TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراق في عيون فيروز

العمود الثامن: العراق في عيون فيروز

نشر في: 21 نوفمبر, 2022: 11:57 م

 علي حسين

في اللحظة التي كانت فيها الجماهير تطلق صرخات التشجيع لمنتخباتها الكروية، كانت هناك كرات من النار قررت الجارتان تركيا وإيران أن تهديهما إلى عدد من القرى العراقية، وهما مطمئنتان إلى أن لا أحد بإمكانه أن يقول لهما: كفى .

اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار النائبة عالية نصيف على الحشرات كما بشرتنا في صفحتها على موقع "تويتر"، وأن أخصص هذه الزاوية لأيقونة من أيقونات هذا الزمن اسمها فيروز، المطربة التي غنت للعشق والهوى والأوطان والتي لم تكن مغنية فقط، بل فنانة تدرك أن الفن جزء من نضال لا يموت، يستمر ليهز وجدان الناس ومشاعرهم، الفنانة التي صدح صوتها يغني لبغداد وصورها وشعرائها، وهي نفسها التي افتخرت ببلاد الرافدين عندما غنت عام 1976 في بغداد لتقول للسيدة ابتسام عبد الله في حوار أجرته معها ونشرته في صحيفة الجمهورية قبل " 46 " عاما : "لقد أحببت بغداد.. وكل شيء فيها جميل.. وأجمل ما فيها ناسها الذواقين للفن" ثم تضيف "بغداد المدينة المتكئة على تأريخ عريق يمتد إلى طفولة العالم".

كانت السيدة ابتسام عبد الله، كما أخبرتني ، قد قررت أن ترافق فيروز بجولاتها في بغداد وبعض المدن العراقية، وهي تكتب على لسان جارة القمر أن المطربة الكبيرة شعرت بالحزن لحظة مغادرة بغداد بعد أن تعرفت عليها عن قرب:" "امتلأت عيناي بالدموع وأنا أغني زوروني كل سنة مرة، لأنني أغني في بغداد لأول مرة ولمستمع عراقي ذواق، يجيد الإصغاء، ويستطيع التعبير عن عواطفه بصدق". وتستمر فيروز تتغنى ببغداد والمدن العراقية التي زارتها ومنها كربلاء فتقول: "اشتريت عباءة عراقية ارتديتها خلال زيارتي للأماكن المقدسة في كربلاء، لم أكن أصدق بوجود مثل هذه الفخامة. إن كل جزء من تلك الأماكن المقدسة يبدو كقطعة من الماس النادر". وماذا عن العراقيين الذين شاهدتهم خلال زيارتها التي استمرت أسبوعين؟، تجيب أسطورة الغناء بمحبة: "في خلال الأيام القصيرة تعرفت على النفوس العامرة بالأمل. تعرفنا بالإنسان العراقي الطيب. كان صديقاً.. متحمساً.. محباً، في آن واحد.

الفنانة التي أسرت كل من استمع لصوتها الملائكي تخبرنا انها تعيش حالة من الرعب قبل كل ظهور لها على المسرح ، فيما اليوم نشاهد سياسيين يملأون حياتنا بالخراب ومع هذا لا يريدون ان يغادروا المسرح .

تدخل فيروز عامها السابع والثمانين، المطربة التي تهز وجدان المستمعين لصوتها ، والتي يرى المستمعون في صورتها وصوتها حلما يطبقون عليه اهداب عيونهم .. صاحبة "رجعت الشتوية" التي سحرتها شوارع بغداد وساحاتها وبناياتها ، ربما لم يكن يدور في بالها يوما ان الخراب سيطبق على هذه البلاد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram