اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: أبو الموسيقى الألمانية

موسيقى الاحد: أبو الموسيقى الألمانية

نشر في: 27 نوفمبر, 2022: 12:22 ص

ثائر صالح

تعتبر ألمانيا واحدة من أهم الأمم الأوروبية التي قدمت الكثير للفنون الموسيقية إلى جانب مساهمتها في الفلسفة والعلوم وغيرها من مجالات الحياة.

لكن الأمر لم يكن هكذا على الدوام، فالنهضة الألمانية تأخرت مثل غيرها من الدول، إذ كانت إيطاليا مركز التطور بفضل عصر النهضة الذي بدأ مبكراً هناك وتلتها باقي الأمم الأوروبية.

كان لإيطاليا فضلاً كبيراً على أوروبا في مجال الموسيقى، وذهب الموسيقيون الأوربيون إلى إيطاليا وبالذات فينيسيا للدراسة، وعادوا محملين بأفكار وتقنيات جديدة وظفوها في الموسيقى المحلية. من بين هؤلاء نتكلم اليوم عن هاينريش شوتس (1558 - 1672) الذي احتفلت ألمانيا بالذكرى 350 لوفاته قبل ثلاث أسابيع، وخصصت سنة 2022 سنة للاحتفال به وأعماله. ولا عجب فالكثير يعتبره أباً للموسيقى الألمانية، وأهم موسيقي سبق باخ. هذا التقييم لا يعني بالنسبة لي أن باخ هو المقياس، رغم عظمته، لكن الهالة الرومانتيكية التي اعطيت لباخ في القرن التاسع عشر جعلت الأوروبيين يقارنون الآخرين به، فهو المثال الأعلى. بهذا يمكنني القول مثلاً أن باخ هو هاينريش شوتس القرن الثامن عشر أو هاينريش بيبر (1644 - 1704) القرن الثامن عشر، وليس العكس كما اعتاد الكثيرون قوله، لأن الحياة وبضمنها الفنون تتطور بمرور الزمن وليس من الحكمة مقارنة الماضي بمعايير الحاضر.

تكمن أهمية شوتس في تحديث الموسيقى في المحيط البروتستانتي الألماني بتأثير من الأسلوب الإيطالي (والهولندي كذلك، وكانت هولندا وقتها تلي إيطاليا في رقي الفنون وبالخصوص الموسيقية منها). فقد تأثر بأستاذه جوفاني غابريلي (1554 - 1612) أثناء دراسته عنده في فينيسيا من 1609 لغاية موت أستاذه في 1612، وكذلك بالموسيقي الكبير المجدد كلاوديو مونتفيردي (1567 - 1643). فكان شوتس أول ألماني يؤلف أوبرا هي دافني (1627، فقدت)، كذلك أول قداس جنائزي. عمل في دريسدن في بلاط أمير ساكسونيا، وزار كوبنهاغن لسنتين حيث ألف أعمالاً دنيوية احتفالية.

أثّرت حرب الثلاثين عاماً بين الدول الكاثوليكية والبروتستانتية كثيراً على الحياة في وسط أوروبا على الخصوص. الحرب التي اندلعت بسبب محاولة النمسا إعادة فرض الكاثوليكية على مواطنيها في بوهيميا انتهت بصلح فستفاليا 1648 الذي احتفلت به كل أوروبا بحماس، وألف الموسيقيون الكثير من الأعمال، بضمنهم اللوثري البروتستانتي هاينريش شوتس.

عكست الموسيقى الحال العام في النصف الأول من القرن السابع عشر خلال الحرب، بالارتباط مع الموت والخلاص والعذاب والأمل في الوصول إلى السلام. استعمل شوتس (ومعاصريه) الكثير من العناصر الكروماتية والتنافر في الموسيقى لتصوير هذه المشاعر بصورة درامية، بالاستناد إلى نصوص انتقاها من مزامير داوود.

وصل إلينا ما يزيد 500 عمل طبع في زمانه أغلبها دينية، بينما فقد الكثير من الأعمال الدنيوية التي ألفها عدا كتاب مبكّر من المادريغالات (وهو شكل غنائي بوليفوني - متعدد الأصوات - يعود إلى أواخر عصر النهضة). ولم يصلنا أي عمل خالص للأدوات، رغم أنه كان كذلك عازفاً شهيراً على الأورغن. وقد اقتبست مدرسة الأورغن في شمال ألمانيا اسلوبه، بالإضافة إلى تأثيرات عازف الأورغن الفلامندي يان بيترسون سويلنك (1562 - 1621).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

رمل على الطريق

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

مقالات ذات صلة

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي
عام

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

د. نادية هناويإن القول بثبات الحدود الأجناسية ووضوح مقاييسها هو قانون أدبي عام، نصّ عليه أرسطو وهو يصنف الأجناس ويميزها على وفق ما لها من ثوابت نوعية هي عبارة عن قوالب لفظية تختلف عن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram