ناجح المعموري
ما اعيد كتابة الانثى بلغة الشعر، الذي هو الوحيد القادر على كتابة الكائن حتى يضعه وسط كينونة جديدة وهذا هو اهم ملمح للحضور الدائم للشعر الذي يقيم في الحياة وتمنحه طاقة التعرف والاعتياد على معايشة الثنائية التي يريدها الكائن لحظة الدنو من الانثى.
والشعر صوت ايقاعه معيوش ومتكرر، حتى يحوزه كنوع مت السلطة، بمعنى يعطي الكائن قوة التواجد والحركة بأن الانثى ذات حضور بهي، يشع عبر تبادل الحب، بحيث يتعرف الشعر على حيوية ادراك الروح الخاتلة في الانثى، وأعني الانثى هو النوع الواهب للحياة ما يريده الكائن وما تتشهاه الانثى انها اللحظة التي يتحقق فيها غياب الكلام ويسود الصمت وتمتعنا الشفوية.
اكدت الفلسفات على ما المحنا له سابقاً عن دور الكلام ــ كما فيه تجربة الشاعر الشاب علي ابراهيم الياسري الحافظ للمرويات كثيرة التكرر لمخزونات الذاكرة، بحيث يفضي الانا / الذات بالإعلان عن الحاضر وما كان عليه بعد انبهار المخيال بما كانت عليه بما كانت عليه الحياة سابقاً والياسري يتلقف التصورات المستعادة عبر التخيل، الذي يمنح الذي كان / الماضي طاقة تبقى ممتعة نحو الحاضر وتصد نحو الاتي / المستقبل. مثل هذه المهارة موجودة وانا عارف لنا في تجارب عديدة من الشباب الحمراء الدين صاغوا ملمحاً ابداعياً جوهرياً.
الاستماع لعلي الياسري وهو يعيد تجوهراته اليومية الملتقطة يشعر بوجود امكانيات غريزة من اجل الاقتراب للحياة والتعرف على ما هو مخفي بين طياتها. وعلي الياسري شاهد على ما رأى وعرف واستعادة وانتصر بالتأثير على المتلقي وانا احد من استمع له وهو يقرأ من اتحاد الادباء ويعيد كل ما استعاده ويضعه امامنا وكأننا نراه لأول مرة. انه شاعر خبير لحظة اعتماده على الكلام الذي قال عنه غادامير هو كلام الاله. وهنا تأكيد لم يصرح به غادامير ولكنه يشف عما كمن فيه عن رأي هايدجر الذي اكد فيه ان الشعر هو الذي يؤسس الكلام، لا بل يختلقه ويصدمنا به ونصدقه ونلوذ به عندما تكون الانثى همسته ورنته، الكلام في تجربة الشاعر المبدع علي ابراهيم الياسري هو تأسيس الوجود / الكينونة، المغايرة بواسطة الكلام. وأيضاً لا يتعطل بتسمية الجسد والاعلان عن نوعه ويردد ما امتلك من نصوص خاصة بالجسد. أعظم ما تعرفت عليه الانثى في اليوميات الشفوية هي نصوص متكتم عليها، والمبدع وحده يعرف ما تعنيه وما تقوله من مداليل وهذا فضل المهارة الشعرية المتمتع بها التي اعلنت عن تجوهراتها، لأنها أخذتنا نحو الحوار وبهذا تأكدت كينونة الانثى الجبارة التي ذوبت اليوميات معروفاتها وقدمتها لنا جسداً أخضر، لون لا يتعطل لأن الثنائية الممنوحة بالحوار الموهوب لنا باللغة هو الذي ينبض من جديد بقوة اللغة / النسق المذاب بالشعر، والكلمات، ويلوح لنا بالروح المدنية. هذا أكثر الحضورات في تجربة علي ابراهيم الياسري عندما ينشغل بهوايته بالحفريات لالتقاط مكامن الجواهر اللائذة في عمق المكان، إنه شاعر مكاني، وأعني بمكانيته اسطوريته، متباه بها، تنفتح أساطيره عن طقوس وخفايا واعلانات ومزاولات، عرفتها بدئيات سومر وظلت تتراقص في مكان علي البصري.
اسمعت بدهشة من يتلقى الشعر لأول مرة، واقتنعت بأن ديمومة التواجد وهذا هو ما يؤسسه الشعراء عبر سرديات مكتظة بشعرية الكلام وكأنه ينقذ اللغة البدئية لشعب تاريخي ظل حضوره قوياً وجباراً وسط مكان مفتوح، يسمح لكل من لديه قدرة وهواية للعب في المكان المعشوق.
عرفت شاعراً اختارته ذاكرتي التي أنصتت له في مرة واحدة واختارته يومياتنا وسهّل علينا الدنو أكثر من كينونة جسد الأنثى لأننا حسب عبارة سارتر نوجد اجسادنا كما قالت بوفوار الشاعر علي ابراهيم الياسري سيكون مكانه أكثر سعة وينفتح له ولنا العالم.
