يرى نواب ومراقبون سياسيون أن رئيس الحكومة نوري المالكي يحرق سفنه باختلاق الأزمات الواحدة تلو الأخرى ولا يجد مخرجا من الوضع، مرجحين ان المالكي يقوم بتكليف شخصيات مقربة من حزبه وائتلافه ليشنوا الهجمات على خصومه ومنافسيه او يخوض معارك بالإنابة عبر كيانات منشقة عن ائتلافات كبيرة.
ويعتبر هؤلاء النواب والسياسيون أن المالكي وائتلافه الحاكم يعتمدان أسلوب افتعال الأزمات للتغطية على فشل الحكومة والتلكؤ في إدارة ملفات حساسة ومهمة وبخاصة التي تتعلق بالامن والخدمات والفساد المالي والإداري. ويقول احد السياسيين من التحالف الوطني الذي يضم في صفوفه دولة القانون برئاسة المالكي إن الفترة الحالية هي "فترة افتعال الأزمات" عشية الانتخابات المحلية، بينما يرى سياسيون كرد ومن القائمة العراقية ان المالكي يحاول كسب شعبية من وراء افتعال ازمات قومية وطائفية.
وادى تشكيل الحكومة قيادة عسكرية تتولى مسؤوليات أمنية في محافظات تضم مناطق متنازعا عليها في الشمال إلى تصاعد في التوتر بين بغداد وإقليم كردستان. وتطور هذا التوتر يوم الجمعة الماضي إلى اشتباك مسلح في بلدة طوزخورماتو التي تضم كردا وعربا وتركمانا، بين قوات أمن تابعة للحكومة وقوات البيشمركة أدى إلى مقتل شخص وإصابة 8 آخرين.
عضو التحالف الكردستاني النائب شوان محمد طه يؤكد لـ"المدى " ان بعض الاطراف في العملية السياسية لا تستطيع الاستمرار في عملها السياسي دون افتعال الازمات المتكررة"، موضحا أن "محاولات رئيس الحكومة في خلق الازمات هي لاشغال الشارع العراقي وابعاد انظاره عن الفشل الحكومي وفضائح الفساد".
ويرتب طه سلسلة الفشل الحكومي بالتدريج حيث يقول "الفقر في البلاد أصبح ظاهرة ووصل عدد الذين يقبعون تحت خطه أكثر من سبعة ملايين"، مضيفا "ثانيا يملك العراق أكثر من مليوني أرملة وتحاول الحكومة أن تحاربه بإلغاء البطاقة التموينية"، فضلا عن تلكؤ حكومي في ملف الأمن ومعاملة السجناء وهروب المعتقلين، معتبرا أن "الحكومة تعتمد أسلوب ترحيل المشاكل" الذي يقول عنه طه بانه "أسلوب أصبح مكشوفا بالنسبة للشعب وللسياسيين". ويطالب طه الحكومة بالاستقالة لأنها غير قادرة على ادارة الدولة ولاختلاقها الأزمات الطائفية والقومية.
لم تكن المرة الاولى التي يفتعل بها رئيس الحكومة الأزمات مع كردستان فقد اثار تصريح سابق للنائب المقرب من المالكي مجيد ياسين أزمة جديدة بين الاقليم والمركز. وهاجم مجيد خلال مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان الشهر الماضي بقوة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وقال انه "اعترض على قانون البنى التحتية لعدم رغبته بوجود اقتصاد قوي في العراق"، معتبرا أن "اعتراضه على صفقة الأسلحة مع روسيا تؤكد معارضته لوجود مؤسسة عسكرية قوية في البلاد".
مجيد هو احد "صانعي الأزمات" أو المدفوعين بقصد معين من داخل حزبه او كتلته لتأزيم الأوضاع كما يرى سياسيون ومراقبون سياسيون من اتجاهات مختلفة".
في غضون ذلك يقول نائب عن التيار الصدري شريك المالكي ضمن التحالف الوطني ان "افتعال الأزمات" هو اسلوب يتميز به دولة القانون.
ويؤكد حسين المنصوري النائب عن كتلة الأحرار أن "المالكي وائتلاف دولة القانون يسعيان إلى المماطلة والتغطية على ملفات الفساد والفشل في إدارة الدولة لحين وصول الحكومة إلى نهاية ولايتها وإجراء الانتخابات الجديدة".
ويصف المنصوري في حديث لـ"المدى" الوقت الحالي من العملية السياسية بـ"فترة الأزمات"، مشددا على ان "الحكومة فشلت في حفظ الأمن وبالبنى التحتية وأدخلت البلاد في فترة مظلمة"، موضحا ان "المالكي والمقربين منه يتحملون المسؤولية في الإخفاق الحكومي وخير دليل أن صفقة السلاح الروسي كان أبطالها شخصيات من حزب الدعوة وليس من احزاب او كتل اخرى".
وتؤيد القائمة العراقية ان حكومة المالكي تسعى إلى افتعال الأزمات واستمالة المناطق العربية في مشاكلها المتكررة مع الكرد.
ويقول عضو القائمة النائب احمد المساري ان "المالكي هو المسؤول الأول عن ملف الخدمات والأمن"، موضحا أن "المالكي فشل في تحقيق الخدمات للمواطن والعمليات الإرهابية والاغتيالات مازالت مستمرة".
ويوضح المساري في حديث لـ"المدى" أن "الحكومة تحاول جذب انتباه الشارع إلى خلافاتها المتكررة مع الكرد والأطراف السياسية الأخرى بعيدا عن فشلها في إدارة الدولة".
ويرجح المساري ان "ما يجري في كركوك والاحتكاك بين السلطة المركزية والإقليم هو لكسب الشعبية في الانتخابات القادمة واستمالة المناطق العربية إلى جانب دولة القانون لزيادة شعبيتها".