عبدالله السكوتي يحكى ان فيلسوفاً ورجلاً امياً تصادقاً، واتفق ان ذهبا في رحلة الى احدى الغابات للنزهة، نصبا خيمتهما واستقرا في مكان ما، وحين حان وقت النوم ذهبا الى الفراش ، وبعد منتصف الليل ايقظ الامي صاحبه الفيلسوف وقال له: انظر ماذا ترى؟ فاجاب الفيلسوف بحسب عادته وعلمه ان هناك الملايين من الكواكب والنجوم، وهذه جميعها تسبح في الفضاء
اضافة الى المجرات وان دل هذا على شيء، فانما يدل على ضآلة الانسان وضعفه امام قدرة الخالق الخارقة، ومن الممكن ان نستدل من وضع النجوم ان الساعة الان هي الثالثة او اكثر بقليل، وكذلك من هذا الوضع نستطيع ان نعرف ان درجات الحرارة غدا معتدلة وان الجو صاف لاغبار فيه، ثم ادار وجهه الى الامي وقال: وانت ماذا ترى ؟ فرد الرجل الامي انا ارى ان خيمتنا قد سرقت ايها الحمار. الجميع مشغول ومهموم والناس بين متشائم ومتشائم، سياسيون ومحللون، دول واقاليم، البعض يرى ان الخلاص قادم وتشكيل الحكومة بات على الابواب والبعض الاخر لايريد نقاشا في هذا الامر ويرى ان النهاية وشيكة ويكاد يراها، وتشكيل الحكومة امر بات مستحيلا، ووصل الامر مداه في البعض من السياسيين فصاروا محبطين، وعجزوا من الهرولة، لقاءات لم تسفر عن شيء وليست هناك شخصية اسطورية تتوفر فيها جميع المواصفات (الفل اوفشن )، تستطيع قيادة البلاد وتترشح الى رئاسة الوزراء، ليبقى البحث دائما وعقد المنشار مستمرة ولااحد يؤمن بطريقة المنشار ذاته في الاخذ والعطاء وكما قال شاعر الابوذية: (ترف كلي ابهجرك علي من شار سحابه وبس عليّه امطرت منشار اخذ وانطي وصير اوياي منشار مثل ماحن عليك اتحن عليّه) وهذا للاسف يجري وسط عاصفة من الفوضى تكاد تأتي على الاخضر واليابس، هذا اذا بقي حتى الان شيء اخضر، والتداعيات مستمرة، ومنها ان الشركات الاستثمارية العملاقة التي اتت لاصلاح الكهرباء غادرت تاركة معداتها، مثل سيمنز وغيرها، لعدم صرف المبالغ المترتبة والتي هي تحت امرة وزارة المالية، لنحظى بجهنم غير التي تنتظرنا مستقبلا، ولان البلاد تحيا وضعا غير دستوري، فقد بقيت قرارات مصيرية طي الكتمان، وعلى الورق فقط ، الدستور الذي طالما حلم فيه العراقيون ركن على رفوف الوزارات، كتيب غير قابل للقراءة، استفتى الشعب عليه ليخالفه من كتبه ومن وافق على فقراته، لاشيء دستوري، ومازالت حمى تشكيل الحكومة هي صاحبة الاولوية دون الالتفات الى فقرات الدستور التي اعطت موعدا زمنيا لتشكيلها ولم تدع النهايات سائبة لنكتشف في نهاية الامر ان الديمقراطية في العراق على شفا حفرة من الخطر الداهم، وان السادة السياسيين يهمهم امر تشكيل الحكومة اكثر من دستورية وجودهم داخل الساحة، ونحن الاميون نلتفت بين حين واخر الى سرقة خيمتنا، ونصرخ: (يمعودين خيمتنه انباكت)، وهم اصحاب الخبرة والمعرفة لايريدون ان ينتبهوا الى شيء تاركين الحبل على الغارب ووضعوا في آذانهم وقرا، ولايريدون ان يسمعوا صوتا سوى صوتهم الذي ينادي في دواخلهم: هلموا فالغنيمة جاهزة والشعب صامت، ربما يعترض على الخدمات، كهرباء وماء ولكن حتى الان لم نجد احدا، يدعو الى حسم مسألة ساهم في ابراز شخوصها، والشعب الذي اعطى صوته يبقى الاول والاخير، وقراره هو الصح، ولاداعي لمشورة الاخرين فيما سيفعله في المرات القادمة وكما قال الشاعر: (شنزورهم شنشورهم لاهم زلم وانزورهم ولاهم زلم وانشورهم تطبخ جذب يجدورهم بس الماي بيها ايفور وبوّاكهم ناطورهم اصفر عفن كل لثك منشورهم )
هواء فـي شبك: (خيمتنه انباكت)
نشر في: 23 يوليو, 2010: 09:31 م