علي حسين
دخل النائب إلى الاستوديو يرتدي أفخر البدلات، ليعلن أن مرحلة صعود الدولار ستنتهي إلى غير رجعة، بعدها ظهرت النائبة الهمامة لتطلق أناشيد الفرح بأن الخير قادم، ولكي تكتمل فصول المسرحية أخبرنا أحد رؤساء الكتل بأن الدولار في طريقه إلى الانهيار وأننا من سيفرض سعره في السوق ،
كل هذه الخطابات والأناشيد، أطلقت في الليلة التي تم فيها تكليف السيد محمد شياع السوداني بتولي منصب رئيس الوزراء، كانت صيحات الإعجاب وهتافات النصر تنطلق من داخل قبة البرلمان، في ذلك الوقت خرجت علينا احدى النائبات لتشرح نظريتها في اقتصاد السوق.
كانت رائحة الانتصار تفوح، من جميع الاستويوهات التي استضافت نواباً اختلط عندهم الواقع بالخيال، في ذلك الوقت، كتب أحد المدونين يعلن أن الدولار لن تقوم له قائمة في بلاد الرافدين، لكن ما انتهى العرس واستيقظ الجميع من نشوة الانتصار حتى وجدنا الدولار يقفز من مكانه ليتحول إلى "بعبع" يطارد الجميع، ووجدنا الذين صالوا وجالوا على الهواء، يعيشون في صمت مطبق، بل أن البعض منهم أعلن أن الإمبريالية ومعها الصهيونية تتآمر على التجربة السياسية العراقية ولا تريد لها الاستقرار ، وان هناك مؤامرة دولية لمنع اقامة مشاريع خدمية في العراق .
كان من المفترض، في مثل هذه الظروف الاقتصادية، أن يتواضع أصحاب الصولات والجولات الفضائية، ويتركوا المجال لأصحاب الاختصاص، لكننا نعيش في بلاد يعتقد النائب فيها انه فقيه في القانون وخبير في شؤون المال ، وعالم في الذرة لا يقل اهمية عن عالمنا الذي نفتقده حسين الشهرستاني ، وجهبذ في السياسة ينافس " ابو مازن " احمد الجبوري ، ولغوي من عينة ابراهيم الجعفري ، ولهذا لابد من أن يحشروا أنوفهم، في كل شيء وأي شيء.
وسط هذا المناخ المشبع بالإثارة والتشويق، يعيش المواطن العراقي ظروفاً اقتصادية صعبة، وهو يشهد تهاوي عملته المحلية، وقفزات الدولار الجنونية.
في كل مرة نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في الصادرات النفطية ، ولا ندري كيف يمكن إقناع الفقراء بأن الدولارات التي ذهبت الى جيب نور زهير وشريكه هيثم الجبوري ، ستعود عليهم بالمدارس النظيفة والسكن اللائق، والقضاء على البطالة.. أيها السادة؛ لو كانت هناك ثمار للإصلاح الاقتصادي، فيجب أن تبدأ هذه الثمار بملاحقة حيتان الفساد الذين يسيطرون على الاقتصاد ومفاصل الدولة، وأن الشعب سيصفق ويؤيد، لو أخبرناه عن مافيات مزاد العملة، الناس تريد أن تسمع حقائق لا خطباً.
تخيل جنابك أن بعض النواب يخافون على الاقتصاد العراقي في الوقت الذي لا يزالون يمارسون نهباً منظماً لثروات العراق جعلته بلداً يفرح عندما تمنحه الامم المتحدة مساعدات لاغاثة اللاجئين .