بالبرك الآسنة ومخلوقاتها التي منحت مصر قوافل جديدة تدعو الى (التكفير والهجرة) مستوطنات وأعراض كان يمكن معالجتها وتقليص حجم الأخطار لو امتلك (أصحاب الحل والعقد) آنذاك قليلاً من الحكمة والمسؤولية.rnلقد أوصلت السياسات المغامرة وشراهة (القطط السمان) مصر الى مأزق تاريخي وحضاري، خاصة بعد ان تمكنت منظومات أخلاقية ومعرفية مغايرة وتقاليد اهل مصر من التسلل الى مختلف مفاصل الدولة والمجتمع، ملحقة أضراراً بليغة بمراكزها الحيوية، حتى وصل الامر لان ينخرط ممثل مؤسسة معروفة باعتدالها (الأزهر) في مثل تلك (الفزعات) عندما اصدر الشيخ محمد الغزالي فتوى أتاح فيها لكل مسلم حق إقامة (حدود الله)...ليتجاوز بذلك فقه (محاكم التفتيش) التي كانت تحتكر ذلك الحق (إقامة حدود الله) لمحاكمها فقط.في مثل تلك الفضاءات من الغيبوبة والهذيان، التي أدت الى اغتيال واضطهاد غير القليل من المفكرين والمتنورين المصريين، ولم تستثن هرم مصر الثقافي نجيب محفوظ، نهض نصر حامد ابوزيد لينتصر لعقل تلك الأمة القديمة وكرامتها. خاض صراعاً غير متكافئ ومن تعاضد معه، كانت أصواتهم خافتة في خضم ضجيج الدخلاء؛ الذين حشدوا الدروب زيفاً ونفاقاً، وكتموا أنفاس النصوص الدينية والتاريخية بين أسوار مؤسساتهم المتكلسة. تلك المحنة التي توقف عندها أمام العدل الاجتماعي علي ابن أبي طالب ذات يوم عندما قال:(الى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا ويموتون ظلالا، ليس فيهم سلعة ابور من الكتاب اذا تلي حق تلاوته، ولا سلعة انفق بيعاً ولا أغلى ثمناً من الكتاب اذا حرف عن مواضعه، ولا عندهم انكر من المعروف ولا اعرف من المنكر).فما الذي قاله (أبو زيد) لتتوحد كل هذه الحيتان المتنافرة لمواجهته ؟(....الدكتاتورية هي اس البلاء في البلدان العربية والإسلامية.. وان هذا المفهوم (الحاكمية) ينتهي الى تكريس اشد الأنظمة الاجتماعية والسياسية رجعية وتخلفاً...) هكذا قال (أبو زيد) لينطلق الصراخ والذي امتطى سنامه الأعلى ذلك الذي خان الأمانة العلمية ليس برفض منح درجة الأستاذية للدكتور نصر حامد أبو زيد وحسب بل نقل اختلافه معه الى المنابر والشوارع، ذلك هو الدكتور- الشيخ عبد الصبور شاهين عضو لجنة الشؤون الدينية في الحزب الحاكم ورئيس لجنة الترقيات في الجامعة وأمام جامع عمرو بن العاص في القاهرة والذي أمعن في الصراخ من فوق المنبر ليثير غرائز العوام قائلاً:(....من نصدق؛ الله ورسوله أم نصر أبو زيد؟) هكذا يتعاملون مع العلماء الحقيقيين بحجة الدفاع عن العقيدة والتراث وهوية الأمة، متناسين حقيقة ان من يرسم ملامح الأمة ويعيد الحيوية والنضارة لها هو (النقد) ولاشيء غير النقد الشامل والعميق بمقدوره ان يطيح بالزيف وكثبان المسخ والانحطاط.في الامم الحرة تعد الجامعات حصناً منيعاً للحرية والمعرفة، اما في مضاربنا المنسية فقد تحولت بفعل بركات (الغزاة الجدد) الى وكراً للخرافة وتكفير الآخر. فمن ردهات الجامعة وقاعاتها انطلقت الحملة الظالمة وتلقفها (القضاء المستقل) وسلاح دماره الشامل (فقه الحسبة) حيث حكمت محكمة استئناف القاهرة بإبطال عقد زواجه من الدكتورة ابتهال يونس أستاذة الأدب الفرنسي في جامعة القاهرة، وتوجتها القوى الخارجة عن القانون (منظمة الجهاد الإسلامي) مباشرة بعد صدور الحكم، بإهدار دمه، ولاجتماع الشتيتين مغزى عميق؛ فمن طالع بعضاً من كتابات الراحل الكبير، يدرك الأسباب التي دعت لاجتماع هذه الأطراف (المتنافرة) بالضد منه، فعالمنا الجليل دأب على العمل بصدق وجرأة في الكشف عن الحقائق التاريخية، عبر الاستعانة بأحدث وأعمق المناهج العلمية في البحث (منهج تحليل الخطاب اللغوي وتطبيقه على النصوص الدينية) وحفرياته تلك أتاحت له التوصل الى حقائق جديدة أثارت حفيظة سدنة مؤسسات التقديس وخاصة المولعين منهم ببركات البترودولار المتكدسة في البنوك الإسلامية.ولكن ما الذي اقترفه (ابو زيد) ليفتي فقهاء الظلام بقتله؟لاشي سوى الأسئلة....ومنها ما هو الإسلام؟ليس لكونه لا يعرف الإسلام، وهو الذي حفظ القرآن ولم يبلغ العاشرة من عمره، لكنه الحس العالي بالمسؤولية وصفاء السريرة والوجدان وروحه المرهفة، جعلته يعي حجم التحديات والتي لا يمكن النهوض بها من دون مد الجسور مجدداً مع حاجات عصرنا المتعاظمة يوماً بعد آخر، ومن دون طرح الأسئلة لا يمكن لنا الانخراط مجدداً في لجة الصراعات المتعاظمة، ومنها ذلك السؤال الذي ارعب من يزعق ليلاً ونهاراً ومنذ قرون؛ من ان الإسلام قد عرف ومنذ أمد بعيد، وان باب الاجتهاد وحركة العقل قد اخمدت عندهم الى ما شاء الله.. إذن كيف يتجرأ ليثير أسئلة إجاباتها موجودة عندهم وفي الكتب المقدسة...؟كما ان الراحل الكبير كان قد خرق لهم تقليد محبب، أشاعوه عبر قدراتهم الأخطبوطية الإعلامية والتعبوية الا وهو: (
عن أي سبيل إرتد نصر حامد أبو زيد؟
نشر في: 21 يوليو, 2010: 07:05 م