حسين علي الحمدانيمنذ نيسان 2003 والعلاقات بين العراق ومحيطه الإقليمي حذرة إن لم تكن معدومة , أثرت بشكل سلبي على مجمل الأوضاع في البلد وخاصة الأمنية منها , فكانت الحدود الدولية للعراق من جميع الجهات مفتوحة للجميع
بما فيهم مرتدي الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة ومهربي المخدرات وغيرهم , حتى دفع الشعب العراقي الثمن غاليا في الأرواح والممتلكات ناهيك عن تأثر صادرات النفط العراقي عبر الكثير من العمليات الارهابية المدعومة خارجيا , وعلل البعض ذلك بان خيارات الشعب العراقي الديمقراطية أفرزت حكومة لم تنل رضا محيطنا أما الآن وفي ظل انتخابات شهد القاصي والداني بنزاهتها وشفافيتها , يحاول البعض أن يشكك بالحراك السياسي العراقي الذي تقوم به الكتل الفائزة في الانتخابات العراقية عبر زيارات ممثليها لدول الجوار العراقي ودول المنطقة , ويمكننا كمتابعين للشأن العراقي أن نجد الكثير من الايجابيات في هذه التحركات خاصة واننا كشعب وكوسائل إعلام ومسؤولين طالما رمينا الكرة في مرمى دول الجوار العراقي في الكثير من التحديات الأمنية التي واجهتنا في السنوات الماضية وبالتالي لا يمكن أن نتجاهل دور هذه الدول في المرحلة المقبلة وعلينا أن نعرف بأن العراق دولة تحيط بها دول عديدة عربية منها وأجنبية وتربطها بها روابط تاريخية كبيرة ومصالح مشتركة أكبر من أن نسردها في هذا المقال , لذا فان عقد لقاءات ومباحثات معها خاصة واننا مقبلون على تشكيل حكومة شراكة كما هو واضح من خلال توارد الأنباء والمشاورات وبالتالي فإن من متطلبات أمن العراق وشعبه هو تحسين وتمتين العلاقات مع محيطنا الإقليمي وهذا لا يعني انهم سيتدخلون في الشأن العراقي ويملون إرادتهم على قادتنا السياسيين كما حاول البعض أن يصور ذلك , لأن الكتل السياسية الفائزة لها برامجها المعلنة للشعب وثوابتها الوطنية التي لا يمكن أن تفرط بها على حساب رضى الآخرين , وإنها حصدت ما حصدته من مقاعد عبر هذه البرامج التي أعلنتها , وتمتين العلاقات مع هذه الدول يقطع دابر تمويل الإرهاب القادم من خلف الحدود بكافة أشكاله المادية والإعلامية خاصة وان الكثير من الفضائيات تتخذ من دول الجوار مقرا لها لتنال منا , إضافة إلى وجود مئات بل آلاف المطلوبين من المجرمين بحق الشعب العراقي في هذه الدول ولا يمكن تجاهل دورهم في زعزعة أمن واستقرار العراق وأيضا لا يمكن تجاهل هذه الدول في كبح جماح هؤلاء والسيطرة عليهم أو حتى عدم السماح لهم بالبقاء في أراضيها طالما وجهت لهم تهم ومذكرات اعتقال من قبل الانتربول الدولي. ان الحراك السياسي الذي تقوم به الكتل الفائزة على دول المنطقة يؤشر حالة إيجابية أكثر مما هي سلبية فالعراق يستعد لتشكيل حكومة ونطمح جميعا أن تكون قوية خاصة وان واحدة من المهام التي تنتظرها تتمثل بخروج القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011 وهذا بحد ذاته تحد كبير جدا يحتاج إلى تضافر الجهود وترتيب البيت العراقي وتهيئة مستلزمات نجاح هذا الانسحاب داخليا وخارجيا والأهم من كل هذا وذاك جاهزية القوات الأمنية العراقية بكافة صنوفها لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي , وكذلك فتح آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمار أمام الشركات العربية في كافة الميادين.من جهة اخرى فإن الموقف العربي من العراق وخاصة في انتخابات 2010 كان إيجابيا عبر تواجد فريق من الجامعة العربية أشاد بالانتخابات ونزاهتها وهذا بالتالي يعني ان أشقاءنا العرب دخلوا في مرحلة التكيف الإيجابي مع العراق الجديد القائم على التداول السلمي للسلطة والتعددية الحزبية واستجابوا لرغبات وتطلعات الشعب العراقي في بناء دولته الحديثة وفق إرادته الوطنية بعد أن كانوا في السنوات الماضية حذرين جدا في التعامل مع أية حكومة عراقية, إن ترطيب العلاقات مع العرب ينهي الكثير من مفاصل الإرهاب في بلدنا , ويجعلنا مهيئين لبناء البلد وفق خططنا التنموية بالشراكة مع أشقائنا الذين هم بالتأكيد يتطلعون لعلاقات طيبة مع العراق بعد أن عانوا كثيرا من مغامرات النظام البائد العسكرية والتي زعزعت أمن واستقرار المنطقة وهددت مصالح دول المنطقة وأستنزفت مواردها عبر التسليح وغير ذلك . وما يريده المواطن العراقي في هذه المرحلة أن يطمئن أكثر إلى أن هذه الجولات تصب في مصلحته الوطنية وتساهم في استقرار بلده وتصون سيادته وتحافظ على وحدة العراق أرضا وشعبا.
العراق ومحيطه الإقليمي
نشر في: 22 يوليو, 2010: 07:33 م