اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ملعب زها حديد

العمود الثامن: ملعب زها حديد

نشر في: 20 نوفمبر, 2022: 11:52 م

 علي حسين

مع إعلان صافرة الحكم لبدء أولى مباريات كأس العالم ستتحول الفضائيات ومعها وسائل الإعلام صوب ملعب البيت في قطر، ولك أن تتفاخر عزيزي المواطن العراقي ، فان احد الملاعب التي تقام عليها هذه البطولة نقش عليه اسم المعمارية العراقية زها حديد،

ولك أيضا عزيزي المواطن العراقي أن تشعر بالراحة، حيث ستغيب وجوه مقاولي البرامج السياسية ، وتتوقف مهرجانات الأكاذيب السياسية. فكرة القدم هي وحدها القادرة على منافسة الساسة وإزاحتهم من المشهد. إنها الأعجوبة المستديرة التي وصفها الروائي إدوارد غاليانو بأنها: "مرآة العالم، تقدم ألف حكاية وحكاية فيها المجد والاستغلال والحب والبؤس، وفيها يتبدّى الصراع بين الحرية والخوف".

يلعب اللاعبون من أجل الفوز، وفي الوقت نفسه يصرون على أن يجعلوا من المستحيل ممكناً. فيما يلعب الساسة من أجل الربح، ومنع منافسيهم من الاقتراب من السلطة، ومطاردة خصومهم، وإشاعة الوهم .

في بلاد الرافدين يشاهد العراقيون، ماذا صنعت قطر لتقدم للعالم هذا المهرجان الرياضي، ملاعب أشبه بالخيال، ومدن تسحر المتسمرين أمام شاشات التلفزيون، وسيعرف المواطن العراقي وهو يتفرج على ملامح مدينة مثل الدوحة مدى الفرق بين بناء ناطحات سحاب، وبين دولة تعجز عن رفع النفايات، صرفنا مئات المليارات من أجل أن نثبت للعالم أننا نعشق "السيادة"، لكننا في الوقت نفسه حرمنا المواطن البسيط من أن يتمتع ولو بشيء بسيط من الرفاهية الاجتماعية. نتحدث عن تجارب الحكومات التي أشاعت نظام الكفاية لكل المواطنين، مع شعار الحق في الرفاهية والسكن والصحة والتعليم، في الوقت الذي ما نزال نستمع إلى الأخبار التي تطالبنا بالتصفيق للتجربة الديمقراطية ، وفي نفس الوقت الذي تضع قطر نفسها على سلم الدول الأكثر رفاهية، ننتظر في بلاد الرافدين الإعلان عن زيادة في مفردات الحصة التموينية، وفي الوقت الذي يتمتع فيه المواطن القطري بمشاهدة نجوم هذه اللعبة، فإننا في هذه البلاد نقدم كل يوم مباريات أبطالها "يلفلفون" مليارات الدولارات دون أن يشعروا لحظة واحدة بالخوف .

من العبث الادعاء بأننا لا نتابع كرة القدم، برغم انشغالنا بمباريات أخرى تجري داخل كواليس السياسة العراقية ، وبين متابعة إخفاقات ميسي ونجاحات رونالدو وغياب بنزيما ، ومتابعة الاخبار الاكثر اثارة في العالم ، نشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي أب عراقي يصرخ بوجع مطالبا اطلاق سراح ابنته التي كانت جريمتها الوحيدة انها اعترضت على القاضي لانه لم ينصفها . فكان عقابها ان تنام في السجن منذ اكثر من شهرين . هكذا يتم تأديب المواطن العراقي ، ليتعلم ان الديمقراطية تعني شيئا واحد : الطاعة والخوف .

بعيش العالم مع سحرة المونديال ، ونعيش نحن مع سحرة من نوع آخر يريدون أن يوهمونا بأن سنواتهم في الحكم كانت الأفضل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. نوزاد الهيتي

    إجمالي ما سرقه سياسيو الصدفة البالغ أكثر من 400 مليار دولار تكفي بناء (54) ستاد من الاستادات التي بنتها دولة قطر ، حيث كلفة الملاعب التي بنتها قطر فقط 7.5 مليار دولار .

  2. كاظم مصطفى

    الملعب الذ نقش عليه اسم مصممها هو ملعب الصدفه على شكل صدفة البحر تصميم المرحومه زها حديد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram