TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > قانون الحماية من العنف الأسري وتأثيره على السلام الأسري والمجتمعي

قانون الحماية من العنف الأسري وتأثيره على السلام الأسري والمجتمعي

نشر في: 14 ديسمبر, 2022: 11:03 م

عبد المجيد صلاح داود

في الحقيقة ان تناول هذا الموضوع يحتاج الى الكثير من الندوات والدراسات, كونه موضوع واسع وشائك وحساس يحمل تفسيرات اجتماعية, قانونية و دينية, لكننا في هذا المقال سوف نركز على ابرز محركات الموضوع, ونتجاهل الهامش ونركز على المضمون, من حيث انقسام الدولة والمجتمع في النظر الى القانون, وبعض الركائز المهمة التي يجهلها الكثير حول ضرورة الاعتراف به وتنفيذه.

ظاهرة العنف الاسري في الميزان

يعد المجتمع الصغير الممثل بالأسرة هو جزء اساس من المجتمع العام الكبير, لذلك فأن متغيرات المجتمع الاجتماعية, الاقتصادية والسياسية, تسبب انعكاسات كبيرة على وضع الاسرة, إن ما شهده المجتمع العراقي من ازمات كبيرة خلال العقود السابقة, من مظاهر عنف ونزاعات مسلحة وانهيار الانظمة السياسية والاقتصادية, وتأثيراتها على بنية المجتمع تركت بضلالها على الاسر, من حيث ابراز مظاهر العنف المجتمعي, أذ حسب بيانات وزارة الداخلية هناك 15 الف حالة عنف اسري عام 2020م.بينها 9 الاف حالة من العدد الكلي هي اعتداء الازواج على زوجاتهم. فيما تم رصد 453 حالة اعتداء من الزوجة على زوجها.وأوضح أنه سُجلت أيضا 402 حالة اعتداء ما بين الأخوة والأخوات، و183 اعتداء من الآباء على أبنائهم، و617 اعتداء من الأبناء على آبائهم.

ظاهرة العنف الاسري من اكثر الظواهر هتكاً لبنى الاسر والمجتمعات, وهي تبرز اثناء الازمات الاجتماعية وما بعدها, نتاج لانهيار المجتمعات وتشوه معاييرها الاجتماعية، وتدني قوة وسائل الضبط الاجتماعي.

التوجهات المفسرة للقانون:

تباينت تفسيرات المجتمع, المفكرين, وفادة المجتمع في النظر الى مكنونات العنف الاسري من حيث:

1.رأي محافظ تقليدي متمسك بتقاليد المجتمع والذي ينظر الى استخدام القوة علاج للتوجيه والتربية, وفعل لا بد منه لمواجهة الاخطاء, وان بتشريع القانون تزداد مشكلات التفكك الاسري وحالات الطلاق, لأنه يرى ان ذلك يقوي من المرأة وهي محل ضعف دائم ينبغي ان تكون محل طاعة الرجل واحترامه, وهي ان ذلك القانون يدفع نحو ممارسات غربية تجعل من النساء متحررات, ولا يمكن منعهن من ممارسة ادميتهن.

2.رأي مخالف متحرر يرى بالقانون الحل الامثل لمشكلات المجتمع, واعادة تنظيم اوراق الاسر والحد من ظواهر الطلاق, والاعتداءات بأشكالها, ومصادرة الحقوق والحريات, وان المرأة تمتلك سمات الانسان كما الرجل ويحق لها ممارسة الحياة بحرية وان لا تكون خاضعة لسلطة الرجل والنظام الابوي.

اهمية القانون:

1.قانون الحماية من العنف الاسري ضروري لأننا لا ننظر الى سلوك الاب تجاه ابنائه وشكل التربية والتوجيه المنزلي فحسب, بل يشمل ذلك التعامل مع ابناء الزوجة والذي قد يندرج تحته مشاعر الحقد والكراهية وعدم الاهتمام, وعدم التعاطف معهم من لا ينتمون الى الحضن نفسه.

2.كذلك يشمل العنف الواقع من قبل والدي احد الزوجين, وهم لا يحق لهم ممارسة التعنيف بكل اشكاله, وان كان لغرض التربية, فالتربية ينبغي ان تكون متأسسة على مبداً الاحترام.

3.والاشخاص المشمولون بالوصاية والقيمومة وهم ضمن الاسرة.

