TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إنت براغماتي ياوله؟!!

العمود الثامن: إنت براغماتي ياوله؟!!

نشر في: 21 ديسمبر, 2022: 11:43 م

 علي حسين

ظلت البراغماتية ولا تزال تعبيراً صادقاً عن الفلسفة الأميركية، بل أن البعض يربط بينها وبين السياسة الأميركية، حتى يقال إن البراغمانية كانت ولا تزال تعبر عن نظرة طبقة محددة إلى العالم، وهي الطبقة السياسية الأميركية، حيث صاغها ممثلوها لتكون أداة للسيطرة الفكرية على العالم.. ويذهب البعض، مثل سلامة موسى، إلى اعتبار البراغماتية محاولة لمواجهة الفلسفة الاشتراكية .

أنا من جانبي أصاب بحيرة كلما أقرأ كتباً عن البراغماتية وفلاسفتها ودورهم الكبير في ترسيخ مفاهيم الدولة، لكن حيرتي تفاقمت وأنا أسمع لمذيعة تُقدم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بالكلمات التالية "متدفق، صعب التوقف، واقعي، براغماتي، مناور شرس"، فتذكرت مقالا كنت قد قرأته قبل مدة للكاتب الأمريكي جيسون بتلر بعنوان "أنت نعامة أم براغماتي؟" يصف فيه حال بعض الناس الذين قال إنهم يعيشون ضمن طريقة النعامة. يضعون رؤوسهم في الرمال ويتجنبون التفكير في التخطيط طويل الأجل وفي الكثير من التفاصيل، يشاركون في خطة مضمونة للحصول على المال ، فتذكرت العديد من سياسيينا ومسؤولينا، وواحد منهم بالتأكيد محمد الحلبوسي الذي يعيش على طريقة النعامة ، ولا اعتقد انه يعرف فيلسوف براغماتي مثل المرحوم جون ديوي .

يرى وليم جيمس أن البراغماتية هي الفلسفة الوحيدة التي تلائم حاجاتنا وتطلعاتنا، وهيفي مفهوم جيمس فلسفة العمل، والفكرة التي تقوم عليها البراغماتية هي في أن نُخضع سلوكنا بأكمله لاختبار مادي واحد؛ وهو أن نسأل: هل لهذا المسلك ثمن مجزٍ؟ وما هي القيمة الفورية لأي عمل نرغب في تأديته؟، ويوضح جيمس هذه الفكرة قائلاً: "ولكن لا تسيئوا فهم هذه الفكرة. فإذا ما ذكرت القيمة الفورية فإنني لا أعني رد الثمن بالدولارات والسنتات، وإنما أقصد بها الجزاء في صورة صحة أسلم، وعقل أقوى وروح أجرأ.. كان وليم جيمس قد قرر أن يطبق فلسفته البراغماتية على حياته: "لقد منحتني هذه الفلسفة حافزاً أقوى على الحياة، وتسامحاً أحكم نحو الآخرين، ونظرة أصفى إلى الكون، وآفاقاً أوسع، ورضى أعمق، وسلاماً أعظم".. ويقول وليم جيمس إنه ليس هناك ما نخشاه ما دام العالم هو بيتنا المشترك وسكانه جميعاً هم أفراد أسرتنا الواحدة، ويؤمن جيمس أن الدين الحقيقي هو ذلك الذي يوحد الجنس البشري بأكمله ويجعل منه أسرة واحدة .

وأنا أستمع لفذلكات المذيعة تذكرت مشهداً من فيلم "إحنه بتوع الأوتوبيس" حيث يقول الضابط للمشتبه به عادل إمام؛ "إنت شيوعي ياوله؟" فيجيب: أنا من بتوع الأوتوبيس يافندم"، نحن ياسادة أيضا مثلكم من ركاب هذا "الأوتوبيس" الذي يسمى العراق، والذي يتصارع فيه الجميع على خطف كرسي السائق، حتى وإن كان البعض منهم يمارس لعبة " النعامة " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كريم التميمي

    مقال يستحق التقدير والقراءة شكرا

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram