إياد الصالحي
سطع لاعبو المنتخب المغربي لكرة القدم في مونديال قطر 2022 بإبهار قلَّ نظيره في تاريخ الكرة العربيّة عندما تمكّنوا من إقصاء ثلاثة منتخبات أوروبيّة عريقة من منافسات كأس العالم وهي بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، ولفتوا أنظار الكون الى الأداء العالي المُقترن بالتحدّي وتحمّل الضغوط، حتى قطعوا تذكرة التأهّل الى الدور قبل النهائي في مُعجزة غير مسبوقة لشباب عرب قهروا الصعاب ولقّنوا الغرب دروساً قاسية في حسابات علم اللعبة فنيّاً ونفسيّاً.
المعنيون في البحث عن مراكز التكوين لأغلب اللاعبين المغاربة، وخاصّة يوسف النصيري وعزّ الدين أوناحي، لما بذلاه من جهود مميّزة آلت الى نتائج مهمّة ارتقت بالمنتخب المغربي الى مصاف الكبار الثلاثة في العالم الأرجنتين وفرنسا وكرواتيا، وجدوا أن الفضل كلّه يعود الى مشروع رعاية أكاديميّة محمد السادس للموهوبين التي أنشأت منتصف عام 2007 بدعم مالي حكومي قارب الـ 17 مليون دولار لغرض التعليم والتدريب، وجنى المغرب الشقيق فوائده في مشاركته الأولى ببطولة مونديال 2018 واستكمل الحصول على ثماره في الدوحة بوصول تشكيلة الأسود الى الدور نصف النهائي باقتدار فريد!
ويتساءَل العراقيون إزاء ما يجري من تطوّر كبير للمغاربة الأبطال بانَ على حقيقته في أكبر كرنفال عالمي: كم أنفقتْ الحكومات المتوالية منذ عام 2005 على رعاية كرة القدم العراقية من خلال ميزانيّة اتحاد اللعبة، وأين أنفقت المبالغ، وماذا كانت النتائج، وهل أن الجهود المبذولة في إعداد فئات الأندية توازي ما أنفق عليها وخاصّة تلك التي تتمتّع بمليارات مؤسّساتها؟!
الجواب لا يحتاج الى تأمّل ومراجعة وتدقيق، يكفينا الخروج المُتعاقب من تصفيات مونديالي 2018 و2022 تدين كلّ الإجراءات العبثيّة التي اتخذها مسؤولو اللعبة من كبيرهم على مستوى القرار الى صغيرهم المهتمّ بتهيئة مستلزمات التدريب واختيار الموهوبين.
وبعد.. لابدَّ لوزير الشباب والرياضة أحمد المبرقع ورئيس اتحاد كرة القدم عدنان درجال اللذين انهمكا بتوجيه رسائل التهنئة الى الأشقاء المغاربة أن ينهمكا أيضاً بإيلاء مشروع إقامة "أكاديميّة الأسود" لاحتضان ملاكات العمل في مراكز الموهبة بالكرخ والرصافة وكل من يبرع في عمله مع الفئات في بقيّة المحافظات، ويتمّ تخصيص مبالغ كافية لها بإشراف ملاكات أجنبيّة ووطنيّة مؤهّلة لاستخلاص نتائج باهرة مثلما أمتعتنا الكرة المغربيّة في بطولة قطر الاستثنائيّة.
هنا يسترعي تسليط الضوء على الجهود الكبيرة التي يُقدّمها داود العزاوي الخبير الكروي والمشرف العام على مركزي الموهبة لإنجاح المشروع المشترك بين وزارة الشباب واتحاد كرة القدم منذ عام تقريباً بهدف بناء لاعب المستقبل بمواصفات علميّة وبأسلوب تربوي يرتكز على تصحيح كثير من المعلومات الخاطئة، وتعليمهم مبادىء اللعبة الأساسيّة بوجود نخبة من المدرّبين، حيث تم اختيار أعمار محدّدة من 8 الى 15 سنة، بلغ عددهم 600 لاعباً وتم تقليص العدد الى 260 قسّموا الى 4 فرق في جانب الرصافة ومثلهم في الكرخ، ويتواصل العمل بثلاث وحدات تدريبيّة أسبوعيّاً وبتعاون أولياء أمور اللاعبين.
دعوة للوزير المبرقع وللكابتن درجال على بدء مشروع جيل مونديالي 2030 و2034 عبر أكاديميّة تراعي حقوق الموهوب والمدرب وترسم خططاً قريبة وبعيدة المدى تبشّرنا بجيل مقتدر لأسود الرافدين، نفخر بهم كفخرنا بأسود الأطلس.