ديالى / السومرية نيوز جلست أم إبراهيم الطاعنة بالسن على الأرض بالقرب من مدخل وحدة الطبابة العدلية في مستشفى بعقوبة مركز محافظة ديالى، وهي تنوح وتنعى بصوتها المضمحل، وسط عشرات الرجال والنساء، وهي تنادي "يا وليدي لا تعوفني بحالي"،
(يا ولدي لا تتركني وحيدة)، ثم ما تلبث أن تضع التراب فوق رأسها في إشارة منها على هول مصيبتها بعدما فقدت احد أبنائها في انفجار عجلة ملغمة ضربت مساء الاثنين 19 الجاري موقفا للسيارات في الأحياء الشمالية لمدينة بعقوبة والتي راح ضحيتها قرابة 20 شخصا بين قتيل وجريح. وعادت خلال الأيام الماضية مظاهر السواد إلى محافظة ديالى بسبب التصعيد الأمني المفاجئ الذي شهدته لاسيما الهجمات الانتحارية التي كانت قد انقطعت بعض الشيء عن هذه المحافظة التي يصفها الكثيرون بأنها ما زالت المعقل الأبرز لتنظيم القاعدة والتنظيمات المسلحة الأخرى. الحكومة منشغلة والمجرمون يمرحون ويتساءل منصور العبيدي (36سنة) وكان يقف قرب أحد قتلى التفجير الذي وقع في بعقوبة "من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة التي أصابت الأبرياء؟، أين الأمان والاستقرار والأحلام الوردية التي تنادي بها الحكومة التي انشغلت بصراع الكراسي وسلمت الشعب للقتلة والمجرمين ليسرحوا ويمرحوا على راحتهم"، حسب وصفه. ويطالب العبيدي في حديث لـ"السومرية نيوز"، الحكومة بأن "تعيد النظر بما يحدث وتعاقب المتهاونين والمقصرين أيا كان عنوانه أو الجهة التي يعمل بها"، متسائلا "متى تتوقف حمامات الدم؟، أين الأجهزة الأمنية؟، أين الحكومة، في وقت يقتل فيه الأبرياء؟". rnكبسة زر تحصد أرواح العشرات من جهته، يقول عبد الكريم محمد (40 سنة) الذي فقد شقيقه في تفجير انتحاري في قضاء الخالص، إن "الأجهزة الأمنية تؤكد ليلا ونهارا أن الوضع الأمني مستتب، وأنها مسيطرة على ديالى، لكن الواقع يقول عكس ذلك، والدليل عودة مسلسل التفجيرات الانتحارية التي تحصد عشرات الأرواح البريئة بكبسة زر"، وفقاً لقوله. ويواصل بقوله إن "واقع الحال في ديالى يؤكد أن المحافظة ما تزال حاضنة للإرهاب والقاعدة، ولا أتوقع في ظل هذه الإجراءات الأمنية أن تشهد المحافظة أي تقدم". هناك جهات سياسية تتاجر بدماء أبناء المحافظة لتحقيق مآربهامن جانبه، يرى رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى مثنى التميمي أن "هناك أسبابا عديدة تقف وراء تردي الأوضاع الأمنية في المحافظة خلال الـ24 ساعة الماضية، أبرزها الوضع السياسي الراهن في البلاد"، متهما جهات سياسية لم يسمها "بالمتاجرة بدماء أبناء المحافظة لتحقيق مآربها وأهدافها"، حسب قوله.ويضيف التميمي "ومن الأسباب المهمة الأخرى، شعور القادة الأمنيين بالمحافظة بالأمان من العقاب في حالة حدوث أي خرق امني ضمن مناطق مسؤوليتهم الأمنية، إضافة إلى ضعف التنسيق الأمني والاستخباري بين الأجهزة الأمنية على اختلاف عناوينها ناهيك عن ضعف واضح في عمل السيطرات الأمنية والتفتيش في مداخل المدن الرئيسة"، ويلفت رئيس اللجنة الأمنية إلى أن "الحاجة باتت ماسة لوضع ستراتيجية جديدة لإدارة الملف الأمني في المحافظة، خاصة إذا ما عرف بأن الجماعات المسلحة تغير في ستراتيجية عملها بين فترة وأخرى"، مناشدا "وزير الداخلية بالنظر إلى الأوضاع الأمنية المتدهورة في المحافظة باهتمام أكبر وزيارة المحافظة للوقوف على ظروفها الراهنة على أرض الواقع".سنجدد مطالبة وزارة الداخلية بإعفاء بعض القيادات الأمنية.بدوره، يكشف مسؤول شعبة الإعلام والعلاقات في إدارة محافظة ديالى تراث العزاوي أن "محافظ ديالى عبد الناصر المهداوي عقد اجتماعا موسعا مع كبار قادة الأجهزة الأمنية، لمناقشة الخروق الأمنية التي ضربت بعض مناطق المحافظة، حيث جرى الاتفاق على بلورة خطط أمنية جديدة تضمن السلامة والأمان لجميع مواطني المحافظة، وملاحقة الجناة أينما كانوا". ويقول العزاوي أن انفجار أبي صيدا الذي وقع مساء أمس "يعد خرقاً أمنياً خطيراً يجب معالجة أسبابه والعمل بجدية لمنع وقوع هكذا خروق يدفع ثمنها المواطن"، مؤكداً أن "إدارة المحافظة تستنكر التفجير الإرهابي وستعمل قدر جهدها للنيل من المجرمين والقتلة ممن يقفون وراء أعمال العنف في المحافظة".ويؤكد مسؤول شعبة الإعلام والعلاقات في إدارة ديالى "صدور أوامر من القيادات الأمنية المركزية في المحافظة بإعفاء مدير شرطة ناحية أبي صيدا وآمر فوج طوارئ شرطة ديالى العاشر، وآمر اللواء 20، وآمر الفوج الثاني بالجيش العراقي على خلفية التفجير". ويلفت العزاوي إلى أن "الأجهزة الأمنية بدأت باتخاذ تدابير أمنية وقائية مشددة في مراكز المدن الرئيسية للحيولة دون وقوع تفجيرات إرهابية أخرى"، داعياً المواطنين إلى "التعاون مع الأجهزة الأمنية في الإبلاغ عن كل شيء من شأنه تعكير صفو الأمن والاستقرار في المحافظة". فيما يذكر نائب رئيس مجلس محافظة ديالى صادق
ديالى.. عنف مرتقب بين "انشغال الساسة بالكراسي" و"مرح المجرمين"
نشر في: 22 يوليو, 2010: 07:07 م