ثامر الهيمص
جميع المعطيات تؤشر الى ان العراق محور لديناميكية هذه المرحلة الجيوبولتكية الحاسمة اقليميا ودوليا , فهو اولا بخزينه الاحفوري وموقعه الستراتيجي ’ واكثر اطراف القمم الثلاثة تضررا بسبب الحروب والحصار والفساد وعدم الاستقرار السياسي,
ومن الناحية الدولية لديه اكبر سفارة امريكية في العالم واكبر قنصلية في اربيل وثاني اكبر ميزان استيرادي مع جارتيه الشمالية والشرقية والصين هي الشريك التجاري الاكبر ’ وما له من اثار لا يمكن تجاهلها بكل المجالات الان وفي المستقبل , وما يعني ذلك اقليميا وصينيا , فنحن اهم من تعنية وتعني الحلفاء التاريخين والجدد. اتفاقيات ومذكرات التفاهم الصينية مع ذوي العلاقة المؤتمرين منهم خاصة. هذا وان التمثيل الدبلوماسي الامريكي وما ورائه , الذي لا يشبه غيره ويعادل عاكسا اهمية العراق في الستراتيجيات بين القطبين او الاكثر من حلفاء التاريخ والجغرافية , وايضا لا يمكن تحييده بكل الاحوال حتى في الافق المنظور.
ولكن بالمقابل تربطنا بالصين علاقه تجارية وثقافية , منذ عتبة بن غزوان مؤسس البصرة في صدر الاسلام ’ واول إعتراف بالصين بعد ثورة تموز 1958 وصولا للحزام والطريق من خلال مشروع الفاو بقناته الجافة التي توصله بالبر الاوروبي بنصف المدة الحالية للتجارة الدولية , وما يعكسه كضرورة اقتصادية ككلف نقل ولكن المضي بالمشرع لا زال خجلا , مرورا باكبر شريك تجاري ونفطي قيا سا لباقي المصدرين المفروضين ليس لاعتبارات الحاجة المحلية المعقولة والمقبوله لنا كاقتصاد واعد, وحتى بناء المدارس المتعثر لاسباب ليست فنيه طبعا , بل كان سبب عدم الاستقرار الامني والسياسي كأي استثمار سواء كان محليا او دوليا , ما عدا استثمارات الجارتين غير العربيتين الذي ينشط نسبيا في الاسكان او الصناعة الغذائية.
لكي ننهض بالمهام التاريخية لهذا المنعطف الذي وضعنا بخيار الغزال لان الارنب بات مكلفا جدا التعاطي معه. ينبغي تسوية التضاريس وقلع الاشواك والادغال التي تعيق التدفق. فامريكا لا تبني مدارس ولا مستشفيات ولا تشجع على الصناعة والزراعة كأي مستثمر او لإعتبارات الجدوى او من الموقف الاقليمي او الشعبي المسيس ناهيك من عن منهجية سوق صندوق النقد الدولي او البنك الدولي , ولا تسع لتكييف سياساتها غالبا خارج افقها الاستراتجي الذي شيدته قبل عشرين عاما , بل فقط تركتنا لصندوق النقد الدولي المعرف بفشله في دول عدة والبنك الدولي الذي ينصح اكثر من غيره , على اية حال , كما جربناها وجرب غيرنا , وهذا خيارهم , وهي لا تتعامل معنا كطرف ند من خلال تحالفاتها معنا , والسفارة لا تعكس اهتماما بنا كاقتصاد بلد بقدر اهتمامها بالامن الاقليمي الذي ليس له علاقة بوضعنا الاقتصادي كطرف حاسم باستقرارنا والمنطقه اذ لهم اولوياتهم.
لذا علينا اولا شحذ آلاتنا وأدواتنا وخبراتنا لنحدل الارض , فهل نستنهض الهمم بـ 250 الف موظف مزدوج وثلاثي الرواتب ؟ ام 300 الف فضائي ؟ (جريدة الصباح 16/11/2022) , او بأصحاب الشهادات المزورة ام بدوام المدارس في ثلاثة او بدوامين بكرفانات ومدارس طينية ام بسرطانات البصرة من تلوث العملية النفطية غير الواعدة ام بعمليات التهريب التي وصلت لادنى مستوياتها في المخدرات التي بتنا مقرا وممرا لها ام بالبطالة والعشوائيات, هذه (الادغال السامة) ليس بمفعولها المالي فحسب ؟ بل ماتتركه في العائلة والمجتمع من اثار خطيرة الان وفي المستقبل. هذه الظاهرة في القطاع العام فقط كعاهة مستدامة ورائها من ورائها , فهل ينهض القطاع العام بهذا الجهاز التنفيذي ؟. اما القطاع الخاص , فنسبة مساهمته في اجمالي تكوين راس المال الثابت لعام 2019 بالاسعار الثابتة قد بلغت 9/21% مقابل نسبة مساهمة بلغت 7/34% في عام 2015 ,(اي مناخ سلبي للقطاع الخاص / جرية المدى , 22/9/2022). فمن خلال قياس نشاط القطاع المصرفي الاهلي , فمن خلال 83 ترليون دينار نقد صادر , تكون حصة المصارف الاهلية 15% منها , ونريد منه ان يقود العمل او بمساهمة ندية مع القطاع العام في الاقتصاد الحقيقي بزراعته وصناعته !
