TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > أيـام بـغــداد

أيـام بـغــداد

نشر في: 14 ديسمبر, 2022: 11:03 م

حسن مدن

عقود مرّت، شهد فيها العراق الكثير من الحروب والأزمات والحصار. بدأ الأمر بالحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت سنوات، ثم دخول القوات العراقية إلى الكويت وتبعاته المدمرة، مروراً بالاحتلال الأمريكي للبلد، وما جرّه من كوارث، ثم كارثة «داعش» الذي أحكم القبضة، ولو لحين، على مدن عراقية مهمة، أبرزها الموصل، قبل أن يجري تحريرها من عصاباته.

وأنا أترقب موعد وصولي لبغداد، كنت مسكوناً بهاجس: كيف سأراها بعد هذه الغيبة الطويلة عنها. فكيف لنا أن نخال وضع بلد عرف كل هذه الحروب والمحن واحدة بعد الأخرى؟ وهو السؤال نفسه الذي سمعته من محيط الأصدقاء والمعارف بعد عودتي: كيف رأيت بغداد؟

ما أبصرته عيناي عند لحظة وصولي وخروجي من مبنى المطار أشعرني بحجم ما عاناه هذا البلد الغالي علينا مما مرّ به من محن، كأن البلد الذي كان قبل نحو قرن أقرب بكثير إلى المستقبل، نأى عنه في بعض الأوجه، فالذين لا يريدون عراقاً قوياً مؤثراً في منظومة الأمن العربي والإقليمي، وما أكثرهم، تكالبوا عليه مستعينين أو مستفيدين من ركائز وأوجه خلل داخلية.

ولكني ما إن اقتربت، وفي يوم الوصول نفسه، من العراقيين ولمست ما أعرفه فيهم من دفء وعزيمة، حتى دبّ الأمل في نفسي وبقوة من أن بلداً عظيماً مثل هذا عصيٌّ على الانكسار وقادر على النهوض مجدداً، وكنت سعيداً بلقاء الجمهور في إحدى فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض الكتاب الذي جئت لحضوره، تحدثت فيه عن الثقافة في واقعنا العربي المأزوم، وسرّني ليس فقط حضور وجوه أدبية وثقافية عراقية مخضرمة تجمعني مع الكثير منهم علاقات صداقة ومعرفة ومودة، وإنما أيضاً وجوه شابة في مقتبل العمر، ربما يكون بعضهم لم يعش الكثير من المحن التي مرّ بها وطنهم، لحداثة أعمارهم.

بعض هؤلاء الشباب اقتربوا مني بعد انتهاء اللقاء، ليطرحوا أسئلة تنم عن شغف بالمعرفة والثقافة، واستوقفني سؤال أحد هؤلاء الشباب لي: «كيف تفسر الحضور القوي للثقافة في العراق رغم ما عاناه». أجبته بشكل عفوي: أُرجع ذلك إلى ما يتمتع به المجتمع العراقي من ديناميكية ثقافية وما للعراق كنفسه، كبلد، من عمق حضاري. بلد تضرب جذوره في حضارة قديمة أعطت العالم ما أعطته من علم وفن وأدب، سيظل ولّاداً دائماً بالإبداع والمبدعين، وصانعاً للأمل، رغم الصعاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دراسة: الضوضاء قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية

ضد منافس شرس.. متى تفوز المراة بحقوقها؟

ما حقيقة استقالة وزير النفط؟

البرلمان يعتزم اطلاق دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج للحد من العنف والطلاق

(المدى) تنشر قرارات جلسة مجلس الوزراء

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram