حاوره:يوسف المحمداوي/تصوير:مهدي الخالديتعوّد قارئ صفحة ضيف الخميس أن يكون الحوار مع شخصية سياسية لها دور بارز في المشهد السياسي العراقي سواء كانت أجنبية أو عربيـة أو عراقية، لكن ضيفنا اليوم له خصوصية قد لا نجدها في خصائص من التقيناهم أو سنلتقيهم، لكونه اصغر معتقل سياسي في تأريخ العراق، إنه السيد سلام مؤيد شريف الملا حسن الذي خص المدى وروى لها رحلة الاعتقال منذ عمليات الأنفال عام 1987 حيث كان عمره ثلاث سنوات، ورحلته مع العائلة الحلاوية التي احتضنته طيلة تلك الفترة،
وكذلك رحلة البحث عن عائلته الكردية في إقليم كردستان التي بدأت في العام 2007، وما تعرض له من ظلم سابق وجور لاحق، ومع كل ما مر به أكد السيد سامان، الذي تحول إلى سلام، للمدى أن قضيته دليل دامغ على وحدة مكونات الشعب العراقي مبيناً أن رفضه التنازل عن هويته العربية لا يعني عدم فخره بأصله الكردي وإنما جاء ذلك الرفض لتمسكه بهويته العراقية أولاً من خلال اعتزازه بنشأته داخل بيت عربي رعاه طيلة ايام حياته وأوضح سلام من خلال الحوار أن مواقف بعض المسؤولين الأكراد السلبية من قضيته لا تمثل موقف الشعب الكردي المعروف بطيبته وعدها مواقف لشخصيات مريضة حسب تعبيره.. وفيما يلي نص الحوار.أصعب مراحل حياتي حدثنا في البداية عن تأريخ ولادتك وكيف تمت عملية اعتقالك، ومن خلالها سنبدأ الحوار؟- ولدت في مدينة السليمانية عام 1983 من عائلة كانت مناهضة للنظام السابق، واثناء عمليات الأنفال عام 1987 كان هناك هجوم بري وجوي على منطقتنا وبعد اجتياحها من قبل الجيش العراقي السابق تم اعتقالي أنا ومجموعة من الأطفال يتراوح عددهم ما بين 10- 12 طفلاً، وتم نقلنا فوراً من السليمانية إلى مديرية الأمن العامة في بغداد، وهذا ما عرفته لاحقاً، وقضينا فيها أربعة أشهر، وتعد تلك الفترة الزمنية من أصعب المراحل التي عشتها في حياتي، نعم كنت حينها طفلاً صغيراً لكن ما رأيته بقي عالقاً في الذاكرة، خاصة وأنا طفل مصاب بشظايا في ساقي وأعاني من ألم الجرح. ماذا شاهدت بالضبط؟- في الفترة التي تمت فيها معالجة إصابتي، كنت أرى الأشخاص الذين يتم تعذيبهم داخل الزنزانات ونسمع صراخهم وأنينهم أثناء التعذيب ليلاً ونهاراً. هل شاهدت عمليات تعذيبهم مثلاً؟- كلا، لكني كنت بمعية الأطفال نسمعهم فقط، ولكن علاج إصابتي أتاح لي رؤيتهم، حيث كانوا عبارة عن هياكل بشرية تم شد أيديهم وارجلهم إلى الأسرّة الممددين عليها وهم أشباه موتى، ذلك المنظر يشكل في ذاكرة أي طفل مشهداً مريعاً خاصة وأنه يشاهد الدماء وهي تنزف من أجسادهم فضلاً عن أنينهم الذي لا ينقطع. ومشهد آخر لا يمكن نسيانه لإمرأة كانت مقيدة اليدين والرجلين ويقومون بتعذيبها أمام طفلتها التي كانت تنظر إلى أمها وهي تجهل ما يحدث، تلك الصورة ما زلت أراها كما أراك الآن وأنت تحاورني..من الأمن العامة إلى معقتل الفضيلية بعد الأربعة شهور إلى أين تم نقلكم؟- تم نقلنا إلى معتقل الفضيلية، وبقينا فيه مدة سبعة أشهر، وفيه كان بعض المعتقلين السياسيين، وقد اثار وجودنا بينهم نوعاً من الاحتجاج داخل المعتقل وحتى نوعاً من التعاطف حتى من إدارة السجن، وهذا ما دفع النظام السابق إلى إخراجنا وإيداعنا في دار للأيتام التي تقع في منطقة الصالحية كما عرفت لاحقاً، ولم يتم التعامل معنا كتعاملهم مع بقية الايتام الموجودين في الدار حيث تم تخصيص غرفتين منعزلتين لنا، وكانت توجيهات رجال الأمن لإدارة الدار بأن هؤلاء معتقلون، ووجودهم هنا لفترة مؤقتة.rnفليحة التي لعبت دوراً مهماً في حياتي كيف تعاملت إدارة الدار معكم؟- كان هناك اهتمام ورعاية خاصة من قبل مسؤولة الدار السيدة آسيا، حيث قامت بتعيين مرشدة اجتماعية اسمها الست فليحة، هذه المرأة لعبت دوراً مهماً ورئيساً في حياتي، حيث تعلقت بي بشكل غير طبيعي لكوني أصغر الأطفال الموجودين. حيث كانت ضمن المجموعة فتيات تبلغ أعمارهن ما بين 13-15 سنة يرتدين الزي الكردي، وأتذكر جيداً اهتمام السيدتين آسيا وفليحة، وبالأخص السيدة فليحة، التي قامت بالتحدث مع السيدة مديرة الدار بصورة رئيسة عن إمكانية إخراجي من الدار وإعطائي إلى عائلة تعرفها، من الممكن أن توفر الحياة السعيدة لهذا الطفل الذي بلغ عمره الأربع سنوات، قبل أن يأتي رجال الأمن ويأخذوه، ترددت السيدة آسيا في البداية لكن بسبب إلحاح السيدة فليحة المتواصل وافقت السيدة آسيا على ذلك، بعدها تمت مفاتحة السيدة أديبة كمال الدين من قبل السيدة فليحة، وكان ردها في البداية أنها لا تستطيع الموافقة التامة إلا بعد التشاور مع زوجها وبقية العائلة، وأمي هي شقيقة كل من الدكتور أديب كمال الدين الذي هو أستاذ في كلية العلوم، وأخت الدكتور محمد خليل كمال الدين المحامي المعروف في بغداد، وبالفعل قامت أمي بطرح الموضوع، وعلى الرغم من خطورة الأمر، لكن الجميع وافقوا، لكونهم متعاطفين جداً مع القضية الكردية، ويشعرون بالإضطهاد الذي مورس ضدهم من قبل النظام السابق، وبالذات خالي الدكتور جليل كمال الدين الذي تربطه بهم علاقة جيدة، لاسيما وأنه كادر متقدم في الحزب الشيوعي العراقي.التقاط الصور وإصدار هوية الأحوال المدنية كيف كان موقف العائلة أمام الجيران وهم يشاهدون الضيف الجديد الذي حل عليهم، ألم يشكل لديهم الأمر حالة قلق في ظل نظام استبدادي لا يرحم خاصة وأنه في حالة حرب مع ال
المؤنفل سلام مؤيد لـ المدى:أفخر باصولي الكردية مثلما أفخر بنشأتي العربية..
نشر في: 21 يوليو, 2010: 07:57 م