علي حسين
لا تشغل بالك، عزيزي القارئ بمحاولة الوقوف على معنى "لقاء السّحاب" الذي تم بين الفنانة، كما تدعي، بنين الموسوي ورجل المرحلة علي الشريفي، ولا تضرب أخماساً في أسداس وأنت تشاهد مقدم برنامج التاسعة الإعلامي أنور الحمداني وهو يطلب من ضيوفه "المشاهير" أن يقوموا بمهمة تثقيف الشعب .
في مقدمة كتابه المهم "نظام التفاهة" يضع أستاذ الفلسفة الكندي ألان دونو هذه الجملة المعبرة عن الحال الذي وصلنا إليه: "ضع كتبك المعقّدة جانباً.. لا تكن فخوراً، ولا روحانياً، ولا حتى مرتاحاً… لقد تغيّر الزمان، فلم يعُد هناك اقتحامٌ للباستيل ولا شيء يُقارن بحريق الرايخستاغ، كما أن البارِجة الروسيّة "أورورا لم تُطلِق طلقة واحدة باتّجاه اليابان. ومع ذلك، فقد شُنَّ الهجوم بنجاح: لقد تبوّأ التافهون موقِع السّلطة".
قد يقول قارئ عزيز؛ يارجل ما الغريب في الأمر ونحن نعيش في زمن النكرات؟، فصبي مثل نور زهير استطاع أن يلفلف في وضح النهارثلاثة مليارات دولار، فيما تحول موظف صيرفة إلى صاحب عدد من المصارف يتحكم من خلالها بمزاد العملة.. وربما يسخر مني قارئ فيقول: أيها الكويتب لماذا علامات التعجب ونحن نعيش في بلد "صبيان السياسة"؟، ما الفرق بين ضيوف أنور الحمداني وبين نواب لم يبلغوا سن الرشد السياسي؟، تجدهم كل يوم يصولون ويجولون في الفضائيات، يتحدثون في الاقتصاد والسياسة والقانون وحقوق الإنسان، لكنهم يتحسسون من مفردة الثقافة، معظمهم يفقدون اتصالهم بالواقع لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات .وربما يقول ثالث وهو على حق : ان العديد من الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي تسعى لتحويل التافهين إلى "رموز"، شعارها " الترند " اولا .
في كتابه يؤكد ألان دونو أن التفاهة تظهر بشكل فجّ وصادم في مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات، وهو يعتقد أن الطامة الكبرى في هذا الميدان تكمن في الترويج لقضايا تزعزع أسس المجتمعات وتنسف ثوابتها ، فليس من الضروري كي تكون " مؤثرا " في نظام التفاهة أن تمتلك حيثيات ومهارات معينة، وأن تكون عندك رسالة لتؤديها أو كلمة نافعة لتقولها. قل أسخف السخافات، وتشدق بأكثر الخرافات لا معقولية، ولا تهتم ، فهذه هي البوابة الرئيسية لدخول عالم " المشاهير " بكفالة نظام التفاهة .
قبل ما يقارب الـ " 60 " عاما كان العالم العربي ينتظر لقاء ام كلثوم بالموسيقار محمد عبد الوهاب والذي سمي " لقاء السحاب " حيث قدما معا اغنية انت عمري ، فيما يشير لقاء "السحاب" الذي قدمه لنا " مشكوراً " أنور الحمداني، الى اننا نعيش مرحلة العشوائيات في إدارة كل شيء ، مرحلة يراد للقيم الحقيقة أن تنهزم فيها وأن تتوارث البلاد سلالة تسعى لإشاعة الركاكة والرداءة.