علي حسين
قبل ثلاث سنوات بالتمام والكمال خرج علينا السيد يوسف الناصري وهو يعلن من إحدى الفضائيات بالحرف الواحد أننا لسنا بحاجة إلى الجيش، فهو جيش مرتزق، ولم يكتف الشيخ بذلك بل طالب بأن يتم حل الجيش العراقي ، آنذاك لم يسأله أحد، ولم يتم استجوابه،
بل أن الشيخ تفاخر بما قاله وخرج ثانية ليعلن أنه مصر على أن الجيش مرتزق. سيقول البعض؛ يارجل تتحدث عن الديمقراطية وتطالب بمحاسبة سياسي لديه رأي بالمؤسسة الأمنية؟.. ياجماعة كنت سأصفق للديمقراطية لو أنها تعاملت بالمثل مع شباب الاحتجاجات الذين قُتلوا وغُيّبوا لأنهم طالبوا بمجتمع يحترم القانون ويحاسب الفاسدين وناهبي المال العام، لا أن تتحول مطالباتهم إلى نوع من أنواع الجريمة التي يجب مواجهتها؟.وكنت ساصفق اكثر لو ان الذين سرقوا اموال الضرائب والكهرباء تمت محاسبتهم.
للأسف أن بعض القرارات التي تصدر ضد شباب الاحتجاجات، وكان آخرها القرار بسجن الشاب حيدر الزيدي ثلاث سنوات لمجرد تغريدة نشرها حتى وإن اختلفنا مع مضمونها تشير إلى عودة الروح إلى شرايين نظام استبدادي توهمت الناس أنها قد تيبست بعد سقوط تمثال " القائد الضرورة " في ساحة الفردوس ، لكننا نكتشف كل يوم ان لا شرعية لمطالب العراقيين في دولة لا تحترم مواطنيها ، ولا تضمن الحرية لمن يعيش على أراضيها. دولة تتحول إلى حلم للمسؤولين والمنتفعين والانتهازيين والسراق ممن يجدون مصلحتهم في استعادة الدكتاتور لربيعه.
لقد بات واضحاً أن حلم العراقيين بالديمقراطية والحريات والدولة المدنية الذي بدأ مع زوال دولة "القائد المؤمن" قد أجهض وإلى غير رجعة، والسبب قوى سياسية ضحكت، ومازالت تضحك، على الناس بشعارات مضللة. كان العراقيون يأملون من هذه القوى أن تنهض بحياتهم، وتشرّع قوانين تمنع سرقة المال العام، وتمنع المسؤولين من تزوير شهاداتهم، وتمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى ملكية لأحزاب وأشخاص. الكل يتحدث عن دولة القانون والقيم والأخلاق ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلان تنظيم جديد سيطلقون عليه اسم "عبدة الدكتاتور"، اليوم الناس تشعر بالخجل لأنها صدقت أن زمان الوصل مع الدكتاتورية قد ولى، لأن البعض أدمن عادة عبادة الدكتاتور.
لماذا يصر بعض السياسيين والمسؤولين على أن ينشروا سموم الدكتاتورية في نسيج الخراب النفسي والتدمير الذاتي، والموت الأخلاقي، الذي يشيعه من يعملون في السلطة؟ لماذا يصر بعض المقربين على تغييب الحد الأدنى من العلاقات الإنسانية بين الحاكم والشعب؟.
إن العراقيين الذين هبّوا للدفاع عن بلدهم، أولئك الذين لا يهمّهم كون أحدهم شيعياً أو سنياً أو مسيحياً أو إيزيدياً أو كردياً أو عربياً ، هؤلاء جميعا دافعوا عن عراق ديمقراطي ، لا تهدده حريته قوانين " قرقوشية " .