وبذلك ازدهر الاستيراد المتحالف الرديف للنافذة العتيدة ليقفز من 4/15% مليار عام 2020 الى 17 مليار للعام الذي يليه.
واكب كل هذه التضاريس غياب النقابات والجمعيات والاتحادات عمليا وبرلمانيا ولا يوجد من يمثلهم نهائيا ,في حين المفترض لهم مساهمة فاعلة باتخاذ القرار , هذا غيض من فيض من تضاريس ستكون ذا ت دور خطير بالضد من الاصلاح الاقتصادي.
نسأل ونتساءل هل المحاصصة (الثلاثية السداسية الان)’ قادرة بكتلها المتشرذمة , ان ترسم سياسة اقتصادية رصينة بما يتعلق بمخرجات القمم الثلاث وتداعياتها من خلال جاهزية الاطراف المعنية المؤثرة مباشرة باقتصادنا وسياستنا؟ وهل بامكانها ان تحد من تغول الاستيراد والاقتصاد الموازي , ام تردع الفاسدين الذين لم تنفع معهم الامتيازات الاستثائية الغريبة , بل زادتهم جشعا و تغولا , كما (يقال ان البحر مهما اتسع تبقى الامطار تهطل). كلا مهما تحالفوا ’ على الاقل يكون الاستقرار والاستثمار يحميهم لمدى ابعد منطقيا وعمليا بافضل من الحواشي والحواضن.
ونحن ترتكز على تجربة السنوات العشرين بشراكة اقليمية ودولية حيث عنوانها الفشل اولا واخيرا !!!.و(بذات الادوات).
لنقول ان فضح السرقات المحدود وإسترداد المال المنهوب هو خطوة لا يسعنا الا دعمها , من خلال مساهمة واسعة وليس من خلال الاجهزة ذات العلاقة فقط , التي هي احوج للدعم والمساندة لخلق رأي عام مساند وكتلة تاريخية فاعلة برلمانيا وشعبيا. والا ندخل في تفاصيل الترقيع جيث تكمن شياطينها, ونخسر ونستعد لجولة فشل جديدة حيث يكتسب الفاشل مناعة اشد.
لعل تجربة العلاقة مع الصين تصبح رافعة لصناعة نجاح بعد فشل تجربتنا لعشرين خلت , ليس تكنولوجيا او نفطيا , بل بروح هذه التجربة التي قفزت بالصين , فهذه الروح تقول: في عام 2006 , اصدر الحزب الشيوعي قرارات تحضر محابات الاقارب في مؤسسات الحزب والحكومة , وجاء في القرار: لا تستطيع زوجة واطفال واقارب الشخص المعين في منصب رسمي , ان يكونوا موظفين او محاسبين في المؤسسة التي يتولاها المسؤول نفسه. كما حظر القرارعلى المسؤولين العمل في المكاتب الحكومية التي تراقب اية صناعة او شركة يمتلك اقاربهم حصصا او اسهما فيها. وينص القراران فترة عمل المسؤول يجب ان تكون لفترة خمس سنوات , يعاد تقييمه بعدها. (محمد خير الوادي /تجارب الصين من التطرف الى الاعتدال / ص190/ دار الفرابي / 2008). قد يكون هذا الكلام مفهوما اخلاقيا ودينيا , ولكن في تجسيره للواقع تكمن المعظلة , من ,..خلال قوله تعالى (كبر مقتا عند الله ان تقولوا مالا تفعلوا).
ولكن كل تراثنا الثقافي يقول لنا كذلك , اذن الاشكال في الارادة الحصيفة الحكيمة ببعد نظر معقول مقبول , واخيرا نجد ان هذا الوليد وشيك , من وعي يلمس الامور كما هي وليس كما يصورها الاعلام الرسمي او المتحاصص. ولا يفوتنا ان جميع الشركاء ليسوا جهات خيرية مهما عظمت اقوالهم ونواياهم.