TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لم تجلب السياسة الصناعية الإزدهار إلى آسيا

لم تجلب السياسة الصناعية الإزدهار إلى آسيا

نشر في: 3 يناير, 2023: 11:34 م

بقلم ليبتون ماثيوز*

ترجمة :عدوية الهلالي

يتم الترويج للسياسة الصناعية من قبل الديمقراطيين والمحافظين على حد سواء كأداة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي.ويجادل البعض بأن الابتكار سيتعثر إذا لم تطبق الولايات المتحدة السياسة الصناعية على القطاعات الرئيسية.وغالبًا ما يُستشهد بقصة نجاح دول شرق آسيا لدعم قضية السياسة الصناعية .

وبينما يُلاحظ أحيانًا أن هناك ارتباطًا بين معدلات النمو المرتفعة والاستثمارات في السياسة الصناعية ، فإن هذا ليس هو الحال. فخلال الثمانينيات ، كانت اليابان هي الطفل النموذجي للسياسة الصناعية وكان يُخشى من أن الافتقار إلى السياسة الصناعية من شأنه أن ينزل الولايات المتحدة إلى مرتبة الدرجة الثانية. ولكن تبين أن هذه التنبؤات خاطئة. وبدلاً من التفوق على أمريكا ، دخلت اليابان في ركود اقتصادي طويل.

وبدلاً من دفع النمو الاقتصادي في شرق آسيا ، كانت السياسة الصناعية مكلفة وأسفرت عن العديد من الإخفاقات. ففي اليابان ، على سبيل المثال ، فشلت الصناعات التي تدعمها السياسة الصناعية في أن تصبح قادرة على المنافسة عالميًا. فقد حظي تعدين الفحم بدعم كبير من الخمسينيات إلى الستينيات ، لكنه انخفض من الخمسينيات إلى السبعينيات ، وانخفض الإنتاج من أربعة وخمسين مليون طن متري في عام 1954 إلى تسعة عشر مليون طن متري في عام 1978.

وتُظهر الدراسات البارزة للسياسة الصناعية في اليابان أن توزيع الموارد كان إلى حد كبير نشاطًا سياسيًا استفادت منه الشركات ذات الصلة وعزز مناخًا من الفساد. بالإضافة إلى ذلك ، لا يزال البحث الجديد يلقي بظلال من الشك على فعالية السياسة الصناعية في اليابان. ووفقًا لدراسة أجرتها المؤسسة الوطنية للسياسة الأمريكية ، لم يكن للسياسات الصناعية أي تأثير على إنتاجية الصناعات الأكثر ديناميكية في اليابان بين عامي 1955 و 1990.

وتكشف النتائج أن قدرًا غير متناسب من الجهود الحكومية قد ذهب إلى صناعات بطيئة النمو ومتدنية. ويكشف ريتشارد بيسون ، في دراسته ، عيوب السياسة الصناعية من خلال تسليط الضوء على نجاح الصناعات التي تلقت دعمًا محدودًا بقوله :”كانت الصناعات التي نربطها باليابان خلال فترة النمو المرتفعة ، والآلات الكهربائية في قطاع التكنولوجيا ، والآلات العامة ضمن صناعة السلع الرأسمالية، وقطاع معدات النقل (التي تشمل السيارات) قد شهدت هبوطًا بشكل عام في شروط الدعم الحكومي بين عامي 1955 و 1990. وعملت سياسة الحكومة كحاجز أمام القطاعات سريعة النمو لأن هذه القطاعات لديها معدلات ضرائب فعالة أعلى من القطاعات التي تتباطأ في النمو.

علاوة على ذلك ، أظهرت أبحاث أخرى حول هذا الموضوع أن السياسة الصناعية لم تغير الهيكل القطاعي للصناعة أو معدلات التغيير في الإنتاجية في دول شرق آسيا. فحتى بدون سياسة صناعية ، ستشهد دول شرق آسيا نموًا. ومثل اليابان ، توصف كوريا الجنوبية بأنها قصة نجاح للسياسة الصناعية ، لكن معدلات النمو تشير إلى أن البلاد كانت أكثر نجاحًا في عقود عندما كانت السياسات الحكومية محايدة للقطاع.

وعندما يدعي النقاد نجاح الاستهداف الصناعي ، فإنهم يتجنبون تمامًا مناقشة العقد الحاسم من 1963-1973. وبدلاً من ذلك ، ركزوا على العقد التالي ، عندما انتقلت كوريا إلى الصناعة الثقيلة والكيميائية. لكن معدل النمو من 1974 إلى 1982 انخفض في الواقع إلى 6.9٪. علاوة على ذلك ، في نهاية هذه الفترة ، واجه الاقتصاد عدم استقرار حاد في الاقتصاد الكلي ، مما أدى إلى التخلي عن الجهود لصالح الصناعات الثقيلة والكيماوية واستعادة سياسة النظام المحايدة. وقد سمح ذلك للبلاد باستعادة معدل 8.7٪ مابين عامي 1983 و 1995 .

وعلى الرغم من أن ورقة عام 2021 تدعي أن إنتاجية العمل في الصناعات والمناطق المستهدفة قد نمت بشكل أسرع من الصناعات والمناطق غير المستهدفة ، إلا أن هذه المكاسب تآكلت بمرور الوقت بسبب سوء توزيع موارد العمالة. فبدون سياسة صناعية ، كانت إنتاجية الصناعات المستهدفة أعلى بنسبة 40٪ في عام 1980. واتضح أن خلق بيئة أعمال مواتية هو أفضل سياسة صناعية. ولوفشلت حكومة كوريا الجنوبية في إزالة حواجز التصدير ، لما كانت كوريا الجنوبية قد أنشأت صناعة تجميل مزدهرة.

وبالنسبة لتايوان ، لاحظ المراقبون أنه في ظل غياب رأس المال الخاص ، ساعد التمويل العام في إطلاق التجارة. ومع ذلك ، بحلول الثمانينيات ، أصبح من الواضح لواضعي السياسات أن فوائد السياسات الصناعية جاءت بتكلفة كبيرة للاقتصاد. وأظهرت مراجعات السياسات الصناعية في تايوان أنها أدت إلى ظهور مجموعات المصالح المرتبطة سياسياً والتي غالباً ما قاومت الابتكار وتقنيات الإدارة الجديدة.

ومع ذلك ، وعلى الرغم من البيانات المتعلقة بأوجه القصور في السياسة الصناعية ، فإن الكثيرين يضغطون من أجل التدخل. وفي الواقع ، يعزو العلماء معجزة شرق آسيا إلى ارتفاع مستويات رأس المال البشري وإصلاحات السوق. ومن الواضح أن السياسات الصناعية تزامنت مع نجاح دول شرق آسيا لكنها لم تكن أبدًا سبب الازدهار.

*باحث ومحلل اقتصادي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ضد منافس شرس.. متى تفوز المراة بحقوقها؟

ما حقيقة استقالة وزير النفط؟

البرلمان يعتزم اطلاق دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج للحد من العنف والطلاق

(المدى) تنشر قرارات جلسة مجلس الوزراء

السوداني يؤكد التزام العراق بخطط أوبك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram