طالب عبد العزيز
على خلاف القاعدة، صار حديث دورة الخليج لكرة القدم، التي ستقام في العراق، باسم خليجي البصرة، فيما هو في السعودية والكويت والبحرين وعمان وقطر والإمارات على مسميات الدول تلك، وليس على إحدى مدنها، إذن البصرة تحمل اسم العراق اليوم! وهي جديرة به، بكل تأكيد، ومسؤولية تضطلع بها حكومتها المحلية، قبل الحكومة الفدرالية، لكنَّ الرهان صعب، وصعوبته تكمن في الوقت، الذي أهدر من قبل، والذي يضيق الآن.
انتهى أولومبياد قطر، بكل قوته وجماله ودقة تنظيمه، وارتسمت صورة الدولة الحكيمة والمحرجة في آن بأعين المسؤولين العراقيين. ترى، ماذا سيفعل هؤلاء، الذين اصطبغت صورتهم بألوان الفساد والكسل والتخلف إزاء صورة الدولة القطرية، التي ابهرت أمريكا وأوربا والعالم كله؟ هل يكفي بقولنا بان قطر كانت فخراً للعرب، وإرسال التهاني بنجاح الأولمبياد والحضور الرسمي الكبير للدولة العراقية هناك؟ وما الذي يمكنهم فعله لإنجاح الفعالية التي انتظرها العراقيون، وقاتل من أجلها المحافظون في البصرة بخاصة منذ أن وضع المحافظ الاسبق، محمد مصبح حجارتها الأولى؟
أمس سمعت صوت جراّفة، مرت أمام بيتنا، فقشطت التراب، استعداداً لإكساء شارعنا، المكسو سابقاً، في عهد محافظ سابق، والمُحفّر حالياً، وهو لعمري فعل حسنٌ، ومبادرة نافعة، مع أنَّ الشارع خارج خدمة شبكة الصرف الصحي، كحال مئات الشوراع في المدينة، وبيقيننا أنْ سيأتي محافظ آخر، ويأمر باكسائه ثانيةً، ويعقبه ثالث، وهكذا، سيكون جزءٌ من موازنة المدينة قد صرف لمرات فيه، سيكون المقاول، صاحب العقد الخفيّ والملتبس قد اتنفع، ومعه سينتفع جملة المسؤولين في قطاع الخدمات، ولا نقول هذا اتهاماً لأحد، لكنَّه المعاين والمسموع من أداء الدولة العراقية كلها.
سينجح خليجي البصرة إعلامياً، وسيعلو نجم المحافظ المجتهد إذا أفلح الطاقمُ الاداريُّ بتطويق الفرق والجمهور العربي الزائر، وحال دون مرورهم في الشوارع الخلفية للمدينة، وإلا سيقع المحذور، ويتكشف وجه المدينة الآخر، وهذا ما أتطلع اليه شخصياً، ويتطلع اليه كل محبٍّ للمدينة. لكنًّ المرور بضواحي البجاري وبريهة والجزائر ومناوي باشا والخضارة وشارع الكويت والمغاير وحنا الشيخ والوطني وصولا الى الكورنيش أمرٌ لا مفر منه! وهنا سيكتشف زائرنا الخليجي، القادم من المدن المنظمة والنظيفة، الخالية من النفايات، ذات السواحل المغسولة بالوجه الحقيقي والمخفي من المدينة. وياويلنا من ذلك.
أعرف عن يقين بأن المدن في النهار غيرها في الليل، فالظلام الجزئي والانارة في الشارع والمحال التجارية والمكاتب واضوية السيارات تمنحنا صورة اجمل من صورة النهار، لكنَّ الليل فرصة للتجوال والتنقل بين الضواحي ودخول المطاعم والسهر وفرصة سرية للمتع الأخرى !! ترى، أين سيجد ذلك الزائر الخليجي، الذي يحمل في قلبه وبين جوانحه الصورة العائلية(صورة ما تحدث به أجداده عن البصرة) مدينة النخل والانهار والطرب والخشابة وفؤاد سالم وشارع الوطني والبرجسية والزبير وابي الخصيب وملتقى دجلة والفرات ووووو .
ربما سأكون بحاجة الى إعادة ما كتبته في مناسبة سابقة فأشير الى أنَّ المبالغ الضخمة التي صرفت على رفع النفايات في البصرة لم يصاحبها قانون يجرّم رمي النفايات في الشارع. المواطن في مدينتنا يتمادى في إذلال المسؤول الحكومي، والحكومة تعلم، وهي ضعيفة، لأنها لم تفعّل القانون، وموظفها ذليل لأنه بلا سند، وهناك رغبة عند البعض ممن سكنوها بترييفها، لهذا وغيره لا نرى غرابة في ارتداد أفعالها عليها، ومن ثم افشال مشاريعها.