اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: سياسيو التوك شو

العمود الثامن: سياسيو التوك شو

نشر في: 2 يناير, 2023: 10:49 م

 علي حسين

آخر نكتة يمكن أن تسمعها، ما أطلقه وزير النقل السابق والنائب الحالي عامر عبد الجبار بأن يقوم البنك المركزي ببيع عشرة آلاف دولار شهرياً للمواطنين الذين يحملون بطاقة الرعاية الاجتماعية.. ويقترح الخبير أن المواطن الفقير يجب أن تسعى الدولة الى تحويله لبائع دولارات ، والهدف كما يقول الوزير السابق هو القضاءعلى الفقر ..وأنا أسمع السيد النائب الحالي والوزير السابق قلت مع نفسي إذا ابتليتم فاستتروا..

في واحد من أجمل حوارياته يخبرنا أفلاطون حكاية أرسطو مع تلامذته حين أخذهم إلى حقل نصبت فيه فخاخ من "الدبق" وسألهم ماذا ترون؟ فتحدث أحدهم عن ألوان العصافير، وآخر عن أحجامها، وثالث عن جمال المنظر، فقال سقراط لهم: الأهم هو أن العصافير الصغيرة وحدها من تقع في الفخ، الكبار يعرفون الفخ عندما يرونه، تعلم ساستنا أنهم لا يذهبون خارج المنصب إلا إذا أخذوا البلاد معهم إلى المجهول والخراب.

تشعر الناس بأن ثمة ظلماً كبيراً يحيط بهم، وثمة قهر واستهانة بحقوقهم، والأسوأ من هذا كله ترقيع جسد الوطن بشعارات وخطب طائفية، فنجد عضو برلمان يرفع راية إنصاف "الشيعة"، وآخر يتحدث عن ظلم "السنة"، ولا أحد يتحدث عن الوطن باعتباره جسداً واحداً، كل خلية فيه لا تعمل إلا بصلاح الخلية الأخرى، وأن الشيعي سيكون مطمئناً عندما يكون السني شريكاً ومساوياً في الواجب وحصاد الخير والمصير.

يستحق العراقي اليوم أن يجد أمامه مسؤولاً وسياسياً في مستوى التضحيات التي قدمها خلال العقود الماضية.. يستحق العراقي عدلاً اجتماعياً لا يقسم، ويشرق على جميع العراقيين، لا يشرّف المواطن "الشيعي" سياسي محتال يتحدث بالمظلومية وهو يهرّب أموال الفقراء ويشيع الفساد والخراب، ولا ينصف "المواطن السني"، مسؤول يتحدث عن الإقصاء والشراكة وتراه يقرب كل يوم أهله وعشيرته ويعتبر المنصب إرثاً عائلياً، إن ما يقوّي العراقيين مسؤولون وسياسيون يرتفعون فوق الطائفة والتحزب، في مسرحية "الإنسان والشيطان" لبرناد شو، يقول أحدهم: "السياسة، دعك من شعاراتها لأن أصحابها يعرفون كيف يكذبون"! ورأى الكواكبي أن "خداع الناس هو أساس الفساد، وقال إن المسؤول المخادع هو الذي لا تربطه بالناس رابطة الإنسانية".

لم يعد ممكنا أن يتحول العراق إلى "كعكة" توزع وفقاً لمبدأ "أعطني وأعطيك"، ملت الناس من سياسيين شعارهم "ليس في الإمكان أحسن مما كان".

قال ديغول لوزير ثقافته أندريه مالرو "مأساة السياسيين أنهم انقطعوا عن الإيمان ببلادهم" لا يمكن بناء وطن لا يؤمن ساسته به ولا يثقون بعضهم ببعض، وهذه الثقة تحتاج سياسيين ومسؤولين يحترمون عقول مواطنيهم .

ما يدور اليوم على منابر السياسة عبث يدعو إلى الأسى، ويثير الشفقة على المصير البائس الذى نعيشه بفضل سياسيين ومسؤولين يريدون أن يحولوا معاناة الناس إلى برامج "توك شو" ترفيهية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    السيد النائب معجب بمقولة ماري انطوانيت دع الفقراء ياكلوا الكيك بدلا من الخبر . فقراء العراق وشراء الدولار.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram