اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > تحدث عن فيلمه شجرة الكمثرى البرية .. المخرج التركي نوري بيلجه جيلان: ليس عملنا أن نحكم.. حتى القتلة نحاول أن نفهمهم

تحدث عن فيلمه شجرة الكمثرى البرية .. المخرج التركي نوري بيلجه جيلان: ليس عملنا أن نحكم.. حتى القتلة نحاول أن نفهمهم

نشر في: 21 ديسمبر, 2022: 11:20 م

ترجمة: ضياء الخالدي

القسم الثاني

في هذا الحوار، يكشف المخرج التركي نوري بيلجه جيلان الكثير من التفاصيل حول فيلمه "شجرة الكمثرى البرية"، والذي عرض في مهرجان كان 2018. كيف ولدت الفكرة، واختيار البطل، ودلالة المشاهد، ونوعية اللقطات، وظروف التصوير؟ كما تنير الإجابات جانباً من الحياة التركية.

هذا الفيلم، والذي تجاوزت مدته ثلاث ساعات، يعد بحق تحفة بصرية، إضافة إلى الحوارات الطويلة البليغة، وتناولها قضايا شائكة في الدين والإنسان والحياة ككل. كما يبلغ الصمت والتأمل في بعض مشاهده طاقة تعبيرية كبيرة تعزز جمالية هذا الفيلم.

رجل شاب، لا يتردد في الاعتراض وإظهار المعارضة سواء إلى أبويه أو رئيس البلدية أو الإمامين...

- في الحقيقة هكذا، وهذا الحال يولد من وحدته ونظرته ككاتب. هناك عزلة ضاغطة تدفعه إلى البؤس، فينسحب إلى نقد الآخرين باستمرار. يحارب ضد ما لا يجده صحيحاً، ولا يحب الكاتب المحلي ولا كتاباته، ويغار من نجاحاته. لذلك يحاول أن يجرحه! لكنه أيضاً يقلل من شأن نفسه. هناك حرب لا يعلم نهايتها في داخله تغذي الهروب الجامح لديه.

• في الأخير، أبوه هو الشخص الوحيد الذي قرأ روايته... هذه ذروة العقدة بالضبط في الفيلم.

- نعم، لأنه الشخص الذي لا يقدره كثيراً.

• تُحيل العلاقة ما بينه وأبيه إلى جيمس دين في فيلم شرق عدن.

- هناك إلهام من حدث حقيقي. مثلاً، عندما يرى قصاصة جريدة عنه في محفظة والده. هو يشعر بالذنب قبل أن يذهب إلى الجيش، بسبب أن سلوك أبيه بدأ بالتغيّر. ربما أيضاً لأنه مستاء من بيع الكلب، وربما أيضاً من سلوك متشكك عندما أخفى الأب عن أبنه ما كانت يكتب في المدرسة. كما أنه لم يستطع أن يفهم كم القيمة المعنوية للكلب الذي باعه من أجل طبع الكتاب. في القرى لا يوجد تقدير للكلاب عكس الأماكن الكبيرة.

• أنتم تصنعون إحالة إلى تشيخوف بكثافة في فيلم السبات الشتوي. يمكن ملاحظة ذلك في فيلم شجرة الكمثرى البرية، لا سيما في هيئة عدم الحكم على الأبطال قطعاً. هناك فرصة متاحة للجميع.

- ليس تشيخوف فقط، بل كل الكتاب الكبار يرفضون فعل ذلك. تينسي وليامز مثلاً... ليس عملنا أن نحكم. حتى القتلة نحاول أن نفهمهم. ودستويفسكي يدخل مدار حديثنا، فأنا أحب الأدباء الروس. كذلك الكتاب الأتراك كتبوا قصصاً ذات قيمة كسعيد فائق، الذي كان انطوائياً ولم يتزوج أبداً، وعاش فترة من الوقت في فرنسا.

• نحن نلاحظ بورتيريهات لماركيز وفرانز كافكا وفرجينيا وولف والبيركامو عند بائع الكتب.

- وجدتُ المكان بهذا الشكل، وكنتُ أستطيع جلب هذه الأسماء.

• هناك بضعة أحلام: الطفل المغطى بالنمل، والمطاردة عند حصان طروادة، وفي الختام البئر. هذا لا نعثر عليه كثيراً في السينما الراهنة.

- هذه الأمور ترضيني. لم نعرف بالضبط متى تحول حصان طروادة إلى حلم. من جانب آخر، أرى حياتي في معظم الأحيان كحلم، وتبدو أحلامي وكأنها حقيقية جداً بالنسبة لي.

• كيف خطر لك مشهد الجدال الطويل جداً بين الإمامين وهما يسيران باتجاه القرية؟

- كانت نقطة انطلاق هذا الفيلم، حيث أردتُ إظهار كل القيم حول الشاب. الدين هو الأكثر أهمية، وعاجلاً أو آجلاً سيضطر إلى مواجهته، لا سيما في بلد مسلم. عندما تتحدثون عن الدين لن تكونوا في حرية مثلما تتحدثون عن موضوعات أخرى. في الريف مثلاً، قول «أنا لا أومن بالله» يكاد يكون مستحيلاً. كان هكذا الحال مع أبي، لم يستطع القول علناً أبداً، وحتى ضمن نطاق العائلة. الشاب يريد الحديث عن ذلك، لكن من الصعب أن يكون مباشراً دون أن يستفز المحاور. وتقريباً هذا هو المشهد المفضل لديّ. تماثلتُ مع نفسي مع هذا الموقف، ويبدو للمشاهدين غير الأتراك طويلاً وصعباً في الفهم. أنا أعي ذلك، ولكن من أجلنا نلامس هذه الأسئلة الأساسية. ينبغي أن نربط ذلك بالعمل: وهكذا يأخذ الإمام الذهب من الجدة، بينما تتجه نية الشاب إلى ذلك لكي يطبع كتابه، هذا هي الإحالة. لقد أتيحت لي الفرصة أن أمكّنهم من التحدث حول الدين.

• أنتم تظهرون الإمام الشاب بأفكار إصلاحية...

- نعم، تنتشر كثيراً مثل هذه النقاشات في الأوساط الدينية، والتي تحضر فيها أسئلة التحديث في تفسير النصوص. في الحياة الواقعية جد الكاتب كان إماماً متقاعداً.

• ما هي حصة الديكورات الطبيعية والمصطنعة؟

- تم تصوير شقة العائلة في الإستوديو. صالة رياضية متروكة كنا نستخدمها كأستوديو في العادة. إذا كان الطقس يمنعنا من تصوير المشاهد الخارجية فهناك نصيب كبير من الخطة البديلة. وفي القرية صورنا في الأماكن المتاحة.

• في بدايات الفيلم يحضر مشهد جميل جداً بين الشاب والبنت، ثم لا نرى هذا البنت بعد ذلك.

- تزوجت من رجل آخر، ولهذا السبب لا تظهر.

• هذا المشهد يعكس ماضي البطل، أي قبل أن يبدأ الفيلم...

- في المدرسة الثانوية يكون جميع الشباب معاً، ثم يكبرون ويتفرقون. بعضهم يتزوج وينجب، وبعضهم يذهب إلى الجامعة.

• البئر الذي تم حفره، هل هو مستلهم من واقعة حقيقية؟

- كلا، كان من خيالنا. ومن أجل اسناد جهد ملموس إلى شخصية الأب. البئر، هو تجسيد للصراع ضد أفكار القرويين الذين اعتقدوا بعدم أمكانية وجود الماء أبداً.

• اسم شجرة الكمثرى البرية، هل هو ذكرى شخصية؟

- كان إيحاءً بين عزلة آكن آكصو وعزلة هذه الشجرة. الكمثرى البرية، هي أشجار بلا هوية واضحة وثمارها لاذعة إلى حد ما. ولكي تنمو في الطبيعة فأنها تحتاج إلى ماء قليل جداً. مكانها الأراضي القاحلة والمقفرة. وعندما يجد السكان المحليون هذه الشجرة جوار قراهم يعملون على تطعيمها بالكمثرى العادية. في السيناريو كان هناك مدخل لم أستطع الحفاظ عليه: مشهد الأب في فترة الشباب ووقتما كان معلماً في القرية، حيث يروي حكاية الكمثرى البرية إلى التلاميذ كاستعارة عن العزلة التي يعيشها. وأن هذه الاستعارة كانت ستكون أيضاً عزلة أبنه، ومثلما كانت عزلة الجد أيضاً في زمن مضى. نحن نراه في لحظة عفوية وهو جالس بمفرده في المقهى، وهذا ليس أمراً معتاداً أبداً له في القرية.

• فيلمكم هو الأطول ما بعد فيلم السبات الشتوي، وغالباً لا يتم ملاحظة ذلك.

- كنتُ أعرف أن السيناريو سيكون أطول بكثير من الفيلم، لكن، عند التصوير فأنا من يقرر ذلك، وأيضاً من يختار ما أبقيه في المونتاج. في البداية كان طول الفيلم خمس ساعات تقريباً، وشغلت شخصية الجدة مساحة أكبر، كما أزلتُ شخصيات قروية تماماً، وأيضاً كان هناك نقاش جماعي حول مسجد جديد يتم بنائه.

• ما الموسيقى التي استخدمتموها؟

- عملنا لحناً لباخ في الأورغ، وهو نُظم جديد.

• كيف كان توجيهكم إلى الممثلين؟

- لا أحب الجدال حول الأدوار معهم. أحاول أن أكون مُرشداً وليس ذو نزعة فكرية، وتقترب الأمور من الحدسي والبديهي، ودون إعطاء معلومة تتجاوز ذلك. في البداية أتركهم في حرية لكي يقدموا شيئاً، ثم أنظّم ما يتوجب فعله. نقاط صغيرة. ليس بطريقة فلسفية أبداً، بل تعليمية. وقبل تقديم الاقتراحات أبدأ في الثناء عليهم، لا سيما أنني لا أستعجل حتى لا تكون هناك عقبة. هم يودون أن يكونوا محبوبين. وإذا أردتم الحقيقة فلا توجد طريقة عالمية، فالشيء الذي يناسب أحداً قد لا يناسب الآخر. ينبغي أن أظهر أسلوبي إلى كل ممثل.

• حسناً، ماذا لو كان هناك ممثلون مختلفون في المشهد نفسه؟

- أحياناً يتطلب أن أكون ستراتيجياً. لو توجد أمور في غير محلها عند أحدهم، أتحدث في البدء مع الآخر، وأنظر إلى رد فعل الأول. إدارة الممثل عملية غامضة جداً، وهي الأهم عند المخرج.

• ماذا تفعلون لكي تعطوا القرارات الصحيحة في المونتاج؟ هل تراجعون الفيلم؟

- نعم، برفقة زوجتي أولاً، ولديها وجهة نظر صارمة جداً، فيما بعد مع شخص أو أثنين لديهما نظرة أكثر «استرخاءً». خارج ذلك فأني أمنح نفسي الوقت. المونتاج، أخذ عاماً تقريباً وأنجزت ذلك بنفسي، ودون فريق المونتاج. من الصعب أن أصبر لمدة طويلة ويكون فيها عملي عند أحد آخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

الأثر الإبداعي للكتب السينمائية المترجمة ملف "السينمائي" الجديد

مشهد بصري لشاعر يتلهّى ويستأنس بالكلمات والصُّور الشعرية

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

مقالات ذات صلة

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية
سينما

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

المدىياسر كريم مخرج شاب يعيش ويعمل حاليا في بغداد، حصل على بكالوريوس علوم الكيمياء من الجامعة المستنصرية. ثم استهوته السينما وحصل علي شهادة الماجستير في الاخراج السينمائي من Kino-eyes, The European movie master من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram