متابعة/ المدى
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز، اليوم الخميس، تقريرا لمراسلة الشرق الأوسط، ريا جلبي، بعنوان "أزمة المياه في لبنان تغذي تفشي الكوليرا: الأمور تقترب من الذروة".
حمل تطبيق المدى:
https://almadapaper.net/app.html
اشتراك في قناة تلغرام:
وتشرح الكاتبة أن "نهر الليطاني، الذي يشق طريقه عبر السهول المفتوحة في سهل البقاع، الذي كان المزارعون هناك يعتمدون عليه لري محاصيلهم لعدة قرون، أصبح مكبا للتدفق غير المقيد لمياه الصرف الصحي الخام والنفايات الصناعية والأسمدة الكيماوية".
"رمادية ونتنة، تنبعث منها رائحة من المزارع القريبة وتحيط بمخيمات اللاجئين المنتشرة على ضفاف النهر"، تصف الكاتبة وضع مياه النهر، وتنقل عن المزارع السوري فراس عبود قوله "الليطاني أسوأ من الصرف الصحي.. لن أدع أسوأ عدو لي يغتسل فيه".
وتضيف "مع تزايد عدم موثوقية أنظمة المياه الهشة في لبنان، يضطر بعض الناس إلى استخدام النهر لتلبية احتياجاتهم المنزلية وري محاصيلهم، ويعد غياب المياه النظيفة ذات الأسعار المعقولة أحد العوامل وراء تفشي الكوليرا مؤخرا، وهو الأول منذ القضاء على المرض في لبنان منذ أكثر من ثلاثة عقود، وعلامة على الآثار الآخذة في الاتساع للأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة في البلاد".
وتلفت الكاتبة إلى أنه "يمكن إرجاع تفشي الكوليرا في لبنان إلى تفشي الوباء في سوريا المجاورة، بعدما أدى بناء السدود في تركيا إلى تفاقم أزمة المياه الحادة بالفعل، فلبنان موطن لما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، وقد ساعدت الحدود المليئة بالثغرات بين الدول المجاورة على انتشار المرض".
ومنذ ظهور الحالات الأولى في لبنان في أوائل أكتوبر/تشرين أول، هناك الآن أكثر من 4700 حالة - 45% منها أطفال دون سن 15 عاما - و20 حالة وفاة وفقا لوزارة الصحة في البلاد".
وعلى الرغم من أن الجهود المبذولة لمكافحة الانتشار كانت قوية، إلا أن "مسؤولي الصحة قلقين من أن عقودا من إهمال البنية التحتية ستؤدي إلى انتشار أوسع بين سكان البلاد البالغ عددهم حوالى 6 ملايين شخص".
وبحسب وزير الصحة فراس أبيض "أنظمة المياه المتحللة تساعد على انتشار الكوليرا والأمراض الأخرى التي تنقلها المياه".
فيما بعض المناطق منفصلة تماما عن أنظمة المياه، بما في ذلك مخيمات اللاجئين، وبعد أكثر من عقد من نقص الاستثمار، "لدينا قلق من أن نشهد المزيد من تفشي المرض في المستقبل".
وقال الخبير البيئي اللبناني نديم فرج الله، إنه على الرغم من أن الجبال المغطاة بالثلوج في لبنان كانت تضمن في يوم من الأيام وفرة من المياه العذبة، إلا أن الموارد تتعرض الآن لضغوط شديدة.
وعلى مدار الثلاثين عاما الماضية، انخفض نصيب الأمة إلى ما دون عتبة الإجهاد المائي البالغة 1000 متر مكعب للفرد سنويا، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وأضر انهيار نظام لبنان المالي في عام 2019، بشدة بالرعاية الصحية وأدى إلى انهيار خطير في قطاع الكهرباء، تذكر الكاتبة، فـ "الكهرباء أمر حيوي للحفاظ على تدفقات مياه نظيفة وآمنة. بدون كهرباء لا يمكنك الحصول على الماء"، قال فرج الله.
وقال إيتي هيغينز، نائب ممثل اليونيسيف في لبنان، إن "أيا من محطات معالجة مياه الصرف الصحي البالغ عددها 31 في لبنان لا تعمل بشكل صحيح، وكذلك الحال مع معظم محطات ضخ المياه البالغ عددها 1000 في البلاد بدون كهرباء، جفت الصنابير في جميع أنحاء البلاد ويتم تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار والمياه الجوفية، مما يؤدي إلى تلويثها بشكل أكبر".
وفي ضوء ذلك وجد سكان لبنان حلولا خاصة: تعتمد الأسر الآن على المياه المنقولة بالشاحنات من قبل الشركات الخاصة، وأظهرت دراسة أجريت عام 2021 أن 21% من ميزانيات الأسرة تُنفق على المياه التي يزودها القطاع الخاص، وفق الكاتبة.
هذا و"ارتفع متوسط تكلفة 1000 لتر من المياه المنقولة بالشاحنات ستة أضعاف تقريبا منذ عام 2019، وفقا لبيانات اليونيسف، وكذلك سعر مياه الشرب المعبأة. تدفع الشقة المتوسطة في بيروت ما بين 120-150 دولارا شهريا للمياه المنزلية، وفقا للعديد من الشركات التي شملتها الدراسة التي أجرتها الفايننشال تايمز، في حين أن مياه الشرب يمكن أن تصل إلى 30-50 دولارا في الشهر، ويعيش الكثير من اللبنانيين الآن على رواتب تعادل 50 إلى 100 دولار".
كما أن أعمال المياه الخاصة المزدهرة تخضع للتنظيم السيئ، حيث قال موظف في شركة مياه خاصة تخدم المباني الفاخرة في بيروت لصحيفة فايننشال تايمز إن "مياههم فشلت بشكل روتيني في الاختبارات المعملية، التي وجدت ملوثات غير آمنة".
ويضيف "يقوم رؤسائي بإجراء الاختبارات فقط عندما يطلب العملاء ذلك".
ويقول الخبراء إن لبنان يتجه نحو كارثة، فيما قال هيغينز "الأمور تصل إلى ذروتها"، مضيفا أن "وكالات الإغاثة لا تستطيع تحمل سد الثغرات المالية إلى أجل غير مسمى، وستكون الأشهر القليلة المقبلة حاسمة لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا احتواء الكوليرا أو ما إذا كانت ستصبح وبائية". بحسب الكاتبة.