علاء المفرجي
كنا في وقت سابق قد كتبنا استطلاعا في (المدى) عن واحدة من أهم مشاكل صناعة السينما في العراق الان، وهي مشكلة التمويل والإنتاج التي يعاني منها الكثير من السينمائيون الشباب، وكا رأيأ قبل ذلك أن هذه المشكلة لا يصح ان تكون عقبة كأداء أمام هؤلاء الشباب، او على الأقل أن لايبالغو في حجمها ،
واوردنا مثلا على ذلك في فيلم لمخرج مغمور ومجموعة من الممثلين الذين كانوا يؤدون لأول مرة أدوارهم هو فيلم (مشروع الساحر بلير) الذي لم يكلف انتاجه سوى بضعة آلاف من الدولارات، لكنه حقق بسبب إصرار المخرج وحسن اختياره، ملايين الدولارات، ولا اريد ان اذكر بفيلم أفغاني اسمه (أسامة) اعتلى أمام انظار أهم صناع السينما في العالم منصة مهرجان كان السينمائي ليتوج بأرفع جوائزها يوما ما، وهو من بلد يعاني الفقر والحروب التي اكلته على مدى أربعين عاما.
في الاستطلاع الذي أجريناه في (المدى) قالت المنتجة المثابرة هدى الكاظمي: وفيما يخص التمويل كمشكلة، فان الإنتاج المشارك هو الحل الأنسب لذلك، وهو أن تحصل على تمويل بسيط من (العراق) مثلاً، إن كان دعم مالي او لوجستي او فني يسد ما يقارب ٤٠٪ من ميزانية الفيلم، وهنا نستعين بمنتج مشارك سواء كان عربيأ او أجنبيأ، لمشاركتك إنتاج الفيلم، وكذلك الحصول على التمويل من صناديق تمويل مستفيدا من وجود المنتج المشارك، وهذا من دول تعمل بالإنتاج المشترك: فرنسا والمانيا، بلجيكا...الخ. او التقديم الى صناديق التمويل غير المشروطة مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، الصندوق العربي للثقافة والفنون – افاق، صندوق البحر الأحمر، مؤسسة المورد الثقافية...الخ.»
والكاظمي هنا تشير الى خارطة طريق لمنتجينا بالحصول على تميويل افلامهم، لا أن يقتصروا على الوقوف عند أبواب (الدولة) لفعل ذلك، وهو أمر لو يعلمون سيجرهم الى اشتراطات هذه الدولة، المتضمنة مزيدا من الاملاءات والتدخلات، التي ستفسد الفيلم بكل تأكيد عملهم، ويا ليتهم يعرفون ان القوف أما عطايا الحكومات والدول قد راح زمانه. وأصبح من الماضي.
اما صلة هذا الحديث ببيلا تار هو ما قاله في المؤتمر الصحفي الذي نظمه له مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة، والذي تحدث فيه عن هذه المعضلة، التي يعاني منها السينمائيون الشباب في كل مكان. وتار هو مخرج ومنتج ومؤلف هنغاري ، ويعد أحد أهم صانعي السينما في المجر، وُلد عام 1955، وتخرج في أكاديمية المسرح والسينما في بودابست عام 1981، وبدأ مسيرته المهنية المليئة بكثير من النجاحات في سن مبكرة، من خلال سلسلة أفلام وثائقية وروائية وُصفت بأنها «كوميديا سوداء». وصور أغلب أفلامه بتقنية الأبيض والأسود، واشتهر باستخدامه لقطات بطيئة مطولة، وقصصاً غامضة ذات نظرة تشاؤمية. ومن أهم أفلامه «عش العائلة» عام 1979 ، و «شعب بريفاب» عام 1982 ، و «حصان تورينو» عام 2011.
يقول بيلا تار إنه «لا يحب شكوى شباب السينمائيين، وعليهم أن يصنعوا تجاربهم دون التحجج بالتمويل»، مقمدا نصيحة لجيل الشباب؛ مشيراً إلى «ضرورة أن يكون الشخص نفسه فقط، ولا يتعلق بأي شخص ناجح، فنجاحه يعتمد على ذاته وكفاحه فقط، وأنه يجب أن يكون شجاعاً لأقصى درجة ممكنة»، مضيفاً: «لا أحب شكوى الصغار، فكل منهم يعد مسؤولاً عن تحقيق ذاته. إذا كنت تريد أن تصنع فيلماً وليس معك تمويل، فاصنعه بهاتفك المحمول، وقم بعرضه على (الإنترنت)، اتبع إحساسك ولا تعتد بكلام الآخرين».
واستعاد المخرج المجري بدايته قائلاً: «بدأت حياتي كصانع أفلام في سن 22 عاماً، وكان لدي أستاذ أخبرته أنني أريد أن أصنع فيلماً، فقال لي إن أفضل شيء أن تصور فيلمك ولا تضيع وقتك في الدراسة، فكان فيلم (ماكبث). وكان البعض يطلب مني حذف بعض المشاهد، إلا أنني كنت أتمسك بها وأرفض ذلك الأمر، وبعد فترة عندما كنت ألتقيهم، كانوا يسألونني: هل أزلتها؟ فأقول: لا... ولهذا أنا أشعر بالشجاعة، كوني حاربت لأجل ما أريد».