4.كذلك اغلب حالات العنف الاسري هي تحدث لأسباب وضغوطات خارجية, لا دخل للمُعنف فيها, لكنها تفرض خلاف او حجج للتعبير عن هذا الضغط.

5.الدين الاسلامي لم يحدد الضرب لغرض الاهانة والأذى, بل هو علاج بعد مراحل التعليم والنصح والهجر, وحرم الضرب واحلال الاذية والكسر والضرب على الاماكن الحساسة والوجه, سمع الرسول هناك من يضربون زوجاتهم فقال ليسوا بخياركم, كما ننوه الى ان الرسول الكريم لم يكن يضرب زوجاته ولا اولاده.

ضرورات تشريع القانون:

1.للحد من مظاهر العنف الاسري, وخلق بيئة اسرية سليمة يسودها الاحترام وتعزيز كرامة الانسان.

2.يسبب العنف انتهاك حقوق الانسان, وافلات من المبادئ الانسانية التي يفترض ان تكون متأصلة لكل فرد منذ الطفولة وحتى الكهولة.

3.التزام العراق بالمواثيق والمعاهدات الدولية, يجعل العراق امام مسؤولية كبيرة لحماية حقوق الانسان.

4.تمكين النساء في المجتمع وزيادة فرص التمثيل والولوج الى المؤسسات والمشاركة.

5.يسهم القانون في نشر ثقافة الحوار والتسامح والصلح, وتربية النشء على مفاهيم السلام وحل المشكلات بطرق سلمية حوارية بدلاً من العنف.

معوقات تطبيق القانون:

1.الاماكن المخصصة لاستقبال ضحايا العنف الاسري, في العراق قد يكونون الضحايا اكثر عرضة للخطر, من قبل العائلة والعشيرة, الى جانب الوصمة التي تعترض تلك المراكز, وما تحتضنه من مشكلات قد تكون بيئة لانتشار الفساد والانحراف والجريمة, لأن تلك المؤسسات لا تعد ببرامج حديثة ومختصين, وتكون تشبه مثيلاتها من دور الايتام والمسنين, التي تشابه السجون.

2.صعوبة الاخبار عن حالات العنف الاسري, بسبب الخوف من الفضيحة, ومن ردود فعل المجتمع, ومساوئ الامر المستقبلية. والامر يحتاج جهود كبيرة للتوعية بالبرنامج كمن قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والنشطاء, والمؤسسات التربوية, مثلما حصل مع قضايا الابتزاز الالكتروني وما تحقق من نجاح واضح للعيان.

3.عدم موافقة وزارة المالية انشاء صندوق خاص بضحايا العنف الاسري, فهي تعزو مخصصات هذا المشروع الى تخصيصات وزارة العمل البالغة (3,120) ترليون دينارعام 2019.

4.ان تطبيق هذا القوانين يحتاج الى استقرار سياسي واجتماعي, لأن تعدد وتجدد الصراعات والازمات تعوق تطبيق هذا القانون وغيره.

اثر القانون على السلام في حال عدم تنفيذه او التغاضي عنه:

1.استمرار ارتفاع معدلات العنف الاسري, وبروز مظاهر جديدة بشعة للعنف, من اوجه الانتحار, والقتل المتعمد بطريقة غريبة ولا أنسانية.

2.ارتفاع معدلات الطلاق والانفصال وبالتالي التفكك الاسري, وضياع مستقبل الاجيال القادمة.

3.زيادة مشكلات التشرد, التسول وعمالة الاطفال في المجتمع, وما يرتبط بها من ظواهر الفساد الاخلاقي والانحلال القيمي.

4.ارتفاع معدلات الامية والجهل في المجتمع, وتراجع قدرات المجتمع ومؤهلات افراده في مواكبة تقدم المجتمعات, بالتالي الانحسار في دائرة التخلف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عبدالله اسماعيل سالم

    عاشت ايدك دكتور محتوى جميل ومؤثر جدا ويعطي فهميه كبيره ومعلومات قيمه

يحدث الآن

دراسة: الضوضاء قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية

ضد منافس شرس.. متى تفوز المراة بحقوقها؟

ما حقيقة استقالة وزير النفط؟

البرلمان يعتزم اطلاق دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج للحد من العنف والطلاق

(المدى) تنشر قرارات جلسة مجلس الوزراء

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram